أحمد الحاج – ليبانون تايمز
لم ينتظر لبنان كثيراً ليتلقى الرد من صندوق النقد الدولي والذي كان مطمئنا ومبشرا، بعد موافقة الأخير على تقديم مساعدات “بشكل سريع”.
حيث اعتبرت مصادر مالية أن “الموقف الدولي من مساعدة لبنان لم يتغيّر منذ سنتين، فالمجتمع الدولي والجهات المانحة واضحة في شرطها الاساس لدعم لبنان وهو تنفيذ الاصلاحات ووقف الهدر، وفي مقدمها بملف الكهرباء”، متوقفة في بيان الخارجية الفرنسية عند الجملة الأهم برأيها وهي أن “الضروري الآن للبنانيين هو تطبيق الاصلاحات لتمكين البلاد من التعافي”.
الحكومة كانت يجب ان تلجأ الى صندوق النقد الدولي من شباط الماضي وليس من اليوم، لأنها من دون هذه المساعدة لا تستطيع ان تفعل شيئاً، وهو ما أدى الى تفاقم الأزمة.
ولكن صندوق النقد لن يعطي شيئا الا بعد ان تنفذ الحكومة الاصلاحات في الكهرباء والقضاء والادارة كما وعد لبنان، وقبل تحقيق ذلك لن تحصل الحكومة على شيء، لأن صندوق النقد عندما يوافق على اي مساعدة يفرض تنظيمات معينة على الدولة.
وفي هذا الصدد أعلن وزير المالية غازي وزني، أمس الجمعة، أن الاتصالات مع صندوق النقد أفضت إلى إعلانه الجاهزية للمساعدة.
وقال وزني، في تصريح له، إن لبنان اعتمد سياسة نقدية مرنة، ولن يكون هناك تغيير في سعر الصرف الرسمي. واقترب سعر صرف العملة في السوق السوداء، من 4 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، فيما يستقر رسميا عند 1508 ليرة، وهو السعر الذي حدده البنك المركزي منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.
وأكد وزني أن “وزير المالية الفرنسي (برونو لومير) عبر عن دعمه بشكل كامل لخطة الإنقاذ الاقتصادية، ولقرار صندوق النقد تقديم المساعدة للبنان”.
وتعليقا على رفض جمعية “مصارف لبنان” (تجمع نقابي) لخطة الإنقاذ الاقتصادية، ردّ وزني بأنه من حقها “التعبير عن رأيها، والتواصل معها طبيعي ومستمر، وكل شيء قابل للنقاش”.
وأوضح وزني، أن “الخطة هي إحدى النقاط الأساسية لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي، والحكومة تعمل جاهدة لدعم القطاع الإنتاجي من صناعة وزراعة، ونحن في أزمة جدية وحقيقية”. ومن جهته، اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر أن استلام صندوق النقد الدولي طلب مساعدة من لبنان يمثل اعترافا من الحكومة اللبنانية بحجم الأزمة المالية، معتبرا أن هذا أمر مثمر.
وأوضح في حديث لـ”سكاي نيوز” أن واشنطن تنظر في الخطة الإنقاذية التي وضعتها الحكومة اللبنانية، لكنه قال إن الأمر يعتمد في نهاية المطاف على مدى استعداد الحكومة اللبنانية للقيام بالخطوات اللازمة للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي. وأضاف أن أي أموال ستقدم من صندوق النقد هي ليست مساعدات مجانية بل هي مشروطة بخطوات إصلاحية تساعد على إيجاد عوائد للدولة وتتيح للصندوق ممارسة الرقابة على اقتصاد الدولة. واعتبر شنكر أنه “من اللافت أن نرى ما إذا كانت هذه الحكومة التي يشكل حزب الله جزءا منها قادرة على الالتزام كليا بالإصلاح”، خصوصا وأن الحزب كما قال يعتمد “على التمويل غير القانوني والفساد وتجنب دفع مستحقاته للدولة كالجمارك والضرائب”.
وعن العلاقة مع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي إنه ليس سرا ان واشنطن لديها علاقة مثمرة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكنه شدد على أن العلاقة مع لبنان هي علاقة مع مؤسسات.
وكانت وكالة “بلومبيرغ” قد نشرت مقالاً أعدّه حسين إبيش، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أشار فيه إلى عدم وجود خطّة جادة لإنقاذ الإقتصاد اللبناني من حافة الإنهيار، وتساءل إن كان ما يحدث هو إصلاح أو دمار للبنان، وخلص إلى أنّ الخيار الوحيد أمام لبنان يتمثّل بالإستعانة بصندوق النقد الدولي.
وتطرّق الكاتب إلى عودة التظاهرات في لبنان، التي يرفض المشاركون فيها الجوع، بعدما كانوا يركزون في تظاهراتهم السابقة على رفض الفساد وسوء الإدارة، ويطالبون بإجراء إصلاحات إقتصادية وسياسية، في الوقت الذي يتغير فيه سعر صرف الليرة مقابل الدولار، فقد فقدت الليرة 12% من قيمتها في يوم واحد الأسبوع الماضي، ووصلت قيمتها إلى النصف منذ تشرين الأول بالتزامن مع أزمة ديون كبيرة.
واعتبر الكاتب أنّ السياسيين ليست لديهم خطة واضحة للخروج من الأزمة، فيما تلقي الحكومة ومؤيدوها اللوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكنّ الأخير ردّ موضحًا أنّ ما فعله كان حائزًا على موافقة.
ووفق الكاتب فإنّ سلامة يتحمّل مسؤولية لكنّه موظف، أمّا الحلّ الوحيد لإنقاذ الإقتصاد فيتمثل بدعم من صندوق النقد الدولي، لكنّ الحكومة التي يسيطر عليها “حزب الله” وحلفاؤه لا يريدون هذا الخيار الآن والشروط والإصلاحات المرفقة. وأضاف الكاتب أنّ “حزب الله” يدرك أنّ لبنان سيسعى إلى عقد إتفاق مع صندوق النقد، إلا أنّه يحاول أن يضمن أن تكون الإصلاحات قليلة واقتصادية لا سياسية. ولفت الكاتب إلى ما توقعه وزير الاقتصاد اللبناني السابق ناصر سعيدي عن أنّ لبنان يحتاج حزمة إنقاذ مالي تتراوح بين 20 مليار و25 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، فيما توقع البنك الدولي أن يصبح 45% من اللبنانيين تحت خط الفقر، لكنّ الحكومة كشفت مؤخرَا أنّ 75% من المواطنين يحتاجون دعمًا مباشرًا، وفقًا للكاتب الذي تخوّف من انهيار المؤسسات مع زيادة اليأس بين اللبنانيين.
وأوضح الكاتب أنّ لحظة الحقيقة تقترب بشكل سريع بالنسبة لرئيس الوزراء حسان دياب والرئيس ميشال عون و”حزب الله”، مشيرًا إلى أنّ مصادر التمويل الأخرى التي كان يعتمد عليها لبنان مثل الدول الخليجية، لن تكفي لا سيما وأنّ جائحة “كورونا” وانخفاض أسعار النفط هما عاملان أثرا بقدرة المساعدة.