خلود شحادة – ليبانون تايمز
لم يكن الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، أشفى حالاً قبل بدء التحركات الشعبية التي يشهدها البلد، مما هو عليه الآن، وتحديداً أزمة الدولار. فإن الواقع الاقتصادي الحالي شبيه بأسوأ أزمة اقتصادية مرّت بها البلاد في الحرب الأهلية بين 1975 و1990، على رغم أنه في تلك الفترة لم تكن هناك قيود مفروضة على حركة نقل الأموال كما هي الحال اليوم.
“إن الأزمة لا تتعلق بصرف الدولار وتوافره فحسب، بل إنها أزمة سياسية اقتصادية، والولايات المتحدة الأميركية تستعمل اليوم كل أدواتها عبر فرض عقوبات على لبنان لزعزعة استقراره النقدي والاقتصادي”، هذا ما صرح به الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين الذي أشار الى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد اعترف مؤخراً ولأول مرة بدور العقوبات الأميركية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد اللبناني، لافتاً الى أن اعتراف سلامة أيضاً بما سببه احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري سابقاً في السعودية، اضافة الى صريح قوله بدور التجاذبات السياسية الداخلية في زعزعة الاقتصاد.
ولفت الى أن المصارف ترفض حتى اليوم تعميم مصرف لبنان الذي يوجب عدم توزيع الأرباح، والالتزام باعطاء المواطنين ودائعهم، وصرف الليرة مقابل الدولار، وهذا يدل على عدم رغبة المصارف بالمشاركة بايجاد الحلول للأزمة الاقتصادية.
واعتبر ناصر الدين في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز أن المصارف تلعب اليوم دوراً سلبياً في ادارة الأزمة عبر اعتمادها ما يعرف بال capital control ، معتبراً أن اجراءاتها الحالية غير مبررة وآنية، فالودائع لا زالت في مصرف لبنان، وهذا ما قاله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مؤتمره الصحفي الأخير.
وأوضح ان المصارف تتخوّف من خسارة 7% على الفوائد بحال سحب المودعين أموالهم قبل فترة الاستحقاق، أو أن تتجه الى الاستدانة من مصرف لبنان لتأمين أموال المودعين بفائدة تصل الى 20%، وفي الحالتين تعتبر نفسها “خاسرة”، وهذا ما يدفعها للاضراب من أجل الضغط على الواقعين الاجتماعي والاقتصادي”، مشيراً الى أنه في هذه المرحلة تتجلى خطورة سياسة الفوائد المرتفعة التي نتج عنها حجز أموال المودعين في المصارف.
وبعد تفاقم الأزمة عقب استقالة الحكومة، اعتبر ناصر الدين “أننا أمام أسبوع حاسم لتشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، التي بدورها يجب أن تعمل على وضع برنامج اقتصادي متكامل لانقاذ الوضع، والذي يجب أن يحدد اذا كان من المفترض ربط استقرار الليرة بالدين العام، ودراسة جدوى تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية.
وأكد ناصر الدين أن سبب ازمة الدولار ليس آنيا بل إنه يعود الى أسباب متتابعة تتمثل بسياسة الفوائد المرتفعة، والاستدانة غير المدروسة، وغيرها من الأسباب التي أدت الى الانفجار الاجتماعي الذي نشهده.
وأشار الى أنه من الضروري “أن لا تنحصر النظرة الى الاقتصاد بسعر الصرف، بل يجب أن تتوسع لتشمل فرص العمل، وعملية الانتاج، وفتح أسواق جديدة، اضافة الى تحقيق الاكتفاء الذاتي وغيرها من الجوانب الاقتصادية التي تشكل نقاط ارتكاز”.
وعن تخفيض وكالة موديز لتصنيف لبنان من caa1الى caa2 قبل انقضاء المهلة التي أُعطيت للبنان اعتبر ناصر الدين أن هذا التصنيف سياسي بامتياز من الادارة الأميركية للوضع اللبناني، معتبراً أنها شركة غير مهنية من خلال تصنيفها للبنان، مستغلة بذلك التحركات المطلبية التي يشهدها لبنان، للضغط على النظام اللبناني أكثر لتحقيق أهداف سياسية أميركية.
وعن نتائج التصنيف، أوضح ناصر الدين أن هذا التصنيف يؤدي الى ضعف الودائع والمستثمرين القدم، مما يؤدي الى اضعاف الثقة بلبنان اقتصادياً أكثر فأكثر.
في ظل كل الضغوط المالية التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، بات ما يختزنه البحر هو أمل اللبنانيين الأخير، حيث يعدّ استخراج النفط شريان الحياة الأخير في جسم البلد وخيط أمل وحيد في انتشال البلد من الانهيار!