محمد علوش – الديار
لا يُعقل أن ينفي أحدهم وجود أخطاء وكوارث في مؤسسة كهرباء لبنان، وكيفية إدارة هذا القطاع منذ العام 1992 حتى يومنا هذا، فالنتيجة التي نعيشها كفيلة بتأكيد المؤكد. لا كهرباء. إن هذا الواقع «المُظلم» يجعل الملفات التي تُثير علامات استفهام في هذه القضية كثيرة ومتعددة، ومنها على سبيل المثال، شركة «القاديشا» للكهرباء.
كشفت وثيقة صادرة عن رئيس مجلس الإدارة مدير عام كهرباء لبنان كمال حايك، رقم الصادر الخاص بها 1468، بتاريخ 8 شباط 2020، وموجهة الى جانب شركة كهرباء لبنان الشمالي المغفلة «القاديشا»، أن الشركة مديونة لكهرباء لبنان.
وفي التفاصيل التي تنص عليها الوثيقة التي حملت موضوع: كمية وثمن مادة الفيول أويل 1 بالمئة كبريت المستحقة على شركة «القاديشا» لمؤسسة كهرباء لبنان منذ تاريخ 1 كانون ثاني 2019، حتى تاريخ 31 كانون أول 2019، يتبين مؤسسة كهرباء لبنان أعارت شركة القاديشا، والتي هي للمناسبة شركة خاصة تملك امتياز إضاءة مناطق في لبنان الشمالي، وتملك كهرباء لبنان 98 بالمئة من أسهمها، الا أن ذلك لا يجعلها مؤسسة عامة، بل هي شركة خاصة خاضعة للقانون التجاري، وذلك بحسب تصريح وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل في 26 حزيران من العام 2018، كميات من الفيول أويل 1 بالمئة كبريت لأجل تشغيل معملها «الحريشه»، ولم تقبض مؤسسة كهرباء لبنان الثمن بعد.
تشير الوثيقة التي حصلت «الديار» على نسخة منها الى أن كميات الفيول أويل التي تم نقلها على سبيل الإعارة بالصهاريج من معمل الذوق الى معمل الحريشه خلال العام 2019، قد بلغت 57006 طنّ متري، وبلغت قيمتها الإجمالية 49 مليون و507 ألاف دولار أميركي تقريبا، «49507277» دولارا أميركيا، وهو مبلغ لم تدفعه شركة «القاديشا» الى مؤسسة كهرباء لبنان حتى تاريخ صدور هذه الوثيقة.
بالبداية، نحن لا نحاول إلقاء التُهم، إنما طرح الأسئلة، ورسم علامات استفهام في أمكنة تُثير التساؤل. يعلم الجميع المعاناة التي تعاني منها شركة كهرباء لبنان، وعادة ما نسمع عند انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة أن المشكلة «انقطاع أو نقص في مادة الفيول أويل»، ولكن بعد قراءة هذه الوثيقة يتبين بحسب مصادر متابعة أن كهرباء لبنان «تُعير» الفيول الى شركة «القاديشا» الخاصة، وبالدين، مع العلم أن شركة «القاديشا» يُفترض أن تشكّل عوناً لكهرباء لبنان لا العكس.
وتضيف المصادر: «لطالما كان هناك نقاش حول الشكل القانوني لشركة «القاديشا» فهل هي شركة خاصة أم تملّك كهرباء لبنان لحصة 98 بالمئة من أسهمها يجعلها غير خاصة، ولكن بحسب كل العارفين بملفات الكهرباء، فإن الشركة تكون حسب ما يريدها القيمون على وزارة الطاقة أن تكون، فعلى سبيل المثال ومنذ أعوام لا تتدخل الدولة ولا النصوص التي تسري على المؤسسات العامة، على أي عملية توظيف في كهرباء «قاديشا»، على اعتبار أنها شركة خاصة يسري عليها القانون التجاري ولا تشملها صلاحيات مجلس الخدمة المدنية، ولكن كيف يُفسّر قيام مؤسسة كهرباء لبنان، الضعيفة أصلا، والتي تخسر الخزينة بسببها كل عام حوالي ملياري دولار أميركي، بإعارة مادة الفيول أويل وبلا قبض الثمن، الى شركة «القاديشا»؟
تؤكد المصادر أن تبرير هذا العمل يكون بأن كهرباء لبنان مسؤولة عن الشركة كونها تملك 98 بالمئة من أسهمها، ولكن هذا لن يكون مبررا دقيقا، لأن شركة كهرباء لبنان غير ملزمة بإنقاذ شركات خاصة، بل يُفترض بالشركات الخاصة أن تنتشل مؤسسة كهرباء لبنان وتُزيل عن همومها همّا، لا تزيد على همومها همّا، وخسارة لمادة الفيول أويل، وديونا غير مدفوعة.
لطالما كانت هذه الشركة جاذبة للنقاشات الحادة حول هدفها، ففي 28 تشرين ثاني من العام 2016 انتشرت قضية «إجراء مناقلات من شركة القاديشا الى مؤسسة كهرباء لبنان» ويومها اشتعل الخلاف حولها وحول أهدافها، وطريقة التوظيف السياسي فيها، والاستفادة منها، وفي صيف 2018 أيضا أثارت التوظيفات فيها والتي بلغت حوالي الـ 80، زوبعة من الانتقادات على اعتبار أن هذه التوظيفات كانت على خلفية الانتخابات النيابية، واليوم تُثير هذه الديون وطريقة التعاطي بين كهرباء لبنان وشركة القاديشا علامات استفهام جديدة.