بقبم زياد الزين
في آداء الممارسات السياسية، يصيب القلق عادة دعوات التصعيد غير المننهجة في اطار تسعير الباطن لملاقاة الظاهر ، تنفجر على اثرها أزمات من التطرف الحاد في المواقف ، ما يقيم وزنا لمؤامرة خلط الأوراق وتطيير الاستحقاقات ، وهذا ما دأبت عليه قوى سياسية في لبنان على مدى عام كامل ، ليس حفظا لحقوق طائفة ، إنما المحاصصة داخل الطائفة في شكل ثنائية ” هجينة” ، تريد قضم المساحات الشعبية التائهة بين نظريتين لا مشترك بينهما الا ” العمى السياسي”.
لكن ما هو غريب في المشهد السياسي ، ان يصيب ” التوتر” مكونات سياسية لمواجهة مشروع ” الحوار ” حتى لو كان مجرد فكرة ، لانها وفق نظرياتهم القاصرة، اعتبارها استدعاء الى محكمة ” التحقيق السياسي ” الذي يحدد المشكلة وطبيعتها وتوصيفها ، وربطها بحل واحد ؛ التوافق على انتخاب رئيس للبلاد في أسرع وقت ، وجلسات مفتوحة ، وبالتالي سقوط نظرية المؤامرة التي يعتدون بها ، لأن لا تشريح لخلفيات مواقفهم وابعادها واهدافها ، وليس هو التوقيت المثالي، لفتح نقاش عميق حول اعادة هيكلة الحياة السياسية والمؤسساتية للبلد ، بل إتاحة الفرصة الوحيدة المتوفرة لخروج لبنان من النفق ، عبر تبني نتيجة محددة بإخراج لبناني داخلي ، بعيدا عن الشأن الدولي والتنميط المزمن.
وعليه ، لا يمكن قراءة مواقف مؤسسات دينية ترفض المبدأ بالشكل ، بأنها محض تمسك بجلسة انتخاب بديلا عن جلسة حوار ، وقلب الأدوار ، بما يؤكد ان المطلوب التمسك بنهج الرفض؛ الذي من دونه سيتم فضح ما هو فعلي ، ليس فقط في الممارسة والآداء، بل في عمق نظريات لبنان الذي يريدون،
للأسف ، لم يتعلموا بعد أن اللعب بالوقت ، سيف مسلط على المواطن من كل الطوائف، وان سقوط المؤسسات، هو الهجرة التي يخشونها، وهو النزوح الموازي من طرف الحدود المقابلة وهو ما يرتعبون منه على مدى التصريحات والمواقف اليومية نظريا ، وهم ساهموا في تشريعه في مقاطعة جلسات الحكومة والتشريع في المجلس النيابي.
وهم أيضا على تراكم الزمن لم يعد في افقهم السياسي ممكنا الا المقاطعة والهروب ، وهي علامات تدل اما على الضعف والوهن ، أو الركون الى الانتحار الجماعي ، الذي أول ما ينحر طائفة كريمة بأكملها ، نريد لها مصاهرة كل الطوائف ، وان تكون الضامن والضمانة في بلد التنوع الفريد.
وعليه ، هذا التوتر ليس بريئا ، لكن لا تنسوا أو تتناسوا ، ان أي طاولة دعا لها الرئيس بري ، لم تخرج الا بحلول أو على الأقل ضمانات ، ودائما إسقاط الفتن.
لا تظنوا انكم تخذلون صاحب الدعوة ، فهو يمتلك من الخبرة المتراكمة ، ومن الجرأة المتماسكة، على المواجهة الراقية عندما يكون البلد على حافة ” توطين” أو ” تقسيم” ، فعين الحلوة نموذجنا في وأد الأزمات والحروب ، ومشروعكم في اللامركزية نموذج في وأد الأموات والأحياء.
استيقظوا قبل ان تجدوا وطنكم في العروض المرئية للخماسيات الدولية فقط.