محمد علوش_ المدن
نهار الجمعة في 24 شباط صدر جدول تسعير المحروقات ليُشير إلى أن سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان مليون 473 ألف ليرة لبنانية، وكان سعر صرف الدولار 81500 ليرة. غاب الجدول أيام السبت والأحد بسبب العطلة الأسبوعية، وعدم حصول ارتفاع في سعر الدولار، خصوصاً أن القيمين على الجدول يرفعون السعر فور ارتفاع سعر الصرف ولو في أيام العطل، لكي لا تُقفل المحطات أبوابها، لكنهم لا يخفضونه بحال انخفض السعر.
عدم التزام بجدول أسعار المحروقات
نهار الإثنين في 27 شباط أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا أن “لا جدول للأسعار اليوم على أن يبقى الجدول السابق ساري المفعول الى حين صدور الجدول الجديد”. نهار الثلاثاء الساعة الثامنة والنصف صباحاً وصل أحمد إلى محطة بنزين شهيرة في الضاحية الجنوبية، فطلب من العامل حسب ما يروي لـ”المدن” تعبئة سيارته بمليون ليرة، فحصل على 12.6 ليترات من البنزين، وهو ما لم يتساوَ مع حساباته كون المليون يُفترض أن يشتري له 13.5 ليترات.
يقول الشاب أنه سأل العامل عن سعر الصفيحة في المحطة، فأجابه بأن سعرها مليون و585 ألف ليرة، أي بزيادة 112 ألف ليرة عن السعر الرسمي، وطبعاً كانت الحجة أن الدولار ارتفع والجدول الجديد لم يصدر، مشيراً إلى أن الدولار كان وقتها 86 ألف ليرة.
بعدها بدقائق صدر جدول تسعير المحروقات، فأعلن أن سعر الصفيحة 95 أوكتان هو مليون 545 ألف ليرة، أي أن صاحب المحطة، وإن كان محقاً بأن الدولار ارتفع، لا يزال يحصل على 40 ألف ليرة زيادة عن كل صفيحة.
هذا التلاعب الواضح بالأسعار، خصوصاً في الضاحية الجنوبية حيث تغيب الرقابة الحقيقية، يجعل كل صاحب محطة يسعّر على هواه، فلا ينتظر صدور الجدول من قبل وزارة الطاقة، علماً أن مصادر في الوزارة تؤكد أن سعر الصفيحة في ذلك التاريخ كان 18 دولاراً، وبالتالي كان صاحب المحطة يسرق نصف دولار عن كل صفيحة من زبائنه.
أصحاب المحطات “يحمون” رأسمالهم
بعد هذه الرواية، تبيّن لنا أن هذه المحطة ليست الوحيدة التي تقوم بذلك، فلدى حديثنا مع مدير محطة محروقات في بيروت حول هذه المسألة، أبلغنا بأن أصحاب المحطات “محقين” في هذه الزيادة، معتبراً في حديث لـ”المدن” أنه من حق هؤلاء حماية رأس مالهم، خصوصاً أن الدولار يرتفع بشكل هستيري، وخلال ساعات قليلة يكون ارتفاعه قد استهلك رأسمال المحطة في يوم عمل كامل، مشدداً على إدراكه بأن هذه المسألة ليست قانونية، إنما يعتبر أن غياب الدولة عن حماية حقوق الناس هو الذي يدفعهم للبحث عن وسائل لحماية أنفسهم.
يرى صاحب المحطة أن الحل يكون بالتسعير بالدولار كما جرى في السوبرماركات، ويمكن وضع سعر الدولار في مكان ظاهر في المحطة، معتبراً أن هذه الوسيلة تحمي صاحب المحطة والمواطن على حدّ سواء.
مصادر وزارة الطاقة تؤكد أن الوزارة ليست المسؤولة عن مخالفات كهذه، فهي من صلاحية وزارة الاقتصاد، داعية للتبليغ عن كل محطة تسرق اللبنانيين.
في بداية الأزمة، شعر لبنانيون أن البنزين الذي يحصلون عليه مخلوطاً بالماء، يؤذي سيارتهم، وأحياناً شعروا بأن الكمية تحترق بسرعة، بحال كانت المحطات تقوم بذلك، فهي كانت تفعلها بالسر، أما اليوم وبعد تحلل الدولة واجهزتها، لم يعد يستحي أحد بفعل ما يُريد، والسرقة أصبحت علنية بحجة سعر صرف الدولار.