في وقت لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس أبشع أشكال الانتهاكات ضد الانسانية بحق الشعب الفلسطيني، ويلعب تحت مظلة التآمر الدولي، جاء الردّ “المقبول” الذي قدّمته حركة حماس للوسطاء على مقترح تبادل الأسرى ليكشف مجدداً نوايا العدو، الذي يتحرك بغريزة العدوان لا غير. إلا أن جواب “حماس” وضع حكومة الاحتلال في موقف حرج أمام الرأي العام داخل الكيان، ما أجبر نتنياهو على الموافقة على إرسال وفد للتفاوض.
ومن شأن التوصل الى إتفاق لتبادل الأسرى بالتزامن مع هدنة في غزة، أن ينسحب بشكل افتراضي تهدئةً على الجبهة الجنوبية في لبنان حيث الوضع المتفجر على حاله، لاسيما بعد اغتيال القيادي في حزب الله محمد نعمة ناصر، ورد الحزب على الإغتيال بسلسلة استهدافات طالت العديد من المستوطنات والمواقع الإسرائيلية في الجليل والجولان.
رئيس وزراء العدو أبلغ الرئيس الاميركي جو بايدن خلال محادثة هاتفية بينهما بموافقته على العودة إلى المفاوضات وبأسماء الوفد الذي سيشارك بمفاوضات الهدنة في مصر. غير أن مصادر مراقبة أشارت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن مواقف نتنياهو لا توحي بالثقة، فهو يحاول اللعب على الوقت لكسب نوع من التعاطف الدولي الجديد بما يساعده على أخذ المنطقة الى حرب اقليمية اذا ما استطاع. وهذا يشكل استمراراً لنفوذه السياسي والعسكري بعد اهتزاز صورته كزعيم للكيان وفشله بتحقيق أي نصر في غزة أو في جنوب لبنان.
وفيما الميدان على سخونته، فإن لبنان ينوء تحت كل هذه الأثقال، ولهذا يواصل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط حركته الداخلية رغم مواقف البعض التي لا تزال أسيرة سياسات وحسابات ضيقة. وهو التقى أمس على رأس وفد من الحزب واللقاء الديمقراطي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لوضعه في أجواء اللقاءات والاتصالات التي أجراها مع الكتل النيابية والمساعي الهادفة لإنجاز خرق ما في الملف الرئاسي المجمد منذ 20 شهراً.
مصادر متابعة أكدت لـ “الأنباء” الالكترونية أن الاتصالات التي يجريها النائب جنبلاط واللقاء الديمقراطي مع الكتل النيابية والقوى السياسية مستمرة، وهي تهدف الى إحداث كوة في جدار الأزمة الرئاسية، لأن الاستمرار بالفراغ قد يؤدي الى ضياع البلد وانهيار المؤسسات مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. وتوقفت المصادر في هذا السياق عند رسالة الشكر والتقدير التي بعث بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الرئيس وليد جنبلاط على الجهود التي يبذلها على كافة المستويات لإخراج لبنان من أزماته.
وفي الإطار نفسه، أشار عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية إلى أهمية اللقاءات والاتصالات التي يجريها النائب جنبلاط، خصوصا وأنه ليس هناك من خيار آخر سوى الحوار، في وقت تعيش فيه المنطقة أجواء حرب حقيقية لا أحد يعرف كيف ومتى ستنتهي”.
وأضاف عبدالله؛ “من الضروري ان نلتقط اللحظة والقيام بعمل ما، لأن الوضع يتطلب تسوية داخلية على الرغم من أن بوادر التوصل الى حل قريب ضعيفة جداً”، كاشفاً ان “النقاط التي تم بحثها مع رئيس الحكومة تركزت بالدرجة الأولى على دعوة المجلس النيابي للحوار والتشاور، فإذا تم الاتفاق على التشاور، فإن الرئيس نبيه بري يدير الجلسة، على أن يلتزم الجميع بعدم تطيير النصاب وجهوزية الفرقاء السياسية للحفاظ على المؤسسات وعلى رأسها انتخاب رئيس جمهورية”.
وأمام هذا الواقع، فإن القوى المعنية التي ترفض الحوار سوف تتحمل بالتالي مسؤولية انهيار الدولة بأكملها اذا ما بقي الوضع على ما هو عليه من شغور يطيح ليس فقط في رئاسة الجمهورية، بل يتمدد إلى مختلف المؤسسات.