أقامت قناة “الميادين” حفلا تأبينيا في قرية الساحة التراثية على طريق المطار، تحية لأرواح شهدائها فرح عمر وربيع المعماري وحسين عقيل، الذين سقطوا في عدوان إسرائيلي استهدفهم أثناء القيام بمهامهم الاعلامية على الحدود الجنوبية اللبنانية.
حضر الحفل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، رئيس مجلس ادارة شبكة “الميادين” غسان بن جدو، أليدا إبنة المناضل الكوبي الراحل تشي جيفارا.
وحضر أيضا وزراء ونواب حاليون وسابقون ورؤساء أحزاب وتيارات سياسية، وشخصيات سياسية واعلامية وفكرية ودينية واجتماعية وديبلوماسية وفنية، إضافة إلى ممثلين عن الفصائل الفلسطينية ونشطاء ومناضلين من لبنان والخارج وعاملين في محطة “الميادين” وزملاء الشهداء وعائلاتهم.
بعد النشيد الوطني وكلمات تأبينية من الإعلامية مايا رزق والإعلامي أحمد شلدان مراسل “الميادين” الذي حضر من غزة، بثت فيديوهات وجدانية عدة للشهيدين عمر والمعماري لم تخل من التأثر الشديد والبالغ من قبل أهاليهما واقاربهما والحضور
وتحدث المكاري فقال: “نجتمع اليوم لتوجيه تحية من القلب لروحي فرح عمر وربيع معماري ولروحِ رفيقهما حسين عقيل، والتحية موصولة لروح عصام عبد الله الذي كان أول من عبد طريق القدس بدمه”.
أضاف: “نؤكد من هنا، أننا مستمرون على الدرب الذي خطته الميادين بدمها، ولن نسكت لا عن دماء عصام، ولا عن دماء فرح وربيع وحسين، وسيحرص إعلامنا على تذكير إسرائيل قاتلة الأنبياء والأطفال، بأنها ستخسر المعركة العسكرية تماما، كما خسرت معركة الصورة والخبر”.
وتابع: “سقط القناع، قاتلة الأنبياء، قاتلة الأطفال، وإجرامها حقيقة مؤكدة، ونجمة داوود ملطخة بالدم والعار.. والدولة القاتلة، هي دولة عنصرية منذ 75 عاما، وهذه الدولة العنصريّة تزداد تطرفا، وهذا التطرف دليل على فشلها، وليس على نجاحها”.
وأردف: “ترتكب إسرائيل يوميا جرائم حرب دولية، يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، وهذه الإسرائيل التي تقتل بسبب ومن دون سبب، ترتكب جرائمها بأعين مفتوحة غير آبهة بالقانون الدولي، ولا بحقوق الإنسان”.
وتوجه إلى “إسرائيل القاتلة” قائلا: “إن القتل لن يثنينا، وسنفتح معها معركة قضائية لوسمها بالدولة القاتلة، وذلك من خلال دعوة البرلمانات العربية وجامعة الدول العربية ودول عدم الانحياز لتبني هذا التصنيف. كما مدرس إمكانية تقديم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، والموضوع الآن قيد الدرس القانوني بين وزارتي الإعلام والعدل. نريد أن تظهر إسرائيل على حقيقتها كدولة عصابات قاتلة فاشية عنصرية ومجرمة. يعتقد المجرم بنيامين نتنياهو أن وحشيته هي السبيل لخلاصه من السجن الذي ينتظره. ولذلك، يطيل أمدها، ولكنّ الله يُمهل ولا يهمل. تعازينا مرة جديدة لعوائل الشهداء ولقناة الميادين”.
وتحدثت العضو في اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضلة ليلى خالد فقالت: “في حضرة الشهداء، نحني رؤوسنا ونجلهم، وليس أجل من الشهادة للانسان. فرح وربيع وحسين رحلوا الى حيث يرقد الشهداء، وهذا عالم الشهداء. يحيون بعضهم ويبلغونهم الرسالة. فهل بلغت يا فرح شيرين ابو عاقلة الرسالة، ام انكما احتضنتما بعضكما من اجل ان تصلا مرة اخرى الى القدس؟”.
ورأت خالد أن “هؤلاء الشهداء، ليس من توصيف لهم في اللغة هي الشهادة من اجل وطن ومن أجل شعب”.
وتوجهت إلى عائلات الشهداء الثلاث قائلة: “إهنأوا بالشهادة التي قدموها اليكم، واقول لربيع بلغ الشهداء بأنك اردت ان تلتقط الصورة الاخيرة، وما اجملها من صورة. فأنت بكاميرتك التقطت ليس فقط صورة فرح وهي تقدم تقريرها الاخير عن الجنوب، وانما التقطت صور العالم كله، لانك تريد ان تري العالم هذا القاتل المجرم القابع على ارضنا سواء في فلسطين او في جنوب لبنان”.
قالت: “في مرة سئلت كيف ترين المستقبل؟ فأجبت: من الجنوب والى الجنوب لنلتقي عبر المقاومة التي لا بد أن تنتصر، وهي اليوم قد انتصرت في 7 تشرين الأول، كما انتصرت في تموز 2006 في لبنان”.
وختمت: “هكذا نهنىء الشهداء الذين سبقونا، لكننا سنبقى على هذه الدرب، كل من موقعه، هذه الدرب التي تعطي الحياة إلى الإنسان، فالشهيد يعطي لأمته وللأحرار في العالم درسا في الحياة. ولذلك، نحن مع حياة الشهداء، أينما صاروا، وأينما اتجهوا، فاهنئي يا فرح واهنأ يا ربيع”.
كما تحدث من جمهورية مصر العربية الامين العام للمؤتمر القومي العربي حمدين صباحي، فقال: “حزننا عميق على الذين يستشهدون، وفرحنا عميق بهم. من مصر التي تحبكم، من أهلها، وهم أهلكم، جئت أقدم العزاء وأشارككم حزنا عميقا على أجملنا الذي يستشهدون وفرحا عميقا بأجملنا وأكرمنا وأشجعنا وأوفانا الشهداء”.
وحيا “شهداء المقاومة وشهداء غزة الصامدة والصابرة والمنتصرة، والميادين وصوتها وصورتها المعبرة عن أمتها”، وقال: “هناك سلاح يوقظ الضمائر على امتداد الأرض وانتماء يجسد حقيقة أن لا إعلام محايدا في العالم، فإما ان تكون منحازا للحق او للباطل، وهذا ما تقوم به قناة الميادين، التي اكدت أنها منحازة للحق وللضحية وليس للجلاد، منحازة للمقتول وليس للقاتل، ومنحازة لفلسطين عربية محررة عائدة لاهلها وليس لكيان عنصري توسعي قاتل للاطفال. لا حياد بين فرح وربيع وحسين وبين القتلة”.
وتحدثت أليدا جيفارا، مرتدية سترة مطرزة بالتطريز الفلسطيني، فقالت: “لا يمكن للكلمات أن تعبر عن الألم العميق الذي أشعر به لفقدان العديد من الشهداء، لكنني كطبيبة أطفال وكإمرأة كوبية وكأم، عندما أعلم أن الآلاف من الأطفال الفلسطينيين لن يتمكنوا من إدخال الفرحة الى قلوب آبائهم بابتساماتهم ولن يتمكنوا من احتضانهم ابدا، فان ذلك يؤلمني ويدمرني بعد أن ملأني بالعجز القاهر أمام هذه الجرائم الهمجية”.
أضافت: “انا ابنة مقاتلين مقاومين، وأدركت دائما أن في الحرب المحقة لا خيار امامنا الا ان ننتصر او نستشهد، لكنني لم أعرف في حياتي ابدا عدوا بهذه الوحشية وهذا الجبن المروع، بحيث انه لا ينتصر على أخصامه في القتال، بل ينتقم من اطفالهم وعائلاتهم”.
وتابعت: “لم أعرف قط عدوا بهذا القدر من الحقارة والجبن لدرجة انه كان قادرا على قصف المستشفيات، وراح يبرر هذا العمل الدنيء بتلك الحجج الكاذبة، رغم انه لا يمكن تبرير مثل هذه الجريمة ضد الانسانية بأي حال من الاحوال وتحت اي ظرف من الظروف. لقد سجلت الدولة الصهيونية رقما قياسيا جدا وجديدا لعدد جرائمها في تاريخ الانسانية”.
وأردفت: “يؤلمني بشدة إفلات اسرائيل من العقاب بدعم من الدول الاوروبية، وبالطبع بموافقة الولايات المتحدة الاميركية، في ظل عدم كفاءة الامم المتحدة وكل المنظمات العالمية التي يتمثل هدف وجودها في القضاء على الارهاب والحفاظ على حق الناس في حريتهم الكاملة ومنع العدوان والتدخلات في شؤون البلدان على يد قوى الهيمنة”.