نشرت مجلة “ذي نيوريببلك” مقالا لمحرر المقالات الطويلة، ريو سبايث، يتحدث فيه عن احتمالات تعرض رئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للخطر.
ويقول سبايث في مقاله، إنه على خلاف رده الغاضب على أحداث لاحقته طوال حكمه، فإنه عبر عن “تعقل” وهدوء في مواجهة انتشار فيروس كورونا، الذي أودى بحياة 3 آلاف شخص ودخل إلى أميركا.
ويشير الكاتب إلى أن “ترامب رد على الملاحقات القانونية والمحاكمة والأزمات الوجودية بتوقيعه المعروف، وهو الغضب والتغريدات واتهام الحزب الديمقراطي والدولة العميقة، وحتى (فوكس نيوز) التي يتابع برامجها، ووصف كل ما نشر بأنه (أخبار مزيفة)”.
ويلفت سبايث إلى أن هذا كله لم يكن واضحا في مؤتمره الصحافي يوم الأربعاء، حول رد إرادته على فيروس كورونا، فقال إن “الخطر على الشعب الأمريكي يظل متدنيا”، وزعم أن ظهور حالات جديدة في أمريكا “ليس محتوما”، رغم قول نائبة مدير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، آن شوشات، قبل مؤتمر الرئيس بلحظات: “نتوقع المزيد من الحالات”، بحسب ما نقلته عنها صحيفة “واشنطن بوست”، التي كشفت عن ظهور أول حالة كورونا في كاليفورنيا.
ويذكر الكاتب أن ترامب أكد أن إدارته “مستعدة جدا جدا لذلك”، وأن مركز جون هوبكنز يعد المركز الأول المستعد لمواجهة الأوبئة، وأن انتشار المرض “سينتهي”، مشيرا إلى أن هناك توهمات خيالية في هذه التأكيدات المضنية، تماما كما أكد ترامب، دون دليل، أن مرض كورونا “سينتهي” عندما تحضر الفصول الدافئة.
ويقول سبايث: “يمكننا القول إن هذا تعبير عن ترامب الذي نعرفه، وهو يقوم بنشر الأخبار المضللة تم التلاعب بها، لكن رده يكشف عن حالة من عدم ارتياح عميق لدى الرئيس، الذي يشعر بالخوف من تهديد كورونا على رئاسته”.
ويرى الكاتب أن “الميزة الوحيدة التي كانت ستسهم في إعادة انتخابه هي أن الوضع الاقتصادي في أميركا جيد، فأدى الفيروس إلى تدمير أكبر اقتصاد في العالم، وهو اقتصاد الصين، في وقت تحاول فيه السلطات السيطرة على الوباء”.
وتنقل المجلة عن رئيسة الاحتياط الفيدرالي الأميركي السابقة، جانيت يلين، قولها إن كورونا قد يدخل “أميركا في حالة من الركود”، فيما قالت “مودي أناليتكس” إن هناك فرصة بنسبة 40% لظهور ركود بسبب فيروس كورونا.
وينوه سبايث إلى أن “الأسواق المالية الأمريكية تعيش حالة خوف من إمكانية تحول الفيروس إلى وباء عالمي، ولم تعد السوق المالية مقياسا لأي شيء غير الثروة التي يحصل عليها الأغنياء، ولهذا السبب يراقب ترامب الوضع بقلق، ونشر يوم الأربعاء تغريدة، قال فيها إن شبكة (سي أن أن) و(أم أس أن بي سي) تعملان قدر الإمكان لجعل فيروس كورونا يظهر بصورة سيئة، بما في ذلك نشر الفزع في الأسواق”.
ويرى الكاتب أن “عافية الاقتصاد وإمكانية انتخاب ترامب لولاية ثانية يعتمدان على الطريقة التي سترد فيها إدارته على الأزمة، ويكفي القول إن الفعالية والقدرة ليستا من ميزات إدارة ترامب، كما قالت لوري غاريت في مجلة (فورين بوليسي)، فإدارة ترامب وضعت نفسها في موضع الفشل، (ففي عام 2018 قامت إدارة ترامب بعزل التسلسل القيادي الذي يستطيع الرد على الوباء، بما في ذلك إدارة البنى التحتية في البيت الأبيض، ومن خلال المكالمات العديدة التي قمت بها والرسائل الإلكترونية التي أرسلتها إلى فروع الحكومة الأمريكية كان الرد الوحيد الذي تلقيته هو حيرة مثيرة للشفقة)”.
ويفيد سبايث بأن “كل ما استطاع ترامب تقديمه لمواجهة فيروس كورونا هو تعيين نائبه مايك بنس لتنسيق جهود منع انتشاره، مع أن سجل نائب الرئيس يحفل بالفشل، خاصة عندما حاول مواجهة انتشار مرض الإيدز في ولايته إنديانا، وأفشل الجهود من خلال معارضته القاسية والسخيفة لتبديل الإبر، على خلفية أن توفر الإبر قد يشجع على زيادة استخدام المخدرات”.
ويقول سبايث: “يذكرنا سجل بنس أن الإدارة لديها مشكلة أساسية في المعرفة عندما يتعلق الأمر بالصحة والعلم، التي ستصبح أكثر وضوحا في حال تحول الأمر إلى وباء، واقترحت إدارة ترامب قطع الدعم عن مركز السيطرة على الأمراض، وهو (قرار لم يكن سليما على أي مستوى) كما قال مديره السابق توم فريدين”.
ويبين الكاتب أن “من الملامح السيئة لترامب هي أن معظم المرشحين الديمقراطيين يقيمون حملاتهم بناء على نقد النظام الصحي المتداعي في ظل إدارة ترامب، ولم يكن الوباء لينتشر على الشواطئ لولا الثغرات في النظام الصحي، فعندما حاول المواطن من فلوريدا، أزميل أزكو، القيام بواجبه المدني والفحص في المستشفى للتأكد من إصابته بالمرض، فإنه كوفئ على إخلاصه بفاتورة من 3 آلاف دولار عليه دفع نصفها”.
ويشير سبايث إلى أن المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز هاجم في بيانه وزير الصحة والخدمات البشرية أليكس أزار، الذي كان مديرا لشركة أدوية، وزاد من ثمن الأنسولين عندما كان في شركة “إيلي ليلي”؛ لأنه رفض توفير لقاح مضاد لكورونا للجميع، وقال ساندرز: “في ظل عقيدة ترامب.. لو كنت ثريا تستطيع شراء اللقاح، ولن تتعرض للمرض، ولو كنت فقيرا أو من الطبقة العاملة فقد تمرض أو تموت”.
ويعتقد الكاتب أن “ما يخيف ترامب هو عدم القدرة على التكهن بطريقة انتشار الوباء، كما في حالة الكوارث الطبيعية، وهذا يعني أن عليه أن يتعامل مع الأمر بهدوء، وأن يكون ذكيا بما فيه الكفاية، ويتخذ قرارات ويتجنب خيارا سيئا أو صورة غير مناسبة، أو صوتا ما يجعله ينحدر إلى الهاوية، كما حدث لجورج دبليو بوش في رده على إعصار كاترينا”.
ويرى سبايث أنه “لو أراد أن يبقى مفضلا لدى الناخبين فإن عليه إظهار التعاطف مع المصابين، الذين قد يفقدون حياتهم، وهذه مشكلة الرئيس الذي فشل دستوريا في إظهار مشاعر التضامن مع الناس كلهم، وفي مؤتمره الصحافي شجع ترامب الأمريكيين على النظافة، وذكر قصته مع رجل مريض، قائلا: (قلت له، هل أنت جيد؟ قال لا.. قال أعاني من أسوأ حرارة وأسوأ إنفلونزا، وكان يعانقني ويقبلني، وقلت له اسمح لي، وذهبت وغسلت يدي)”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “ربما أقلق ترامب أن أول حالة كورونا ظهرت لدى شخص لم يسافر إلى أي من البلدان التي استفحل فيها المرض، وهو ما دعا صحيفة (نيويورك تايمز) للقول إن (هذا زاد من احتمال انتشار الفيروس عبر طرق غير معروفة)، وهذا هو الكابوس الأسوأ لترامب، (عدو متغير غير ظاهر لديه إمكانية لتدمير رئاسته، ولا يمكن إلقاء اللوم في هذه المشكلة على أعدائه السياسيين، أو التعامل معها بصفتها أخبارا زائفة، وربما شعر أن تمظهر المرض هو تعبير عن عدوانية الكون له، ولو كانت هناك عدالة فإنه سيتعلم في النهاية ألا مفر من مواجهة نفسك”.