كتب زياد الزين
مرة أخرى ، تأتي فرصة الشهادة في علو مقامها وسموها ، العابرة لمفاهيم قراءة الإنسان للأحداث الدنيوية ، الراسخة في مجد كتب الله السماوية ، المسقطة تنزيلا بحفاوة ارتقاء من يعتنقها والقابل إليها عمدا ، ممتشقا لغة الصبر التي تذوب من خلالها أعتى الأسلحة المنافية للقيم الإنسانية، حتى لو كان صنع كبريائها “مسيرة” للخذلان العرضي والطولي على مساحة أنظمة ، اعتلت منابر الصمت ، واستمر الصخب الايماني ، والدوي الحركي المستيقظ ، مؤكدا لغة المقاومة في انقاذ مشروع متكامل، عنوانه لبنان صديق القدس وظهيرها وقلبها النابض بالمحبة وواجب أخلاقي نصرة أهلها ، هكذا كان قاموس المراجع للعلامة الإمام موسى الصدر.
- ليس صحيحا ان انضمت الناقورة الى أخواتها في قرى الجنوب وجبل عامل بذلا للتضحية الحسينية ، فليس صدفة ان يكون اعلان الشهادة ، على تماس مع الجمعة الحزينة وليالي القدر ، وللناقورة في وجداننا المستقبل الآمن للبلد ، المحتضن لثرواته في أحشائها ، المستضيفة لقوات أقرت الأمم المتحدة مساهمتها بحفظ جانبي الحدود، وليست آلة كاتبة ، تعد وتحصي ، لتفرغ الحناجر جدارا للصوت ، وتستمر المجازر دون وازع أو رادع.
- المشهد كان مهيبا، بما يحمله من رسالة إلى كل العالم ، اننا هنا ولدنا ، وهنا ترتاح أجسادنا ، على التراب المخضب برائحة الدم العطرة ، رائحة مسك الجنة ، التي استدامت حركة أمل في شرف اكتساب حصة وازنة من رصيد القوة المتزنة في معركة سياسة الردع.
- في ظل هذا التعنت الاسرائيلي ، في مرجعية السبب ، الهزيمة العقيمة ، للدولة العميقة في كيان الاغتصاب ، لا نعير سمعا ولا انتباها ولا اكتراثا، لأقلام السم ، التي هي للأسف ، من جذور وأصول لبنانية ، تعود إلى تسويات غب الطلب، دونها أي حس بالمسؤولية الوطنية ، وحجم التضحيات والدمار المهول.
- نتطلع في لبنانيتنا الصادقة إلى حجم هذا الحراك الدولي الذي يحج إلى قصر الرئاسة في عين التينة ، يفاوض مع أمير السياسة ، وفق توصيف أقروا به بانسياب خبرة التعامل مع القضايا الكبرى والمصيرية ، وهم خبروا هذا الرجل في العام ٢٠٠٦ فكان الانتصار السياسي الحاسم الذي حصن المواجهات البطولية وأقر بحق المقاومة وتكريسها في أي معادلة ، وهو ما نراه اليوم ارباكا واضحا ، لكل المفاوضين ، في عدم السماح بتجزئة القرار ١٧٠١
- هذا الاطار السياسي الدولي يجب أن يكون حافزا لا مانعا، للقوى السياسية اللبنانية الصادقة ، في الإقرار أيضا دون ” تمييع” أن ” أمير” السياسة ، قادر أيضا على اخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة ، وتظهير لبنان ، دولة مؤسسات، ليكون قادرا على مواجهة استحقاقات كبرى قادمة.
- لعل أبرز ما تم استنتاجه في القراءة الأخيرة ، أن لبنان باق في صورته المشهدية المتنوعة ، وأن المقاومة ركن اساسي في مشروع قيامة لبنان ، وأن أمل باقية باقية…