زهراء شرف الدين- ليبانون تايمز
“اسوأ سيناريو” هو ما وصفه الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف حول كلام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المتعلق بالتصعيد العسكري في ادلب.
في البداية لا بد من توصيف المرحلة الحالية بما يرتبط بالميدان السوري وتحديدا بالميدان الادلبي والحلبي، حيث اوضح الخبير العسكري عمر معربوني لموقع ليبانون تايمز انه “تدور معارك كبيرة ادت الى تحرير مساحات جغرافية يمكن وصفها ب استراتيجية تحديدا في منطقة حلب ومطارها حيث دخلت المدينة في مرحلة اكبر من الامان بما يرتبط بالتهديدات المباشرة وغير المباشرة، حيث اصبحت بمرحلة امنة بالكامل وخرج المطار من التهديد، فيما بقيت المدينة تحت امكانية التعرض لقذائف صاروخية ومدفعية بعيدة المدى، وهو امر تم تخفيفه بشكل كبير”.
وبما يرتبط بالتهديدات التركية بشن عملية عسكرية لجعل ادلب منطقة امنة، رأى معربوني انه “تكرار للسيناريوهات التركية المتواصلة التي حصلت في جرابلس وعفرين وما الى ذلك، لكن فيما يرتبط بادلب مختلف بعض الشيء اضافة الى ان الجيش التركي يشارك الى جانب الجماعات الارهابية المدعومة منه بالعمليات العسكرية وبشكل دائم، الا ان هذه المرحلة فضحت الجيش التركي، حيث بات يشارك بشكل مباشر وعلني في دعمها”، موضحا ان “شن عملية عسكرية هو امر وارد ولكن ما تقوم به تركيا هو عمليات جس النبض لدفع الجيش الروسي الى مفاوضات تمكن التركي من الحصول على امتيازات او مكاسب، لذلك الامر سيكون بعيدا خصوصا ان الميدان يعكس نفسه من خلال الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري وبالتالي امكانية شن هذه العملية مرتبط بمجموعة من التعقيدات، على راسها المواقف التركية المتشددة والواضحة والحاسمة والتي تقتصر حتى اللحظة على البيانات الرسمية”.
واعتبر معربوني انه “من المفيد القول ان الاتراك نتيجة الحماقات المتكررة والموقف المتشنج وضعوا حتى اللحظة ١٢ نقطة عسكرية تركية ضمن الحصار والتطويق نتيجة التقدم العسكري السوري، وهذه النقاط وجدت اساسا ضمن اتفاقيات سوتشي واستانا التي كانت تهدف الى تأمين الطريق الدولي m5 وطريق m4 التي تربط اللاذقية واليعروبية واللاذقية والبوكمال، ولكن عدم التزام تركيا بتعهداتها وبالاتفاقيات ادى الى حصول عملية عسكرية واسعة للجيش العربي السوري، وتطويق النقاط التركية، والتي تضم في الحدود الدنيا حسب المعلومات حوالي ١٢٠٠ الى ١٣٠٠ ضابط وجندي تركي، وبالتالي هذه النقاط فقدت جدواها بالمعنى الذي اتفق عليه، وهو بان تكون نقاط مراقبة في المنطقة المنزوعة السلاح، والتي لم تلتزم تركيا في تنفيذها، مضيفا ان “هذه النقاط لا تؤثر بالمعنى العسكري كونها متباعدة ومحاصرة ومنفصلة ومطوقة في اي عمل عسكري ممكن ان تشنه تركيا في المرحلة القادمة، وبالتالي اذا تم شن عمل عسكري من تركيا بشكل واسع، هذه النقاط يمكن ان تحول الجنود الاتراك الى اسرى بيد الجيش العربي السوري وهي نقطة ضعف الان بما يرتبط بالنظام التركي”.
بالنسبة للتعاون الاميركي التركي اشار معربوني ان “العلاقة الاميركية_التركية شهدت الكثير من التوتر والتشنج والتباعد، لكنها في الوقت نفسه لم تصل الى مرحلة القطيعة، ولا تزال العلاقة التركية الاميركية ضمن حدود المصالح المشتركة، وتحديدا في سوريا والعراق، وبالتالي هناك تناغم في الكثير من القضايا لخدمة مصالحهم، مشيرا الى ان الولايات المتحدة عندما ترى ان اي دعم يقدم للاتراك على المستوى السياسي والعسكري يمكن ان يخدم مصالحها ستقدم عليه، وهذا امر مرتبط بشبكة المصالح المعقدة بين الطرفين، لأن الاميركيين على رأس المتضررين من انتصارات الجيش العربي السوري، وبالتالي علينا الانطلاق من فهم دقيق لطبيعة التحالفات التركية الاميركية اضافة الى دول متعددة قي الخليج العربي، التي ساهمت ولا تزال حتى اللحظة في الهجمة الكبيرة على سوريا والمنطقة”.
واوضح الخبير العسكري ان “الجانب الروسي الان بما يرتبط بالصراع القائم والمعركة الحاصلة، وانطلاقا من مجموعة من التصريحات لوزارة الدفاع و الخارجية والناطق باسم الرئاسة التركية تقول ان ما حصل هو تنفيذ لاتفاق سوتشي واستانا، والذي ابعد الجماعات الارهابية عن الطريق الدولي m5 حلب وادى الى تحرير مناطق واسعة جدا”، معتبرا ان “الرؤية الروسية تتعارض وتتناقض مع الرؤية التركية ولكن استطاعت روسيا الى جانب الجيش السوري والدولة السورية ان تفرض واقعا جديدا، وبالتالي نحن امام مناطق واسعة جدا دخلت في مرحلة الامان، وليس فقط وقف التصعيد، وبالتالي هذه التطورات سيكون لها تداعيات بما يرتبط باي نقاش او مفاوضات مع الجانب التركي والتي ستكون انطلاقا من وقائع وشروط جديدة”، مؤكدا ان “هذه التطورات تعقد العلاقة بين الجانبين الروسي والتركي والتي ستكون لمصلحة الدولة السورية، خصوصا ان الانجازات على المستوى الميداني هي التي ستفرض نفسها.
نحن في مرحلة توجيه رسائل قاسية من الجانب الروسي لدفع الاتراك الى التحلي بمزيد من العقلانية في التعاطي مع هذا الملف المعقد، واردوغان في الوقت الحالي سيبقي على علاقته الروسية لان شن حرب على سوريا لا يصب في مصلحته الخارجية والداخلية، لذلك يحاول تحقيق انجازات ميدانية وكسب موقف روسي ايراني سوري لاعطائه نوعا من الضمانات بعدم خسارة كل الاوراق.