عبير شمص – ليبانون تايمز
وبعض القضايا لا تموت بالتقادم وبمرور الزمن، كونها تحمل حقوقاً لأفراد لا بل أحياناً لمجموعات لا زالوا يعيشون على أمل انصافهم يوماً ما، فكيف إذا كانت هذه الحقوق عبارة عن عقارات ومساحات من الأرض تربطهم بها عوامل التاريخ والجغرافيا وبعض من الحنين.
لم يخرجوا من تلك الأراضي بارادتهم أو طوعا.ً وإنما خرجوا مرغمين تحت ضغط الدولة العثمانية والانتداب الفرنسي الذي جاء لاحقاً، يمكننا القول أن هذه القضية عمرها مئات السنين لكن حتى اليوم لم يبت بها القضاء اللبناني نهائياً، حيث أن الكثير من العائلات والعشائر البقاعية والتي تسكن اليوم في انحاء مختلفة من البقاع، تمتلك ملفات بخصوص أراضٍ هي حق لها في مناطق جبيل والجبل، ومن هذه العائلات والعشائر على سبيل المثال لا الحصر امهز، حمادة، الحاج حسن، علوه، شمص، علام ، ناصر الدين، زعيتر والكثير غيرها.
يتحدث علي حسين كامل علوه وهو المتابع للملف منذ ١٩٨٦حتى اليوم من قبل عائلته في المحاكم والقضاء لموقع ليبانون تايمز ان هذه الأراضي نملكها منذ سنة ١٨٦٠ وهي ممسوحة لهذه العائلات منذ زمن الأتراك في كل من عين الدلبة، عين حزين، كوع المشنقة، علمات، مشان، كسار العبري، جبة المنيطرة او جرد المنيطرة ومناطق أخرى.
ويروي تاريخياً كيف تعرضت هذه العائلات لضغوط من الأتراك ومن كان يعمل معهم، فارتحلت وتهجرت بعد ١٨٦٠، وهذا التهجير كان على مراحل، جماعات وأفراد، وعندما حاولوا أن يعودوا إلى أرضهم، أصبحوا لا يمونون عليها، ويستعملونها بالشراكة أو بالضمان، وجاء الانتداب الفرنسي ليكمل السيطرة على هذه الأراضي دون وجه حق.
يستكمل علوه الرواية نقلاً حرفياً عن “أديب علام” والذي كان نافذاً في ذلك الوقت أن المارونية السياسية اتخذت قراراً حولته فيما بعد لمرسوم مضمونه أن كل أرض استعملت بالطريقة الهادئة تنتقل ملكيتها للشخص الذي استعملها حتى أنهم خفضوا مدة استعمال هذه الأرض من خمسة عشر عاماً إلى عشرة أعوام ولعل الهدف من هذا القرار كان الاستيلاء على هذه الأراضي.
دعاوى في القضاء اللبناني
كانت وجهة أصحاب الأراضي القضاء اللبناني علّهم يستحصلون على حقوقهم، توجه العديد من العائلات وأقاموا دعاوى ولكن للأسف كان استناد القضاء على المرسوم الآنف الذكر حول ملكية وضع اليد بالاستعمال الهادئ، فوصلت كل هذه الدعاوى إلى طريق مسدود.
ويلفت علوه إلى أن المستندات التي بين ايديهم حول ملكية هذه الأرض هي عبارة عن أوراق ملكية ومساحة كان متعارفاً عليها في ذلك الوقت، حيث أنه في عهد الدولة العثمانية لم يكن هناك افادات عقارية ولا خرائط تثبت ملكية وحدود هذه الأراضي.
والجدير ذكره بحسب الرواة أن الأراضي المملوكة لهذه العائلات تمتد من الشير إلى وادي نهر إبراهيم عن طريق معالم وفروقات متعارف عليها، وهذه الأراضي هي منتقلة من الأجداد إلى الآباء والاحفاد عن طريق التوريث، وهكذا فإن اصحابها هم ورثة وليسوا ملاكين، ويضيف علوه هنا أنه للأسف كانت الدولة العثمانية وسلطات الانتداب يتصرفون بالاراضي ويهبونها لأشخاص كنوع من الرشوة ليشتركوا في تقاسمها مع قوى الأمر الواقع لمساعدتهم في تطبيق القرار.
كانت أولى القضايا سنة ١٩٦٧، وخسرت هذه العائلات قضيتها بحجة عدم وجود مستندات وتذرع القضاء بالمرسوم “المشؤوم” ، وتوقفت المحاكم سنة ١٩٧٥، ومن ثم استؤنفت القضايا عام ١٩٨٦ وهنا يقول علوه وصلنا إلى مفاوضات عبر المحامين، و اعتراف ضمني من قبل آل ضو الذين اشتروا اراضي من آل لحود أن هناك أرضا لنا، وفي هذه المرحلة طلبوا مني إحضار شاهد كان يضمن الأراضي من آل علام وآل لحود، ولكن بعد أن وجدنا هذا الشاهد، امتنع عن الادلاء بشهادته مما عرقل مسار الدعوى مجدداً.
حتى اليوم شيئاً لم يتغير في مسار الدعاوى، ويذكر علوه في هذا المجال أنه في الفترة القريبة ومنذ حوالي ٤ سنوات لجأنا إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وقابلنا الوزير علي حسن خليل، وبلغنا بأن قضيتنا وملفنا مرتبط بالملف العام المتعلق بأرض جبيل على أمل أن يتحرك هذا الملف في القريب العاجل.