خاص ليبانون_تايمز عبدالله ناصرالدين
أعلن العدو الإسرائيلي عن قيام كيانه المحتل الغاصب في 15 أيار 1948م بعد النكبة الفلسطينية التي على أثرها وقعت معظم الأراضي الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية باستثناء بعض المناطق التي بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية إذ أطلق عليها مصطلح “الضفة الغربية” و”قطاع غزة” و”القدس الشرقية – منطقة الأماكن المقدسة”، كما تسبب إرهاب الصهاينة بطرد نحو مليون فلسطيني ليعيشوا لاجئين في البلدان العربية المجاورة، كما كان لهذه الحروب آثارها الإجتماعية على المجتمع الفلسطيني حيث أدت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله.
ورغم مؤتمر عمّان الأول برعاية الملك عبدالله، ومؤتمر أريحا، إلا ان أهم النشاطات الفلسطينية التي اكتنفت تلك الفترة هي بروز بعض المؤسسات والتنظيمات والحركات السياسية التي تنادي باسترجاع الأراضي الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الصهيوني ما بين تلك الفترة منذ عام (1956م) وحتى قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ومن هذه المؤسسات:
- الاتحاد العام لطلبة فلسطين عام (1959م).
– حركة الأرض عام (1948م). - الاتحاد القومي العربي عام (1958م).
ولادة منظمة التحرير الفلسطينية
وفي 28 أيار 1964م انعقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول في القدس برعاية الملك حسين ومشاركة كل الدول العربية على مستوى وزراء خارجية وذلك بناء لتوصيات القمة العربية واقتراح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بضرورة بناء كيان للفلسطينيين و ادارة ترعى شؤونهم، وقد أقر المؤتمر “الميثاق الوطني الفلسطيني” والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي ختام أعماله أعلن الشقيري يوم 2 حزيران ولادة منظمة التحرير الفلسطينية “ممثلة للشعب الفلسطيني وقائدة لكفاحه من أجل تحرير وطنه”.
وقد حدثت تطورات مهمة على الساحة الفلسطينية فيما بين الدورتين الثالثة والرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني، ففي هذه الفترة تم إقصاء الشقيري عن رئاسة المنظمة في نهاية العام (1967م) على أن يتولى “يحيى حمودة” رئاسة المنظمة بالوكالة، ومن ثم بدأت المنظمة بتكثيف اتصالاتها مع المنظمات الفدائية بهدف دمجها تحت رايتها.
وبعد هزيمة الجيوش العربية في حرب عام 1967 عقدت الدورة الخامسة و التي انتخبت ياسر عرفات “أبو عمّار” رئيساً للجنة الجديدة.
خلفت النكسات والهزائم العسكرية في نفوس العرب الفلسطينيين بعض مشاعر الإحباط واليأس، وفي إطار ذلك ساد الخمول والجمود كحالة عامة في فلسطين حتى تلقت المقاومة زخماً عارماً في أواسط السبعينات نتيجة الإنتصارات التي حققتها الجيوش العربية في حرب تشرين الأول 1973م والتي أدت إلى رفع المعنويات وتلاشي أسطورة المناعة العسكرية الإسرائيلية، ومنذ تلك اللحظة كانت المقاومة الشعبية تتزايد في ظل البطش الصهيوني بالمواطنين.
احتلال جنوب لبنان الأول – 1978
في يوم السبت 11 آذار 1978، قامت مجموعة فدائية فلسطينية يقدر عددها بأحد عشر مقاتلاً بالنزول على شاطئ فلسطين المحتلة في منطقة ناتانيا، وكان الهدف من نزولها الضغط على العدو لتحرير أسرى موقوفين لدى الجانب الإسرائيلي. وقد تمكنت المجموعة من السيطرة على سيارتي (أوتوبيس) إسرائيليتين وأخذتهما بركابهما رهائن في سبيل تحقيق الأهداف المطلوبة. لم تذعن السلطات الإسرائيلية لمطالب الفدائيين، وقامت بتنفيذ هجوم مفاجئ ضدهم. أدى إلى استشهاد 9 فدائيين وأسر 2 آخرين ومقتل 33 من قطعان الاسرائيليين وجرح 78 آخرين.
كانت هذه الحادثة هي ذريعة العدو المنتظرة والتي يمكن أن تعطي تبريراً للاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني.
وبعد مرور تسع ساعات على العملية الهجومية الإسرائيلية أعلن رئيس أركان العدو الإسرائيلي «موردخاي غور» للمراسلين في تل أبيب، أن معظم الأهداف المطلوبة قد تم احتلالها.. كما و صرّح بيغن رئيس الوزراء الصهيوني، في مؤتمر عقده في القدس، بأن الجيش الإحتلال قد أتمّ تنفيذ مهمته في جبهة مساحتها 100 كم مربع.
الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982م
جاء غزو إسرائيل للبنان، في حزيران 1982، وليد أوضاع لبنانية وعربية ودولية، استثمرتها إسرائيل وانتهزتها من أجل القيام بعدوانها، ووظفتها لصالح أهدافها التوسعية. ولهذا غدا من الضروري تلمس سمات هذه الأوضاع، للتعرف على الركائز التي انطلق منها العدو في شن عدوانه من أجل التخلص من مخاطر المقاومة اللبنانية التي أعلن الامام موسى الصدر ولادتها عام ١٩٧٥، و بدأت عملياتها ضد العدو الاسرائيلي في جنوب لبنان بقيادة مصطفى شمران ، و من أجل التخلص من خطر منظمة التحرير الفلسطينية.
قاد الغزو الصهيوني للبنان قاتل الاطفال آرييل شارون ، الذي لم يكتفي باحتلال الارض بل نفذ أكبر مجزرة ضد النساء والاطفالفي صبرا و شتيلا…
ولكن رغم قوة آلة القتل الصهيونية ألا انه تمت مواجهتها بعمليات تاريخية لافواج المقاومة اللبنانية و أهمها على مثلث خلدة، ولم ينسحب جيش الاحتلال من بيروت و صورة وصولاً الى الشريط الحدودي الا بعد تكثيف عمليات افواج المقاومة اللبنانية و اعتمادها أساليب إختراق من نوع لم يعتد عليه جيش الاحتلال، حتى برزت في تلك الفترة العمليات الاستشهادية التي غيرت مسار الحرب مع الصهاينة، واهمها عملية الشهيد احمد قصير و عملية الشهيد حسن قصير، وعملية الشهيد بلال فحص.
إنتصار لبنان – ملحمة التحرير عام ٢٠٠٠
خلال أيام قليلة قبل ملحمة التحرير قام أهالي الجنوب اللبناني في الحادي والعشرين من أيار عام 2000 باجتياح بشري مدعوم من قبل المقاومة اللبنانية لتحرير القرى الجنوبية المحتلة ولم تمنعهم الإعتداءات والقصف الذي قامت به قوات الاحتلال من التقدم وبدأ التحرير من بلدة الغندورية باتجاه القنطرة ، و من كفرفالوس باتجاه جزين و قرى جبل الريحان … حيث دخل اللبنانيون عبر مسيرات ضمت مئات الأشخاص ودخلوا إليها للمرة الأولى منذ سنة 1978 في وقت كانت ميليشيا “عملاء جيش لحد” قد انسحبت من مواقعها المتاخمة للبلدات وكان ذلك مدخلاً لعودة الأهالي إلى البلدات الأخرى كالطيبة ودير سريان وعلمان وعدشيت … و تلال عمليات الإنطلاق التي قادها الدكتور مصطفى شمران في شلعبون، ودخل المقاومون رافعين رايات النصر ممتشقين سلاح آبائهم و أبنائهم واخوتهم الذين روو الأرض بأجسادهم لتحريرها من رجس الإحتلال حيث وطأت أقدامهم بلدات المقاومين في جبل الريحان كفرحونة الريحان و عرمتى وسجد، مليخ ولويزة.
وفي اليوم التالي انضمت قرى حولا ومركبا وبليدا وبني حيان وطلوسة وعديسة وبيت ياحون وكونين ورشاف ورب ثلاثين إلى قائمة البلدات المحررة من الاحتلال كما لحقتها تاليا بلدات بنت جبيل وعيناتا ويارون والطيري وباقي القرى المجاورة واقتحم الأهالي معتقل الخيام وفتحوا أبوابه وحرروا الأسرى مع هزيمة الاحتلال وعملائه وفي 24 أيار تقدم الأهالي والمقاومون إلى قرى وبلدات البقاع الغربي وحاصبيا وقراها لتندحر قوات الاحتلال في الخامس والعشرين من أيار ليلاً من جميع المواقع في جنوب لبنان باستثناء مرتفعات مزارع شبعا و تلال كفرشوبة اللبنانية المشرفة على مثلث فلسطين – سوريا – لبنان و يبقى لها في روزنامة المقاومة موعداً مع تحرير يعلن خلاله دحر آخر جندي محتل من الأراضي اللبنانية .. ليكون ذلك تتويجاً لآلاف العمليات التي نفذها أبطال المقاومة منذ تأسيسها على يد سماحة الإمام السيد موسى الصدر في 5 تموز عام 1975 بعد انفجار لغم عن طريق الخطأ في مخيّم تدريبي عسكري في عين البنية – البقاع مما أدّى الى سقوط 26 متدرّباً وعدد كبير من الجرحى ، ليعلن بعدها سماحته ولادة “أفواج المقاومة اللبنانية”.
وبهذا النصر أسقطت المقاومة مبدأ قوات الإحتلال لجهة نقل الحرب إلى خارج فلسطين المحتلة لتجنيب سلطات الإحتلال تكاليف هذه الحرب على جبهتها الداخلية الهشة ووضع المستوطن “الإسرائيلي” أمام حقيقة ساطعة أن الحدود المصطنعة التي ظنها آمنة لم تعد كذلك، كما أثبت ذلك الانتصار صحة رهان المقاومة على الإنسان وحقه في الحياة وقدرته على مواجهة أعدائه كما ترك أثراً سياسياً وإجتماعياً في لبنان والمنطقة والعالم بما قدمه من دروس وعبر تُؤكد القدرة على التخلص من قوى الاحتلال مهما عظم شأنها.