منذ تحرير الجنوب في 25 أيار 2000، شهدت بلدات وقرى “الشريط الحدودي” سابقاً، وخصوصاً تلك النائية أو المنعزلة عن جاراتها، حركة نشطة في مجال شق الطرقات لتقليص المسافات بين القرى والمراكز. من بين هذه القرى، برزت بلدة سجد في قضاء جزين، التي تقع في الجنوب الغربي من القضاء، وعلى مقربة من قضاء النبطية، كحالة مميزة من العزلة الجغرافية. فعلى الرغم من قربها من النبطية، لا يوجد طريق مباشر يربطها بهذا القضاء، وهو ما دفع فعاليات البلدة وبلديتها والأحزاب المحلية إلى التعاون لإتمام مشروع “طريق الأمل”.
تمثّل المشروع في شق طريق بطول 4 كيلومترات على امتداد مرتفعات جبل الرفيع الوعرة، التي تتميز بجمالها الطبيعي، لربط البلدة بمثلث الجرمق وكفرمان. وقد أُعلن عن هذا المشروع عام 2003 على لسان رئيس بلدية سجد الراحل، الدكتور مهدي ناصر الدين، الذي أكد آنذاك أن مجلس الجنوب سيتولى المرحلة الثانية من المشروع. كانت الخطة تشمل توسيع الطريق، تصحيح مسارها، تقليل انعطافاتها الخطرة، إضافة إلى تشييد حيطان الدعم وإنارتها وتعبيدها. ومع ذلك، ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها الدكتور ناصر الدين، وافته المنية قبل أن يتمكن من رؤية هذا الإنجاز يتحقق، مما أبقى البلدة في عزلتها “التاريخية”.
خلال فترة جائحة كورونا، قررت الفعاليات المحلية والأحزاب والبلدية العمل دون كلل لتحقيق المشروع عبر مساهمات شخصية. وتم شق 800 متر من الطريق المخطط لها، التي بمجرد اكتمالها ستختصر ما لا يقل عن 15 كيلومترًا من المسافات الجبلية بين سهل الميدنة وبلدة سجد، مما يجعل المسافة بين سجد ومدينة النبطية أقرب بكثير.
وعلى إثر هذه الجهود، طلبت البلدة الدعم من دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وجّه مجلس الجنوب للإسراع في استكمال أعمال شق الطريق وتجهيزها للتعبيد. بالفعل، أكملت الفرق الفنية التابعة لمجلس الجنوب الجزء الأول من المشروع، ولكن بقيت عملية التعبيد مؤجلة لأكثر من عام بسبب نقص التمويل.
لاحقاً، وبعد طلب جديد من أحد المعنيين في حركة أمل، تدخّل دولة الرئيس مرة أخرى، وأصدر توجيهاته من خلال مكتبه، ممثلاً بالنائب هاني قبيسي، لإعداد الملف الهندسي المطلوب ورفعه إلى وزير الأشغال العامة والنقل، الدكتور علي حمية بتاريخ ١٣ حزيران ٢٠٢٣. بدوره، أحال وزير الاشغال العامة والنقل المشروع إلى هيئة الشراء العام للتلزيم، حيث تم إرساؤه بنجاح. واليوم، ينتظر أهالي سجد بفارغ الصبر بدء عمليات التعبيد لتحويل “طريق الأمل” إلى واقع ملموس.