كتب زياد الزين يذكر في علم الادارة أنه اذا كان التخطيط متكاملا وكان التنفيذ قاصرا، فهذا ينفي صوابية التخطيط، ولا يطال تنفيذ الآداء، الا ان المسار في مدينة العزة أمس، شهد تلازما وتطابقا متقنا بين المحطتين.
اسطورة غزة التي احتوت عمليات لا مركزية ضاربة في أكثر من نقطة كان يخال لكل المحللين انها نقاط قوة لا يمكن اختراقها في ظل اعتى الجيوش، كشفت المقاومة الخاصرة الرخوة ليس للمواقع فحسب، بل لهشاشة المنظومة الأمنية في الكيان الغاصب، إذا ما توافرت الارادة التي وحدها تتحكم في القرار الذي شكل بالأمس، احداث تحول نوعي في ادارة الملف السياسي قبل العسكري في ابراز عناصر القوة لدى الشعب الفلسطيني العنيد والتي ظهرتها المقاومة بلحظة انعاش.
لست في موقع التقييم الميداني والعسكري والأمني، ما أود توجيه العناية له في حضرة هذا الحدث الذي ارتقى الى مقام الأمة العربية والاسلامية، ان أي ارادة عملاقة تحتاج حكما الى منصة أخلاقية ومخزون عقائدي يحميها ويحفظها ويحصنها.
وانصافا للتاريخ ” شرف القدس يأبى ان يتحرر الا على أيدي المؤمنين الشرفاء” قالها الامام العملاق موسى الصدر ، في موقف عقلاني ارتأى من خلاله وفي صيغة القراءة الموضوعية ، توصيف المرض الخبيث، تحديد العوارض، أما الاستئصال فيحتاج الى تقنيات وأدوات واطباء متخصصين، وهؤلاء رجال الله الشرفاء في فلسطين، الذين ازدانت مساحات حركتهم ، وفق مرجعية الاسطورة الخالدة في لبنان، رسالة وجود ، من خلدة الى الضفة، وانتهاء بغزة ، مرورا بكل محطات الشرف والعزة في تحرير الأرض والسجون والقلق.
ان السياسة الردعية اليوم ، تحتاج الى مقومات سياسية لإدارة توازن استراتيجي سيتم الاعتراف به حكما في القادم من الأيام ،مهما كانت الحرب الإسرائيلية على غزة كبيرة ووحشية ، لأن ثمة ترقب لدى الشعوب قبل الحكومات ، لارتفاع منسوب الثقة ، الذي يمنع الاستدراج نحو أي تسوية ما لم تقر بالوضع الجديد الذي فرض نفسه عنوة وليس بالمحاباة. فهل سنكون أمام اقرار نهائي بحق الدولتين ، وتلقائيا سقوط حلم إسرائيل في ان تكون فلسطين حي صغير يترأسه مختار ، وهل ستتم لدى دول وازنة اعادة استقراء كل الحسابات قبل تنميط سياسات التطبيع.
بوركت كل البنادق على طريق القدس،سد وبوركت روح الوحدة في مشروع المقاومة.