سلطت صحيفة عبرية الجمعة، الضوء على الجدل الأميركي حول مسألة انسحاب قوات الولايات المتحدة من العراق، أو حتى البقاء، في ظل التوترات المتصاعدة في الآونة الأخيرة مع إيران.
وقالت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، إن “واشنطن وبغداد غير راضيتين عن الثمن الذي يجبيه منهما التواجد الأميركي في العراق”، مستدركة بقولها: “لكن زعماء الدولتين يعرفون أن الانسحاب الشامل لواشنطن لن يحسن الوضع، وإنما سيخدم إيران”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس العراقي برهم صالح تحدث عن مشروع قانون عقوبات أمريكية يهدد ترامب بفرضه ضد بغداد، دون إعطاء تفصيلات عن تفاصيل المشروع، متوقعة أن تشمل العقوبات تجميع جميع النشاطات الأميركية في العراق، ومنع تعاون الشركات الأميركية مع نظيرتها العراقية، وإغلاق الأجواء العراقية والإعلان عن حصار بحري.
تهديدات أميركا
وأكدت الصحيفة أن “كل هذه الأمور تجعل بغداد لا تتعامل مع تهديدات البيت الأبيض باستخفاف”، لافتة في الوقت ذاته إلى أن رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي يؤيد طرد القوات الأجنبية من العراق، لكنه لا يعرف جيدا المغزى العملي لهذا الطلب.
ورأت أن “العراق سيجد صعوبة كبيرة في محاولة قوات داعش تجديد هجماتها، في حال انسحبت القوات الأميركية”، مشيرة إلى أنه في هذا الصدد، هناك مفاوضات جدية حول التوصل لاتفاق تعاون عسكري مع واشنطن، يسمح ببقاء عدد محدود من القوات الأمريكية.
ولفتت الصحيفة إلى أن المعارضين للفصائل الشيعية قالوا إن “استمرار التوجد الأميركي يمنع إيران من استخدام جميع قواتها ضد الحركات الاحتجاجية في العراق، ويقلل احتمالات تغيير نظام الحكم، وتحويل العراق إلى فرع إيراني كامل”.
وشددت “هآرتس” على أن ترامب لا يعنيه الديمقراطية في العراق، بقدر ما يعنيه أن “هذا البلد هل هو ذخر استراتيجي أم عبء يستنفد مليارات الدولارات من خزينة الولايات المتحدة”، معتبرة أنه “من ناحية عسكرية، لا يعد العراق معقلا مهما بالنسبة لأميركا”.
غضب ترامب
وأوضحت الصحيفة أن “أكبر قاعدة أميركية في المنطقة موجودة في قطر، إلى جانب قواعد أخرى في البحرين والكويت والسعودية (..)، والعراق نفسه يخدم نحو 6 آلاف جندي ومدرب، وهذا ليس بالعدد الكبير الذي يشير إلى تفوق عسكري مرتفع بشكل خاص”.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنه “يمكن تفهم غضب ترامب من القانون العراقي الذي يطالب بإخراج القوات الأميركية، لأنه ليس من اللطيف أن تكون مطرودا، وبالذات من قبل المدينيين لك بالمليارات، ولكن حتى إذا كان ترامب يريد الانفصال عن الشرق الأوسط فهو سيضطر إلى الانتظار”.
وأردفت: “الولايات المتحدة يمكنها سحب جزء من قواتها في العراق دون المس بآلتها العسكرية، لكن لا يمكنها أن تقلص بصورة كبيرة القوات الموجودة في الشرق الأوسط، وبالأساس في الخليج العربي، وبالأحرى عندما يكون من غير الواضح إلى أين تتطور المواجهة مع إيران”.
وبيّنت الصحيفة أن “ترامب لا يريد مواجهة تشبه الرد الذي حصل عليه عند إعلانه عن الانسحاب من سوريا”، مشيرة إلى الانتقادات التي واجهها من الكونغرس ومن أصدقاء الولايات المتحدة، وفي النهاية تم تجميد الانسحاب الأميركي.
وتوقعت الصحيفة أنه في حال سحبت أميركا قواتها من الخليج، فإن هذه الدول ستضطر إلى البحث عن دعم آخر ودولة عظمى قوية، والوحيدة التي تستطيع أن تكون بديل للولايات المتحدة هي روسيا.
واستبعدت الصحيفة انسحاب القوات الأميركية من العراق، قائلة: “إذا كان ترامب جديا في نيته تجديد المفاوضات مع إيران ومحاولة صياغة اتفاق جديد، فهو لا يمكنه سحب القوات الأميركية من الخليج حاليا، لأن هذه الخطوة ستخفف التهديد العسكري الذي يطمح الرئيس الأميركي بالحفاظ عليه أمام طهران”.