خلود شحادة – ليبانون تايمز
يعدّ الانتحار رد فعل مأساوي لمواقف الحياة المسببة للضغوط، وهو الأمر الأكثر مأساوية، بحيث ترتفع نسب الانتحار في الدول النامية والتي تفتقر لمقومات العيش الكريم، اضافة الى ارتفاع نسب الفقر والبطالة والحرمان التي تعتبر مسبباً رئيساً لليأس عند الفرد، مع الإشارة الى أن الانتحار لا يكون بسبب ما سبق ذكره وحسب بل يجب أن يترافق مع حالة نفسية مرضية معينة.
شرحت الأخصائية في علم النفس العيادي مريم سعد، الأسباب التي تدفع الإنسان لأخذ قرار الانتحار، والتي يتصدر قائمتها “الاكتئاب” لأن الشخص المصاب بالاكتئاب يمتلك افكاراً سوداوية، ويطرح أسئلة وجودية، مثل: لماذا أنا موجود؟ ما هي الفائدة مني؟ ما هي قيمتي؟ كما أن المكتئب ترد في باله أمنيات غريبة، مثلاُ لو أنه ولد شجرة.
وأوضحت سعد أن مجرد نشوء هذه التساؤلات، تطرح بباله افكار الموت كخيار أفضل. ولفتت الى أن الانتحار عند المراهقين يكون عادة للفت النظر والاستعطاف، وكسب الاهتمام، أما الراشدين فالهدف هو التخلص من الحياة.
وأضافت: “الأشخاص المصابين بانفصام الشخصية، لديهم أصوات داخلية تدفعهم للانتحار، أما الأشخاص الذين يتعاطون الكحول والمخدرات، يدفعهم شعورهم بالذنب للتخلص من حياتهم، كذلك مشاعر اليأس التي ترافق الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر في سن الطفولة، اضافة الى القلق الاجتماعي، واضطرابات ما بعد الصدمة والتي تؤدي الى الانتحار بسبب قدرته الضعيفة على التحمل”.
ولفتت الأخصائية النفسية مريم سعد الى أن الشخص المقدم على الانتحار عادة ما يردد عبارة الانتحار، أو ما يرتبط بها من عبارات الرغبة بالموت، أكثر من مرة، مؤكدة ضرورة أخذ هذه الفكرة بعين الاعتبار، وعدم اعتبارها مجرد “مزاح”، خاصة في حال تكرارها لمدة تتجاوز الشهر، مشيرة الى ضرورة سؤاله عن جدّية الطرح، منهم من يجيب بصراحة، ولكن بأغلب الأوقات لا نحصل على جواب.
وشددت سعد على أهمية التفات الأهل للمصطلحات المرتبطة بعبارات الموت وضرورة تقديم الرعاية الكاملة له، مع البحث على الأسباب والدوافع التي ولّدت الرغبة بالموت عنده، ان كانت بسبب مشكلات يعاني منها في المنزل أم من الخارج أم أنه يعاني من مرض نفسي، لافتة الى انه لا يقدم الشخص على الانتحار من دون تقديم انذارات مما يؤكد ضرورة المتابعة لهذا الشخص وتقديم العناية الكاملة له.
وأكدت الأخصائية في علم النفس العيادي مريم سعد أهمية العلاج النفسي ليتخطى الفرد عتبة الانتحار، مشيرة الى أن الشخص الذي يفكر في انهاء حياته يفتقد القيمة الذاتية في المجتمع، موضحة أن خضوعه للعلاج النفسي يساعده على استعادة تقديره لذاته وثقته بنفسه، وذلك من بعد تشخيص معاناته ودوافعه.
وأوضحت سعد أن الشخص المصاب بالاكتئاب يعاني من انخفاض الأيض، مما يؤكد أن الشخص الذي يقدم على الانتحار ليس فقط من باب”ضعف الإيمان” بل انه بسبب حالة مرضية يصاب بها الانسان، قد يساعد الدين في صوغ العلاج المناسب.
الاحتضان الاجتماعي، الألفة والمحبة في التعامل مع الآخرين، وتغليب الإنسانية في علاقاتنا الإجتماعية، كلها عوامل تجعل من هم حولنا يتغلبون على الأفكار السوداوية المتمثلة بالانتحار والرغبة في الموت. لكن الأهم هو الإيمان بأهمية العلاج النفسي والتأكد من أن الصحة النفسية يجب أن تحظى بأهمية كبرى لأنها تؤثر مباشرة على صحة الانسان الجسدية، واهمالها يوصل الانسان الى نتائج لا تحمد عقباها.