خلود شحادة – ليبانون تايمز
يحمل بيده جهاز التحكم، يتنقّل بين قناة تلفزيونية وأخرى. يحمل هاتفه يتصفّح المواقع الاعلامية، محاولاً نهل معلومة تهدئ من خوفه الذي يرافقه من لحظة استيقاظه، ولا يفارقه حتى في أحلامه!
هذا المشهد اليومي في حياة كل لبناني، بل كل انسان، يعيش في عالم بات في حرب مع عدو خفي، يحاول محاربته بدعم مناعته الجسدية، علّها تقيه خطر الشهيق والزفير عبر ماكينات التنفس الاصطناعي.
وبخضمّ كل هذه الضغوطات، بات لزاماً على الجميع التيقّن، أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، بل هي جزء لا يتجزأ منها.
في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أكدت الأخصائية في علم النفس العيادي حنان نصر، أن الهلع والخوف يؤثران على الصحة النفسية، لافتة الى أن الاعلام الذي يبث الاشاعات والمعلومات غير الدقيقة، يولد القلق على المستويين الفردي والاجتماعي.
وأوضحت نصر، أن الخوف يكون معمماً، مثل الخوف من الاصابة بالكورونا وهو ايجابي، لانه يدفعنا للوقاية ولا يعيق حياتنا اليومية. أما الهلع والذي يكون على صعيد اجتماعي، هو عبارة عن نوبات متكررة تتمثل برعشة قلب، التلفظ بعبارات سوداوية، وعندها لا يستطيع الفرد التكيف مع الحياة اليومية بشكل سليم.
وأكدت “نصر” ضرورة توصيف فيروس كورونا للأطفال والمسنين، لأن الراشدين لديهم مصادر المعلومات والقدرة على فهم الواقع. أما المسن فهو يريد الحقيقة كاملة، لكن حسب معتقداته التي يؤمن بها، وبالتالي يجب شرح المعلومة له بالطريقة التي تتناسب مع ذلك.
اما الطفل فيريد المعلومة ولكن باسلوب مبسط ليتمكن من فهمها. وأوضحت أن طريقة الشرح يجب أن تعتمد على الصدق والهدوء، عبر ايضاح الامور كما هي من دون مبالغة او نقصان، لأن الطفل يجب ان يعلم اننا جميعنا معرضون للاصابة، حتى هو. ولكن من دون تهويل حتى لا يمتص الشعور بالقلق منا، اضافة الى تعبئة وقت الطفل بالامور المفيدة( قراءة- كتابة- رياضة- تنظيم الاكل).
وأشارت الى أن الطفل يستمع لكل الاحاديث والنشرات الاخبارية المتابعة من قبل البالغين، لذلك يتوجب علينا سؤاله ماذا فهم من ذلك لتصحيح المفهوم المغلوط لديه، مؤكدة أن الطفل مرن ويتسطيع التكيف.
أما فيما يخص المصاب بفيروس كورونا، فلفتت نصر الى انه يمر بخمس مراحل وهي:
- الصدمة: وهي عندما يتلقّى الشخص خبر اصابته.
- الانكار: وعندها يطالب بإعادة الفحص.
- الاحتجاج: هنا يبدأ بالسؤال لم انا وليس غيري؟
- الكآبة: المصاب بالكورونا يعاني من الاكتئاب لأن المريض بالحالة الطبيعية بحاجة لمحبيه، لكن هذا الفيروس لا يسمح بوجود من نحب من حولنا مما يؤدي الى اصابة المريض بالكآبة، ويعتبر نفسه نموذجا للوباء والناس تنفر منه.
- القبول: وهي المرحلة الأخيرة التي يتقبل فيها المصاب الامر الواقع، ويتعايش مع المراحل المرضية.
وأوضحت أنه يمكن ان تستمر بعض الاضطرابات النفسية حتى بعد شفائه من الإصابة، وذلك يعود الى المناعة النفسية لكل فرد.
بالنسبة للبالغين، أكدت الأخصائية في علم النفس العيادي حنان نصر، أن كثرة الاخبار والشائعات السلبية تؤدي الى الشعور بالضغط النفسي والعصبي، لذلك يجب السيطرة على الوقت الذي نستنزفه لمتابعة الأخبار، ومحاولة ملء الفراغ بأنشطة تغذي الفكر وتنشّط الجسد.
ولذلك أوصت نصر بأهمية الجلوس مع العائلة اكثر، الابتعاد عن الاخبار السلبية المنتشرة، التواصل مع الاخرين عبر الهاتف، المبادرة للمساعدة، التواصل مع الاختصاصيين النفسييين،
اضافة الى الاتجاه للكتابة في حال التعثر بالكلام، وعدم نكران الشعور الذي نعيشه.
في زحمة الأخبار المزعجة، وعتمة الظروف التي تجتاح البلاد، يبقى العلاج الوحيد لما نعيشه هو “الأمل”. فمن خلاله نجتاز المراحل الصعبة، ننتصر على المرض، ونحلم باليوم الذي سيطلع به صباح جديد، لا أخبار عن كورونا، لا ضباب يحجب عنّا شعاع الفرح… ونكون حينها قد انتصرنا “بالصبر والأمل”.