محمد علوش- صحيفة الديار
منذ ما قبل 17 تشرين الأول وانطلاق الحراك الشعبي في لبنان للمطالبة بالتغيير والإصلاح الحقيقيين، نسمع عن إجراءات موجعة لا بد من اتخاذها للخروج من النفق المالي المظلم الذي دخلت فيه الدولة منذ الصيف الماضي، واليوم عدنا الى سماع النغمة نفسها مع اقتراب إعلان رئيس الحكومة حسان دياب عن الخطة المالية المنتظرة. فما هي أبرز هذه الإجراءات الموجعة؟
بداية لا بد من التذكير أن الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري بدأت بدراسة ما يسمى بالإجراءات الموجعة في أيلول من العام 2019، ضمن لجنة أعدّت خصيصا لهذه الغاية، ولكنها لم تبصر النور بسبب الأحداث المتسارعة التي وقعت في تشرين الأول. وفي هذا السياق تكشف مصادر سياسية متابعة أن الإجراءات الموجعة التي يُفترض أن تتضمنها خطة الحكومة الحالية لن تبتعد كثيرا عن تلك التي كانت تُدرس في حكومة الحريري، كون الاقتراحات بأغلبها صدرت عن لقاء بعبدا الاقتصادي الشهير الذي حصل بتاريخ 2 أيلول 2019.
وتشير المصادر الى أن النقاط الأساسية التي بحثتها الحكومة السابقة ويفترض ان تتبناها الخطة الحالية، هي وقف التوظيف بشكل كامل، رفع الدعم عن الكهرباء، زيادة الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات حصرا، وفرض المزيد من الرسوم على الدخان، زيادة الحسومات التقاعدية، وتجميد زيادة الرواتب لعدد من السنوات يُتوقّع أن تكون ثلاثاً، على أن لا يخسر الموظف حقه في الزيادة مستقبلا، تجميد الترقيات، والرسوم على المحروقات.
قبل الدخول أكثر في تفاصيل الإجراءات الموجعة، مع التأكيد أننا بصدد الحديث عن أبرزها لا كلها، ينبغي على اللبنانيين أن يعلموا بحسب ما تؤكد مصادر مصرفية أن إجراءات المصارف «الموجعة» للبنانيين جميعا، لا علاقة لها بالاجراءات الموجعة التي يتحدث عنها المسؤولون والتي يُنتظر أن تصبح أوضح في الأسبوع المقبل، وبالتالي كل ما يعانيه اللبناني أمام المصرف، لا يدخل ضمن هذه الإجراءات، وما يجب أن ينتظره هو أصعب ويدخل في صلب حياته ومستقبله، مشددة على أن أكثر الإجراءات المتوقعة ضرورية جدا بشرط تزامنها مع تنفيذ كامل لباقي بنود الخطة، لكيلا يحمل المواطن وزر الإنهيار.
بالعودة الى الإجراءات، فإن المطروح بحسب المصادر بما يتعلق بزيادة الضريبة على القيمة المضافة فهو رفعها الى حدود 17 بالمئة كحدّ أعلى على سلع معينة تُعتبر من الكماليات المخصصة لفئة غنية من اللبنانيين، ورفعها الى حدود 15 بالمئة بالنسبة الى سلع كمالية اخرى، اما بالنسبة الى رفع الدعم عن الكهرباء فهو لم يحظ حتى الان بتوافق كامل، كونه لا يمكن أن يُطرح قبل تعديل خطة الكهرباء والبدء بتطبيقها، اما بالنسبة الى تجميد التوظيف فهو الى حدّ ما قد بدأ تطبيقه.
وتشير المصادر الى أن زيادة الحسومات التقاعدية فالمطروح رفعها بحدود نقطتين مئويتين، مع وجود مطالبات برفعها نقطة ونصفاً فقط، اما بالنسبة لأسعار المحروقات، فهنا تؤكد المصادر أنه من غير المطروح حتى اللحظة السير بنصيحة مؤسسة دولية معينة بفرض ضريبة على البنزين بقيمة 5 آلاف ليرة لبنانية، مشيرة الى أن البحث يتركز حول تحديد سقف أعلى وسقف أدنى لسعر الصفيحة، وبذلك يكون المواطن مستفيدا بحال تخطى السعر العالمي الحد الأعلى للصفيحة، وتستفيد الدولة أكثر بحال انخفض السعر العالمي الى ما دون الحدّ الادنى المحدد.
وتلفت المصادر النظر الى أن زيادة الرسوم على الدخان لا تحدده الحكومة بل الجهة المختصة بذلك أي الريجي، مشيرة الى أن أسعار الدخان ارتفعت أصلا مع تبدّل سعر الدولار، ولكنه من غير المستبعد رفعها أكثر، خصوصا أن هذه السلعة لن تجد من يدافع عن غلاء سعرها كون هذه الخطوة أصبحت متّخذة في كثير من دول العالم على اعتبار أنها مضرّة بصحة الإنسان.
تكشف المصادر أخيرا أنه لا يمكن إعلان الخطة الإقتصادية والمالية بحال لم تكن تحظى بموافقة كل أطراف الحكومة، وبالتالي ينتظر اللبنانيون بصبر نافد الكشف عن تفاصيل الإجراءات الموجعة التي باتت تشكل عبئا نفسيا عليهم قبل إطلاقها، مع تمنياتهم بأن لا تكون بشكل ضرائب مباشرة، لأنه بحال أشعل اقتراح زيادة الرسوم على الواتساب الشارع، فإن فرض ضرائب جديدة مجحفة قد تشعل لبنان بأكمله.