اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمل خلال السنوات الأخيرة لإخراج صفقة تحت عنوان حل القضية الفلسطينية وسماها “صفقة القرن”، هذه الصفقة تتضمن إبقاء الاحتلال الاسرائيلي في كل أراضي الضفة الغربية التي بُنيَ عليها مستوطنات، أي أراضي ال ٦٧ التي كان يفترض حسب حلِّ الدولتين أن تعود إلى الفلسطينيين وينشئون عليها دولتهم، اليوم جزء كبير من هذه الأراضي التي بنيَ عليها مستوطنات ستصبح إسرائيلية، وبالتالي فإنَّ الضفة ستكون مقطعة أجزاء تفصل بينها المستوطنات، ويكون هناك شبكة من الطرقات تربط بين هذه الأجزاء من دون أن يكون هناك تواصلٌ جغرافي يربط بينها وبشرعنة الاحتلال على كامل الأرض التي احتلتها إسرائيل بعد ال ٦٧ وبنت عليها مستوطنات.
ولفت الشيخ نعيم قاسم خلال كلمة له خلال حفل تأبيني في مجمع سيد الأوصياء – برج البراجنة بأن المطلوب أن تكون الدولة الفلسطينية بحسب تعبيرهم منزوعة السلاح، وأما الحدود البحرية فهي بإدارة الاسرائيليين أي لا يوجد لهذه الدولة حدودٌ بحرية، لا حدود بحرية ولا سلاح والأراضي مقطَّعة، معنى ذلك أن الدولة التي يريدون إبقاءها للفلسطينيين هي عبارة عن مخيمات متناثرة تحتَ إشراف وإدارة اسرائيل مباشرةً، أي أنهم حوّلوا فلسطين إلى كيانٍ إسرائيلي وشرعنوا وجود الكيان الاسرائيلي.
وتابع “صفقة القرن هي خطوةٌ خطرةٌ جداً لأنَّها تنهي وجود فلسطين وتؤسس لشرعنة الكيان الاسرائيلي، ولكن في آن معاً هذه الصفقة باطلة، صفقة القرن باطلة لأنَّ الطرف الآخر المعني وهو الفلسطيني لم يوقع عليها ولم يوافق عليها، إذاً هي إعلان من إدارة ترامب أنَّهم يتبنون الاحتلال الاسرائيلي بكامل مطالبه، ويؤمنون بشرعية الاحتلال وهم ضد إعادة فلسطين والحقِّ إلى أصحابه”.
وأشار ان هذا يؤكد ما كنَّا نقوله دائماً بأن أمريكا ليست وسيطاً نزيهاً للحل، أمريكا كاذبة وتمضي الوقت من أجل أن ترسم معالم إسرائيل بدلاً من فلسطين، ولا حل لتحرير الأرض وإلغاء الاحتلال الا المقاومة، لأن استعادة الأرض عن طريق الدبلوماسيَّة الدولية وعبر أمريكا أمر مستحيل لأن هؤلاء يتواطؤون مع بعضهم.
أكثر من هذا، يتكشَّف يوماً بعد يوم ما كنَّا نقوله مراراً وتكراراً، احتلال فلسطين وشرعنة وجود إسرائيل هو مقدمة لاحتلال المنطقة العربية والاسلامية ثقافياً وسياسياً واجتماعياً وتربوياً، لأن واحدة من المقترحات الموجودة في صفقة القرن توطين الفلسطينيين في لبنان وتوطين الفلسطينيين في دول الخليج بعدد معين وعدم اعادة الفلسطينيين الى فلسطين، فضلا عن اتفاقات اقتصادية تكون محورها اسرائيل، والكلُّ يلبي هذه الاتفاقات التي يريدونها.
البعض كان يقول لنا لماذا تقاتلون وتريدون تحرير فلسطين؟ نحن نريد تحرير فلسطين من المنطلق الديني الاسلامي والمسيحي، ولكن أيضاً على الجميع أن يعلموا أنَّ بقاء الاحتلال الاسرائيلي وشرعنته هو مقدمة لاحتلال البلدان العربية بكل المعاني. إنَّ مسؤولية الجميع أن يحتاطوا وأن يواجهوا وأن يدعموا المقاومة الفلسطينية وأن يرفضوا الاحتلال الاسرائيلي وإلا تحملوا تبعات ستُرمى على الأجيال القادمة.
لا خيار إلا المقاومة مع هذا الاحتلال، اليوم أمريكا هي فرعون العصر، أمريكا اليوم تعتدي على كل دول العالم، تحتل هنا، وتسرق الأموال هناك وتسيطر على النفط في مكانٍ ثالث، وتعاقب اقتصاديا لتذل البلدان المختلفة التي لا تخضع لسياستها، أمريكا اليوم لا تنصف أحداً ولا تعدل مع أحد، وآخر عملٍ قامت به هو اغتيال الفريق الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ومن معهما، اعتداء في وضح النهار، لماذا؟ لأن الحاج قاسم قائد كبير في محور المقاومة الذي يريد إعادة الأرض الى أهلها وإعادة الاستقلال إلى هذه الدول المختلفة في مواجهة أمريكا وإسرائيل ومن معهما، لكن الحمدلله هو نال ما تمنى بشهادةٍ عظيمةٍ أوصلته الى المكانة العظيمة عند الله وعند الناس، وفي آنٍ معاً انفضحت أمريكا بشكل أكبر على مستوى العالم، وتبيَّن لكل شعوب منطقتنا أنَّ أمريكا يجب أن تخرج من هذه المنطقة على المستوى العسكري لأنها تأتي لنا بداعش وتأتي لنا بالفتن وتأتي لنا بالحروب وتحاول أن تكرَّس اسرائيل. طالما يد أمريكا ممدودة لتعمل في مناطقنا هذا يعني أننا لن نستقر ولن نعيش مطمئنين ولا مرتاحين، لذا يجب وضع حد لهذا الوجود الأمريكي على مستوى منطقتنا.
وفي الشأن اللبناني قفال الشيخ قاسم “أما في لبنان فالحمدلله تشكلت الحكومة بعد عناء، وهذه الحكومة تحتاج الى وقت من أجل إنجاز البيان الوزاري في القريب العاجل إن شاءالله، وبعد ذلك وضع خطط عملية من أجل إنقاذ الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي. صحيح أنه لا يجوز أن نحمِّل هذه الحكومة أعباء ثلاثين سنة ونقول لها عليكِ أن تحلّي المشاكل خلال عدَّة أشهر لما تراكم خلال ثلاثين سنة، لكن بطبيعة الحال يجب أن تقدِّم هذه الحكومة بعض الأشياء، يجب أن يشعر الناس بخطوات معينة هي خطوات على طريق الحل، وعلى الناس أيضاً عندما يحاسبون الحكومة أن يعطوها الوقت المناسب وأن ينظروا الى طبيعة الحلول الآنيَّة وإلى الحلول الاستراتيجية، فلا يطالبون الحكومة بما لا يستطيع أحدٌ أن يقوم به، ولكن في آنٍ معاً لا يجب أن تتراخى عن بعض المعالجات التي تعتبر مقدمة طبيعيَّة من أجل الحل في لبنان”.