نشرت جريدة الأخبار مقالاً تساءلت فيه عن عدم تقديم اعتراض جدي لأيٍّ من الأفرقاء السياسيين، أو حتى من المؤسسة العسكرية، على النسخة الأخيرة من موازنة عام 2019 من دون بند تسليح الجيش، كجزء من الخطة الخمسية التي أُقرَّت قبل عامين بعد مؤتمر روما. ومع الحجّة القائلة بأن الموازنة لن تخدم إلا لنصف عام، وأن جزءاً من أموال تسليح الجيش دفعت في عام 2019، إلّا أن السلطة تستسهل أصلاً الاتكال على المسلِّح الأميركي، مع قلة اكتراث، شكليّاً على الأقل، بصورة المؤسسة العسكرية كحامٍ مستقل للسيادة والمصالح اللبنانية.
كما وأن مصدراً لبنانياً مقرّباً من الأميركيين “للأخبار”، يشرح خلفية الإصرار على الاستراتيجية الدفاعية، كواحدة من آليات الضغط على حزب الله لإرغامه على البحث عن تسوية لسلاحه ومقاتليه ودوره في الساحة اللبنانية عموماً، من ضمن صيغة لـ”حلّ نهائي شامل” في المنطقة على وقع “صفقة القرن” والضغوط على إيران وسوريا.
ولفتت الى أن قيادة الجيش تعي أن في الإدارة الأميركية اليوم من يعوّل على صدام، ولو محدوداً، بين الجيش اللبناني وحزب الله في المستقبل. إلّا أن مصادر عسكرية رفيعة المستوى، تؤكّد لـ”الأخبار” أن أحداً من العسكريين الأميركيين لم يطرح منذ تولّي العماد جوزف عون قيادة الجيش أي فكرة من هذا النوع. بل على العكس، يؤكّد المصدر أن عون، في زياراته الأربع للولايات المتحدة الأميركية، منذ توليه القيادة، يكرّر على مسامع الأميركيين أن “حزب الله مكوّن لبناني أساسي وأن الاتفاق السياسي في البلاد هو على اعتبار السلاح سلاحاً للدفاع عن لبنان بوجه العدوان الإسرائيلي”. ويضيف المصدر أن “عون كان واضحاً في الاجتماع الذي عقد في وزارة الدفاع مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بالتأكيد أن الصدام بين الجيش وحزب الله غير وارد، وأن ما من عاقل في لبنان يكرّر تجربة الحرب الأهلية”. ويضيف المصدر أن “أجواء وزارة الدفاع الأميركية مغايرة تماماً لتلك التصريحات التي يطلقها المسؤولون الحاليون في الإدارة الأميركية، واللقاءات بين الجيش والعسكريين الأميركيين تنحصر في مهمات مكافحة الإرهاب”. وفي السابق، وخاصة بعد معركة عرسال (اجتياح الجماعات الإرهابية للبلدة وخطف العسكريين عام 2014)، كان قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ومدير الاستخبارات كميل ضاهر، يؤكدان للعسكريين الأميركيين وجود تنسيق بين الجيش وحزب الله في قتال الجماعات الإرهابية، ولم يكن الأميركيون يعترضون. على العكس من ذلك، كانوا يقولون إنهم يتفهّمون الوقائع اللبنانية. ففي هذا المجال تحديداً، لا يخاطب الأميركيون الجيش إلا بـ”نعومة مفرطة”. غضبهم العاري يظهر عندما يُطلق جندي لبناني طلقة واحدة باتجاه جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتكون هذه الطلقة من ضمن المساعدات الأميركية، تماماً كما حصل يوم اشتباك العديسة في آب 2010. هذا الغضب هو النتيجة “الطبيعية” لـ”احتكار التسليح”.