نانسي وزني – ليبانون تايمز
أب يضرب ابنة الخمس سنوات حتى الموت، آخر تشاجر مع زوجته فدفع ابنتيه عن شرفة المنزل. والد خلود أرسلها لشراء السجائر خلال ساعات الحظر لكنها عادت من دونها فضربها بعنف. هذه الأحداث ليست اقتباسات من روايات ولا مشاهد من أحداث فيلم هوليوودي، انها وقائع حصلت في الأسابيع الماضية في ظل الحجر الصحي مع انتشار وباء كورونا في لبنان، و الذي على ما يبدو كان أرأف حالاً بنا من أنفسنا.
مع اقتراب حصر وباء كورونا، تفشى في مجتمعنا وباء التعنيف الأسري، فخلف أبواب الحجر صرخات استغاثة علت لأن الفيروس المعشعش في خلايا بعض المنازل كان أشد ضررا من الكورونا، وأشد إحكاما على أرواح بعض أفراد الأسر، فهل من مجيب؟
كشفت الكورونا عن آفة اجتماعية خطرة، والتي هي أكثر من مجرد وباء عالمي يضع حياة الكثيرين على المحك، حجم العنف الأسري المتفشي، الأمر الذي ظهر جليا وسجل نسب مرتفعة غير مسبوقة، خاصة مع ارتفاع نسبة العنف حول العالم ضد النساء خلال الحجر المنزلي، والذي أكد عليه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بحيث دعا الحكومات في سياقه إلى تضمين حماية النساء في استراتيجيات مواجهة فيروس كورونا.
و في السياق، كانت نتائج الحجر كارثية على العالم بشكل عام ولبنان بشكل خاص في الوقت الذي كان يعاني مسبقا من ضائقة اقتصادية. والجدير بالذكر أنه لا يوجد أيّ مبرر للعنف مهما كانت الأسباب وتعددت الظروف، ومع ذلك فإن الضغوطات الاقتصادية التي تشهدها البلاد والنفسية التي سببها الحجر، عدا عن ذلك الأخبار التي نتابعها والقلق الملازم للمواطنين بالاضافة الى أعداد المرضى وأرقام الوفيات المخيفة التي نحصيها يوما بعد يوم، كل ذلك شكل عامل ضغط بحد ذاته.
العنف الأسري قد يكون جسديا أو لفظيا وهو يمارس من قبل الرجل باتجاه المرأة، أو الأهل على الأولاد، وفي أحيان اخرى من المرأة على الرجل. وقد ارتفعت نسبة التبليغات و شكاوى العنف الأسري التي تتلقاها الجمعيات وقوى الأمن الى نسبة 100% مقارنة بين آذار من العام 2019 وآذار 2020 وهذا مؤشر خطير جدا.
نشرت منظمة “أبعاد” والتي تعنى بالموارد للمساواة بين الجنسين، احصاءً في 17 من الشهر الحالي مفاده أن عدد التبليغات التي تتلقاها بلغ أكثر من الضعف مقارنة مع الربع الأول من العام 2019.
في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المنازل هي الملجأ والملاذ الآمن بعيدا عن الوباء، هناك منازل موبوءة بالتعنيف المنزلي وهو أشد خطرا وفتكا من الكورونا، لذا يجب توعية المواطنين ونخص بالذكر النساء والأطفال عن أهمية التبليغ عن العنف الذي يتعرضون له أينما كانوا و أي ما كانت جنسيتهم.
الشراكة الزوجية ليست لاستعباد النساء، فالبيوت لا تخلوا من المشاكل وهنالك آراء مختلفة وعدة وجهات نظر، فلا تدعوا أطفالكم و نساءكم يعيشون في أجواء سلبية في هذه الظروف الصعبة. كما أنه على الحكومة اللبنانية الإسراع في إدراج ملف العنف الأسري على جدول أعمالها كقضية ملحة وأن يكون مدرجا في سلم أولوياتها لإيجاد الحلول السريعة والفعالة للحد من العنف الأسري في ظل أزمة كورونا والعزل المنزلي.