عبير شمص – ليبانون تايمز
أرخت الأزمة الاقتصادية بأثقالها على اللبنانيين دون رحمة لا سيما أولئك ذوي الدخل المحدود والفقراء، فباتوا يستجدون رواتبهم لتأمين أدنى الحاجات والمتطلبات المعيشية، ومدينة بعلبك شأنها شأن مثيلاتها من المدن كانت ولا زالت تعاني منذ بداية الأزمة الاقتصادية من شلل الحركة التجارية، هذا الواقع انعكس على حياة الناس، فبعد أن كانت الأسواق التجارية في المدينة تضج بأهلها من جهة، وبالسياح من جهة ثانية، للأسف اليوم هي خاوية، الحركة فيها ضعيفة جداً لا بل تكاد لا تُذكر.
وهنا يعتبر رئيس جمعية تجار بعلبك نصري عثمان أن الأزمات المتتالية جعلت أسواق بعلبك التجارية في حالة غير جيدة مترافقاً ذلك مع حالة قلق لدى الناس على أعمالهم ووظائفهم، أزمة المصارف والمودعين، وأزمة الدولار التي جعلت الأسعار مرتفعة، وبالتالي بلغ الغلاء حداً لا يُطاق، بحيث فقدت الليرة اللبنانية قيمتها الشرائية والتجارية.
يمكن القول أن الغلاء شكّل السبب الأساسي الذي أدى إلى تراجع الناس عن شراء الحاجات الثانوية والاقل الحاحاً مركزة فقط على ما هو ضروري، هذا الأمر الذي انعكس سلباً على الوسط التجاري في المدينة، ويؤكد عثمان أن الأسباب تكثر في هذا المجال ومنها أزمة المصارف وعدم السماح للموظفين بسحب أموالهم، فالمصارف التي تقطر الأموال على المودعين تجعل هؤلاء بدورهم يقطرون حاجاتهم بعد تصنيفها من الأكثر أولوية إلى الأقل، ويؤكد عثمان في هذا السياق أن الحركة التجارية تظهر في الأيام الأولى من الشهر تزامناً مع قبض الراتب الشهري لتنخفض إلى أن تنعدم في منتصف الشهر ونهايته.
وفيما يتعلق بالمحلات والمؤسسات التجارية فقد أطلقت صرختها منذ بداية الأزمة، وهي اليوم تضيق ذرعاً وترفع الصوت عالياً، علها تلقى مجيباً، حيث تكاد بعض المحلات لا يزورها زائر وأكثر هذه المؤسسات هي تلك المتعلقة بالألبسة والأحذية والتي تسجل مبيعاتها انخفاضاً كبيراً وأحياناً انعداماً في المبيع، فيما حافظت المؤسسات التجارية الخاصة بالمواد الغذائية والخضار نوعاً ما على نسبة مبيع لا بأس بها.
والجدير ذكره في هذا السياق أن بعض المحلات التجارية لاقت مصيرها إلى الإقفال، ما يقارب ١٢ محلاً تجارياً، هي بمعظمها على حد تعبير عثمان حديثة العهد أو بالأحرى يمتلكها أولئك المستأجرون والمستثمرون الجدد الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الصمود أمام حجم الأزمة الاقتصادية ويعود ذلك إلى أن استثمار المحلات باهظ الثمن حوالي ٧٠٠ إلى ٨٠٠ $ بالإضافة إلى الكهرباء والمصاريف المختلفة بحيث يصل استثمارها إلى ١٥٠٠ $ لمحل تجاري لا يتجاوز ١٥ متراً، ومستأجروها من أصحاب رؤوس الأموال المتواضعة أصبحوا غير قادرين على تغطية هذه النفقات فكان الخيار هو الإقفال تفادياً للوقوع في المزيد من الخسارة والعجز.
وهكذا فإن هذا الواقع ليس بعيداً ولا بأي شكل من الأشكال عن واقع المناطق والمدن اللبنانية الأخرى، الأمر الذي يستوجب من الحكومة التي استلمت مؤخراً زمام الأمور في البلد خطوات جادة، ويعبر عثمان عن أمله بالحكومة الجديدة لاجتراح الحلول ووضع حد لموضوع الدولار، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المصارف لتحرير أموال المودعين كونها تشكل جزءا من الحركة التجارية.
ختاماً، البلد اليوم بحاجة إلى استنفار الجميع لأجل وضع خطة اقتصادية إنقاذية وإجراءات عملية وفعالة من قبل الحكومة للنهوض بالبلد من خلال المشاريع المختلفة وانتشال وانقاذ الناس في ظل التدهور الاقتصادي الحاصل. ولعل هذه الإجراءات تبدأ في تعزيز قطاع الزراعة من جهة والسياحة من جهة أخرى، فالأولى من خلال زراعة وتصنيع المنتوجات تخفيفاً للاستيراد بتكاليف عالية وبالعملة الصعبة، والثانية من خلال خلق أجواء مريحة في البلد تشكل عامل اطمئنان للسائح، وصولاً إلى المصارف وفك أسر أموال المودعين ليتسنّى لهم تشغيلها إما استهلاكاً أو استثماراً لتعود بعلبك واسواقها تعج بالحركة كما عهدناها في السنوات الماضية.