أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، تعليقًا على سؤال حول حل الأزمة في لبنان، أنّه “يوجد جهد مستمر فيما يتعلق بلبنان قام به وزير الدولة القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي وقبل ذلك رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في التواصل مع الجهات اللبنانية، وحضرت قطر الاجتماع الخماسي حول هذا الشأن، وشاركت في النقاش حول إمكانية التوصل إلى حل سياسي، والأكيد أنه ليس لقطر أجندة معينة فيما يتعلق بلبنان سوى تحقيق الاستقرار والازدهار.
ولفت في حديث مع صحيفة “الشرق”، إلى أنّه “كانت الدوحة حريصة على دعم الجيش كمؤسسة وطنية في لبنان، لضمان أن تبقى صامدة في وجه أي أزمات اقتصادية أو سياسية، بالإضافة إلى كافة الجهود التنموية التي يمكن تحقيقها في لبنان، وعلى المستوى السياسي هذه الزيارة وما سبقها كان هدفها الأساسي هو استكشاف آفاق الحل”.
واعتبر الأنصاري، أنّ “الحل في هذه الأزمة هو لبناني- لبناني، أي جانب خارجي يجب أن يكون دوره ميسرا وداعما ومحفزا، وبناء على الأولويات اللبنانية لذلك، فما نقوم به اليوم هو محاولة تكوين وجهات نظر، وهناك اتصال مع شركائنا الدوليين سواء في الإقليم مع المملكة العربية السعودية والأطراف الأخرى، كذلك مع فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، اليوم لبنان يحتاج إلى جهد إقليمي دولي للخروج بلبنان من الأزمة”.
وفيما يتعلق بالملف الإيراني ودور قطر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، كشف أنّ “بالنسبة لقطر الملف النووي الإيراني يحتل أهمية بالغة خاصة، وأن المنطقة لا تحتمل المزيد من التوتر، والمستفيد الأول من خفض التصعيد مع إيران سيكون دول المنطقة بشكل أساسي ومنها قطر بحكم الجغرافيا، وعليه ففي هذه الوساطة تحديدا هناك أجندة قطرية لتحقيق السلام لنا ولشعوب المنطقة، لذلك عملت قطر بشكل مكثف على دعم جهود الوسيط الأوروبي، من خلال استضافة إحدى جولات الحوار المباشر بين الطرفين في الدوحة، وهناك تواصل وزيارات قطرية مستمرة من أجل دفع الحوار”.
وأوضح الأنصاري، “أنني أعتقد أنه في الوقت الحالي ربما لا يكون التفاؤل هو سيد الموقف للوصول لاتفاق، ولكن إمكانية أن يتم تحقيق نجاحات محدودة في طريق الوصول لاتفاق ما زال قائما، وهو ما تعمل عليه الآن قطر مع الشركاء الدوليين، ونحن سعداء حقيقة بأن يكون هناك خفض للتصعيد في المنطقة بشكل عام لذلك رحبت قطر بالاتفاق بين السعودية وإيران، ونتمنى أن نرى الجميع على طاولة الحوار من أجل تحقيق المصلحة المتبادلة”.
وذكر بشأن موضوع اليمن، أنّ “من ثوابت السياسة القطرية هي أن يتم حل الخلافات بالطرق السلمية، انطلاقا من واقعنا الجيوسياسي. فأكبر مستفيد من الأدوات السلمية في حل الخلافات هي بلا شك الدول الصغرى وليست قوى كبرى، وهذا ما يجعلنا اليوم حريصين على دعم الاستقرار والسلام عالميا، عبر تشجيع الجهود السلمية في مثل هذه النزاعات”.
ولفت الأنصاري، إلى “أننا عندما نرى مصالحة في المنطقة، فهذا يخفض معيار التصعيد ويكون هناك جلوس على طاولة الحوار للحديث بشفافية عن الخلافات لإيجاد سبل سياسية لحلها وأن يكون هناك طريق آخر غير السلاح لحل النزاعات بين الدول، تأسست الدبلوماسية على هذه الفكرة. هذه المصالحات ننشدها في المنطقة وهي بلا شك إيجابية وعلينا أن نجعلها مستدامة عبر برنامج المصالح المتبادلة وجهود التنمية وإيجاد قنوات اتصال دائم مما يضمن لشعوب هذه المنطقة مستقبلا أفضل.. فشعوب المنطقة عانت بشكل خاص، إذا ما قارنا كمية الأزمات التي حدثت في منطقتنا خلال القرن الماضي بأي منطقة أخرى في العالم سنجد أننا نتحدث عن تميز من الناحية السلبية وبالتالي تستحق هذه المنطقة عقودا من الاستقرار”.
وتعليقًا على مخرجات اجتماع جدة، أكّد أنّه “كما قرأتم جميعا البيان شاركت فيه دول مجلس التعاون بالإضافة إلى العراق ومصر والأردن.. الهدف الأساسي من هذا الاجتماع كان التباحث حول القضايا الإقليمية المختلفة وعلى رأسها طبعا القضية الفلسطينية، وكما ذكر البيان تم التأكيد على دعم صمود الشعب الفلسطيني واستنكار وإدانة كل هذه الاستفزازات الإسرائيلية في شهر رمضان المبارك، والدعوة إلى احترام الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى المبارك، والتأكيد على خطورة التصعيد ومحاولة تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم هناك. وتم مناقشة القضية السورية وإمكانية المضي قدما بشكل إيجابي لحل الأزمة السورية، عبر القنوات الإنسانية والدبلوماسية. كان اجتماعا تشاوريا غير رسمي هدفه الأساسي هو تبادل وجهات النظر بين الجهات المعنية، وسيفضي إلى نقاشات أوسع على المستوى العربي”.
وحول عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتحفظ الدوحة عن اقامة الاعلاقات الدبلوماسية معها، شدد الأنصاري على “أننا نتمنى أن نشهد حلا للأزمة السورية يحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار. طبعا هذا ليس موقفا قطريا منفردا. قرار عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هو قرار عربي عام، معظم الدول العربية التي اتخذت قرارا ضد النظام السوري لم تجد إلى اليوم مسببات لإنهاء تجميد عضوية سوريا، بما أن الأسباب ما زالت قائمة، الموقف القطري ثابت إن ما لم يكن هناك حل وتطور دبلوماسي سياسي حقيقي يحقق تطلعات الشعب السوري، وأن يكون هناك حالة إجماع عربي على هذا الملف”.
ورأى أنّ “هذه القضية سيادية بإمكان كل دولة أن تعالج الملف السوري كما تراه مناسبًا. ندعم أن تكون هناك مشاورات وأن يكون هناك نقاش على هذه المسألة بين الجهات الإقليمية المختلفة ومع الجهات الدولية. ينبغي التأكيد على أن الموقف القطري كان نابعًا من إدانة واضحة وحاجة إلى التعامل مع جرائم ارتكبت بحق الشعب السوري، هذه الجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم، نحتاج أن يكون هناك ثمن حقيقي يدفع للشعب السوري”.