بتول فواز – خاص ليبانون تايمز
إندلعت الثورة الشعبية المنددة بفساد النظام السائد في الدولة اللبنانية، في منتصف الشهر المنصرم، متوعّدة رجال الساسة بالمزيد من التصعيد في حال غابت محاولات الإصلاح المرفقة بالأفعال الفورية، تحت شعار “ما قبل السابع عشر من تشرين الأول، ليس كما بعده”.
مطالب الثورة كانت متعددة كما أروقتها، الحاضر الأبرز هو “الشارع الرياضي” المنادي بحقوقه كباقي القطاعات، رجال الرياضة من نجومٍ وجماهير كانوا حاضرين بأشكالٍ مختلفة، رواد المدرجات صوّبوا أسهم الغضب بوجه السياسيين في صرخة من الشارع لا من ملاعب التنافس.
الكل يفقه ثقافة الملاعب، التي تُخرّج أجيالاً ناطقة بحرية الرأي والتعبير دون خوف أو تردد من جهة معينة أو غطاء سياسي. ومن بين حزمة المطالب، قال الشعب الرياضي كلمته بقوة، معبراً عنها بشتى الطرق، من خلال قميص ناديه المفضل أو العلم أو الشعار، آملاً أن تترجمها جملة الإصلاحات المنتظرة في قادم الأيام.
علّق الاتحاد اللبناني لكرة القدم أنشطته حتى تتبلور صورة الوضع الأمني على وجه الخصوص، نظراً للأوضاع التي تعصف بالبلاد، حفاظاً على سلامة اللاعبين والجماهير أولاً، والمنشآت ثانياً. واتفق الاتحاد مع رؤساء الأندية على الاجتماع الدوري للبت بمصير الموسم الحالي بالإجماع، إلا أن نادي التضامن صور رفض رفضا قاطعا إستكمال البطولة لهذا الموسم.
المفاجأة كانت في الشق المادي، والذي “زاد الطين بلة” في الواقع الكروي، حيث اعتكفت معظم الأندية عن دفع الرواتب والمستحقات الخاصة بالمدربين واللاعبين، تحت مظلة سوء وتردي الأوضاع الاقتصادية.
أوساط كروية أكدت لـ “ليبانون تايمز” أن اللاعبين في معظم الأندية لم يحصلوا بعد على رواتبهم عن شهر تشرين الأول، و”الحبل عالجرار” ما إذا استمرت تداعيات الأزمة التي تلحق بالدولة اللبنانية، سوى نادي “شباب الساحل” الذي لا زال يعطي جنوده حقهم الكامل.
وفيما خص مباريات المنتخب اللبناني، في إطار التصفيات المزدوجة المؤهلة لمونديال 2022 وكأس آسيا 2023، مصادر رياضية مطلعة أكدت لموقعنا، أن موعد المباراة المقررة في الرابع عشر من الشهر الجاري بمواجهة كوريا الجنوبية على ملعب المدينة الرياضية في بيروت، لا زال قائماً، على الرغم من قدوم المنتخب الخصم قبل ساعات من المباراة، عبر طائرة خاصة تقله من مطار سيول إلى لبنان.
أما المباراة التي ستقام بمواجهة المنتخب الكوري الشمالي في التاسع عشر من الجاري، مرتبطة المصير بتلك التي ستقام الخميس المقبل.
الأزمة المادية المتفاقمة التي تعيشها كرة القدم على أكثر من صعيد، ليست بعيدة عن كرة السلة أيضاً، فالإنذار الذي كان قد أطلقه قبل أسابيع رئيس الاتحاد اللبناني للعبة أكرم الحلبي كان واضحاً: “اللعبة في خطر، والنقل التلفزيوني في خطر أيضاً”.
قرارات أتت بالجملة لتهدد إستقرار اللعبة، نادي بيروت جمد تعاقده مع مدربه الصربي ميودراج بيريسيتش، نادي الهومنتمن جمد التعاقد مع المدرب الوطني باتريك سابا، فضلاً عن تجميد معظم أندية كرة السلة لعقود لاعبيها الأجانب.
آمال الأندية في مختلف الاتحادات والرياضات ستبقى معلّقة في الهواء لحين اتضاح الصورة الضبابية في المشهد السياسي اللبناني.
الثورة الرياضية حضرت في كل ساح على إمتداد الوطن، وهي دلالة على التعلق ببصيص أمل بالنهوض نحو مشهد رياضي أفضل، قد حجبته الاوضاع المتردية، ولكن المفارقة أن اللاعب اللبناني هو يتيم الحقوق، وليس إلا ضحية لقرارات لا تضمن له الحد الأدنى من العيش الكريم في وطن يفتقد لمفهوم البيئة الحاضنة.
الثورة المطلبية حضنت اللبنانيين بكافة الطوائف والأطياف، لكنها كشّرت عن أنيابها لمن لا يتمتع “بالغطاء السميك” ولم ترحم اللاعب اللبناني، الذي افتقد حقه، بالحصول على مرتبه الشهري، في ظروف لا يتحمّل وزرها.