عبير شمص – ليبانون تايمز
منذ بداية إرتفاع الأسعار دعا وزير الزراعة والثقافة عباس مرتضى اللبنانيين للتوجه نحو القطاع الزراعي علما منه أن المرحلة المقبلة ستكون أصعب مالياً واقتصادياً. البعض استجاب واتخذ كلام معاليه على محمل الجد وتوجه نحو أرضه مستغلاً فترة الحجر المنزلي الذي مارسه اللبنانيون في قراهم بسبب فيروس كورونا المستجد، والبعض الآخر لم يُعر الكلام اهتماماً ربما لأنه كان يعوّل على أن ان تكون الأزمة الإقتصادية مؤقتة وان الحلول قادمة وسرعان ما ستعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.
ولكن ظاهرة حقيقية تميز بها سهل البقاع حيث شهد القطاع الزراعي فيه ازدهارا ونشاطاً مميزاً عن باقي القطاعات والأسباب كما سبق وذكرنا كثيرة منها غلاء الأسعار، وسعي المزارعين أو بالأحرى المواطنين البقاعيين إلى التخفيف من عبء الأزمة الاقتصادية، ومن جهة ثانية لم يجد ذلك المواطن الذي حُبس في قريته وتوقف عمله في المؤسسات العامة والخاصة عملاً سوى التوجه نحو الزراعة للإستفادة من وقته والتخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشه.
فقد شهدت قرى وبلدات البقاع لا سيما البقاع الشمالي حيث ترتفع نسبة الأراضي الزراعية زحفا إلى القطاع الزراعي مثل القاع ومشاريع القاع، الهرمل، النبي عثمان، شعت ورسم الحدث والكثير من القرى الصغيرة، بعضهم كان يزرع لحاجته المنزلية القليل من كافة الشتول لتغطية حاجته خلال شهر رمضان، لا سيما الخضار، والبعض الآخر اتجه إلى زراعة مساحات شاسعة جداً من أجل تصدير وبيع إنتاجه وتأمين مردود مالي وسط حالة من البطالة نوعاً ما ان صح التعبير في ظل توقفه عن عمله إما بشكل دائم حيث صرفت العديد من المؤسسات العامة والخاصة موظفيها أو مؤقت ريثما تعود الحياة الطبيعية إلى البلد.
وعن هذا الموضوع يتحدث أحد أصحاب التعاونيات الزراعية في منطقة البقاع لليبانون تايمز لافتاً إلى حجم الإقبال الكبير على شراء البذور والاسمدة الزراعية من قبل أهالي المنطقة، لم يعد هذا الإقبال يقتصر على المزارعين والفلاحين بل طال كافة أطياف المجتمع، مؤكداً ان نسبة الإقبال على البذور أكثر من ٨٥٪ لافتاً أيضاً إلى أن هناك نسبة كبيرة تلجأ إلى المشاتل لابتياع الشتول بدلاً من البذور مما يرفع هذه النسبة.
وحول أسعار البذور والشتول يؤكد صاحب التعاونية أن أسعارها شأن أسعار كل المواد ارتفع لأنه يتم استيرادها بالدولار.
المشهد في البقاع أصبح أكثر اخضراراً مع التفاتة أهالي المنطقة إلى الكثير من الأراضي والمساحات الزراعية التي كانت مهملة، ويترافق ذلك مع خطوات جريئة ومهمة لوزارة الزراعة في هذا المجال، هذه الخطوات ستسهل عمل المزارعين وتشجعهم على الزراعة وأبرزها مشروع حقول الامهات الذي أطلقه الوزير مرتضى، ويهدف إلى حماية الإنتاج الزراعي المحلي من حيث مناعة النصوب اتجاه الأمراض والعوامل الطبيعية من جهة ومن حيث تعدد مواسم الإنتاج من جهة أخرى حتى انتاج الفاكهة، وهذا يخفف العبء عن المزارعين بفضل تفاوت مسافات الإنتاج، بالإضافة إلى تصدير هذه الشتول الخالية من الفيروس و توفير الكلفة على المزارعين …
و الخطوة الثانية جاءت في إفتتاح مختبري التربة والمياه في محطة كفردان بتسعيرة مجانية للمزارعين واطلاق التطبيق الذكي “للري” الذي يضع في تصرف المزارعين خبرات تقنية وعلمية حول اوقات وانظمة الري بالإضافة إلى المساعدات الزراعية المقدمة للمزارعين الصغار والمتوسطين حيث دعاهم الوزير للتوجه الى المراكز الزراعية بعد عطلة عيد الفطر مباشرةً لتقديم طلبات الحصول على الأدوية الزراعية المتوفرة من جنزارة ، وباسيلوس ، ودواء ذبابة الفاكهة..
هذه الخطوات قد تساهم بشكل أو بآخر في تشجيع المزارعين لزراعة أرضهم وبالتالي للنهوض بالقطاع الزراعي، وتحقيق الأمن الغذائي، فرُبّ كورونا وغلاء نافعان ايقظا الناس والدولة والوزارات لتهتم بأراضٍ هي فعلاً ثروة لا يستهان بها.