اعتبر محافظ بيروت القاضي زياد شبيب “أن أهمية هذا اللقاء العلمي اليوم، تكمن في الجدوى منه وفي التأسيس على دروس القرن التاسع عشر لأخذ العبر منه حاليا”، وقال: “إن النهضة في تاريخ الشعوب، في روسيا مثلا خلال القرن الثامن عشر، وفي أوروبا الغربية قبل ذلك، وفي بلادنا خلال القرن التاسع عشر هي نتيجة حالة وعي فردي وجماعي”.
ورأى أن “المدارس التي تأسست في تلك الحقبة الرومية وغيرها، المحلية أو الوطنية، والتي كانت بمبادرة من الجمعية الأمبراطورية وغيرها من المدارس والإرساليات الغربية على مختلف طوائفها والمؤسسات والجمعيات المحلية كجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وغيرها، شكلت كلها في ذلك الوقت بنية سمحت بتعليم الأجيال، وأنشأت حالة وعي على شتى أنواع المعارف، وأطلقت الأفكار والإبداع في مختلف المجالات، بما فيها العمارة والفنون والسياسة”.
وقال: “إن الفارق بين نهضتنا في ذلك الوقت والنهضات التي حصلت في البلاد الأخرى بأوروبا وروسيا والصين وغيرها، أن كل هذه الأفكار والمحاولات والإبداعات لم تصل في بلادنا إلى مرحلة التحول إلى تطبيقات عملية ولم تدخل في نظم الحكم ولم تحول حياتنا العامة باتجاه المبادىء التي كانت تطمح إليها، لا بل تكسرت كأمواج على صخور الأحداث الكبرى والتحولات التي عاشتها منطقتنا في القرن الماضي”.
واعتبر أن “حالة الوعي لا تزال موجودة، بدليل تأسيس الجمعية الثقافية الرومية، وقيامها بردم الهوة في الذاكرة الجماعية لأبناء هذه الحضارة وإخوانهم ومحاولة المصالحة مع الذاكرة والتاريخ وفهمهما تأسيسا للمستقبل”.
أضاف: “نحن لا نعيش في عصر انحطاط ثقافي وحضاري في لبنان والمشرق، كما يقال أحيانا، بل قد نكون في مرحلة ركود أو برودة أو فتور في البعدين الروحي أو الكنسي، مقابل النهضة الروحية التي عاشها كل من أنطاكيا ولبنان في أربعينيات القرن الماضي من تأثيرات النهضة التربوية وتداعياتها”.
وتابع: “نحن في حالة فتور وخيبات أمل متعددة على المستوى السياسي، وعلى المستوى الثقافي هناك تراجع. أما على المستوى الفني فهناك تسليع، ولكن عموما لسنا في حالة انحطاط على كل المستويات، لا سيما أن الوعي ما زال قائما، وإن لقاءنا اليوم في حد ذاته هو مؤشر”.
وختم: “أعتقد أن عمل الجمعية الثقافية الرومية سيتحول إلى شرارة تطلق نهضة ثقافية جديدة، علها تلتقي مع شتى أنواع المبادرات والمحاولات التي أراها هنا وهناك في بيروت ولبنان لتشكل مجتمعة نهضة جديدة في القرن ال21، تعيد لنا ما نحلم به وما حلم به أسلافنا الذين أسسوا لمرحلة النهضة السابقة. هذه بداية وانطلاقة تضيفها هذه الجمعية إلى البعد الآخر الذي كانت تعمل عليه من محاضرات وتكريم للمبدعين الراقدين والأحياء”.