غسان همداني
في المدرسة، تحديدا في الصفوف الابتدائية والمتوسطة، بعض الطلاب يتنافس على كسب رضى الأساتذة والادارة، بعضهم ذكي وشاطر، والبعض الآخر متشاطر او يحاول التشاطر، الصنف الأخير يسارع الى الإجابة فقط لإثبات الوجود، علما ان معظم الإجابات مغلوطة، ناهيك عن تسطيرهم التقارير الكاذبة، وبث الوشايات، بحق تلاميذ مجتهدين، حقدا وغلا، وعقدة نقص، واخفاءً لفشل وكسل، ومحاولة تظهير أنفسهم طلابا ملتزمين ومؤدبين.
ما أشبه البلد بالمدرسة، وما اشبه سياسييه بطلاب المدارس.
من اجل تحقيق انتصار وهمي، سارع البعض الى التبشير بلبنان بلدا نفطيا، وتم التطبيل والتزمير بإنجاز كبير للعهد، قبل ان تُعلن النتيجة الصادمة عن خلو البلوك رقم 4 من النفط، علما ان الإصرار على الحفر بالبلوك رقم 4، وليس البلوك 9الغني بالغاز، يندرج في باب المزايدة الطائفية، وطبعا في معركة رئاسة الجمهورية.
اما بالنسبة للخطة الاقتصادية، والتي ناقشها لقاء الأربعاء في بعبدا، مع ان المفروض مناقشتها في مجلس النواب، فجيرت انجازا للعهد، علما ان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد بح وهو يطالب بخطة طوارئ اقتصادية، والمضحك المبكي ان رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل قدم خطة اقتصادية جديدة، تتضمن تعديلا على الخطة المقرة في مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية!! ووزراء التكتل!!، في محاولة لإدعاء الفضل في وضع هذه الخطة، ودائما الهدف رئاسة الجمهورية.
ومن اجل تسجيل الانتصارات، سارعت الحكومة الى تخفيف التعبئة العامة، وفتح المصانع والمحلات على دفعات، وبادر معالي وزير الداخلية بالسماح لدور العبادة فتح أبوابها امام المصلين، مشددا على اتخاذ سبل الوقاية، واذا بعدد المصابين يرتفع بشكل نافر وهو مرشح للارتفاع ما لم يُتخذ تدبير رادع، او يعاد النظر بتخفيف التعبئة العامة.
اما ادعاء الطهارة والنزاهة والقداسة والطوباوية فحدث ولا حرج، فقد اتحفنا وزراء التيار الوطني ونوابه وكوادره بمحاربة الفساد، وفجأة فتحت قضية الفيول المغشوش في وزارة الطاقة، هذه الوزارة التي يقبض عليها التيار منذ عشر سنوات وأكثر، والتي كلفت الخزينة ملايين الدولارات التي ذهبت بمعظمها الى أناس محسوبين على التيار، سواء كانوا أشخاصا او شركات، وتنصل وزراء الطاقة المتعاقبين من المسؤولية تحت حجة ” لم نكن نعرف”، واصدار صك براءة من رئيس الجمهورية بحق الوزير جبران باسيل بحجة اغتياله سياسيا، ودائما فتش عن كرسي الرئاسة.
ولا يقتصر الامر على نواب التيار، فيطالعك الوزير السابق وئام وهاب رافع لواء محاربة الفساد، باتهام الفترة السابقة التي حكمت لثلاثين سنة، ناسيا انه كان وزيرا خلالها، وكان ملحقا او تابعا لبعض أركانها، متقلبا من مكان لآخر، ناقلا البندقية من كتف الى كتف، بحثا عن موقع ما، او مكرمة ما، مستخدما لسانا سليطا ولغة بذيئة، مبتزا في كثير الأحيان، وقد بدأت الدعاوى القضائية تظهر للعلن، وبدأت إنجازاته في محاربة الفساد تتجلى من خلال شركات تصدير، وسمسرات وغيرها.
اما بالنسبة لسيادة اللواء جميل السيد، فنكتفي بسؤاله من أين لك هذا، أمن إرث ورثه، أم كنز عثرعليه، أم هو نتاج راتبه كمدير عام للأمن العام ؟؟!! ونحيله الى تقرير أعدته قناة الجديد في العام 2004 عن امواله وممتلكاته.
ولا يقف الأمر عند حدود أهل السياسة، بل يتعداه الى الاعلام، ومحققيه، هيركيول بوارو، وشارلوك هولمز، وكونان، الذين كانوا يصولون ويجولون في فتح ملفات الفساد، وللمفارقة كانوا يجهدون ضد حركة أمل ورئيسها، ولم ينجحوا في اثبات أي ملف، بلعوا السنتهم، وصمتت أصواتهم، مع ظهور تورط أحدهم في فضيحة وزارة التربية في العراق، كذلك الامر بالنسبة لقناة تورط مالكها في قضية التخابر الدولي.
نعود للمدرسة، في الامتحان كان النجاح حليف المجتهدين، والرسوب حليف المتملقين والمبخرين، مع بعض الاستثناءات، وكذلك الامر في الحياة السياسية، ” فالشمس طالعة والناس قاشعة ” ، وعند الامتحان يكرم المرء او يهان.