شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على رفض اي شكل من أشكال التطبيع في ملف النفط والغاز، سواء عبر صندوق مشترك او شركة دولية، مشيراً الى ان المطلوب هو ترسيم عادل: «نريد حقنا، سواء كان كيلومترا واحدا أو مئة الف كيلومتر».
ولا يفوت الرئيس بري ان يؤكد أهمية توحيد الموقف الداخلي في المعركة الدبلوماسية، لافتا الى انه عندما يكون لبنان موحدا على شيء، لا أخاف ابداً، مُستعيداً في هذا السياق ما أدلى به في خطابه بعد إعادة انتخابه رئيسا للمجلس النيابي حيث خاطبتُ الزملاء النواب بالقول: لنكن 128 نعم صريحة وقوية وواحدة وموحدة ضد اي تفريط بحقوق لبنان السيادية وثروته النفطية.
ويوضح انه أبلغ إلى الفرنسيين ان لا مبرر على الإطلاق لعدم مباشرة شركة توتال الحفر في منطقة تقع على بعد 25 كلم2 عن الحدود المتنازع عليها، معتبراً ان انكفاء توتال يعود إلى الضغط الأميركي.
ويلفت الرئيس بري الى ان الحرب الروسية – الاوكرانية قد تدفع في اتجاه تعجيل التوصّل الى اتفاق لأنّ هناك حاجة دولية الى الغاز.
بالنسبة إلى الشأن الحكومي، أشار الرئيس بري الى ان تشكيل حكومة جديدة يتطلب معجزة، من دون أن يمنعه ذلك من محاولة رَتق العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، إذ أوضح انه تداول مع ميقاتي في إمكان عقد لقاء بين الرؤساء الثلاثة او أقله بين رئيسي الجمهورية والحكومة على هامش الاحتفال بعيد الجيش اليوم. والارجح ان بري بحث أيضا في هذا الاقتراح مع عون خلال اتصال هاتفي، في وقت يحرص رئيس المجلس على اعتبار علاقته مع شريكيه في السلطة جيدة.
اما في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي، فإنّ الرئيس بري يوحي برفضه ان يكون أسير مواعيد مسبقة وبالتالي هو يتصرّف على اساس انه سيّد نفسه في اختبار التوقيت، مشيراً الى انه ليس محكوماً بالدعوة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في أول أيلول، وان امامه هامشاً لتحديد الموعد يمتد الى ما قبل الايام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية.
ويلفت بري الى انه لن يحدد موعدا لجلسة الانتخاب قبل انجاز القوانين الإصلاحية والموازنة التي يُفترض ان يقرّها مجلس النواب في شهر آب، «واذا تأخرتُ عن توجيه الدعوة في مطلع أيلول، يكون السبب الوحيد هو انني أريد اولاً أن أنتهي من إقرار هذه القوانين التي يطلبها صندوق النقد الدولي، حتى نُلاقي الرئيس الجديد بمناخ جديد، ثم ان الدعوة ليست عملية ميكانيكية، واذا وجّهها رئيس المجلس قبل حصول نوع من التفاهم الداخلي يكون عجولاً».
ويشدد الرئيس بري على أن من حق المجلس الاستمرار في التشريع خلال المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية بإستثناء الأيام العشرة الاخيرة التي يصبح خلالها المجلس حكما هيئة ناخبة. ويتابع مبتسماً: مع الأسف الشديد، أيّدني جريصاتي في هذا الرأي (مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي).
ويؤكد رئيس المجلس على أن “المطلوب رئيس للجمهورية يحمل نكهة مسيحية واسلامية ولكن قبل كل شيء نكهة وطنية”، مشيرا الى ان الرئيس يجب أن يجمع ولا يفرّق، بحيث يكون علامة جمع لا طرح ولا قسمة.
وحين يُسأل بري عما اذا كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قد اطلق معركته الرئاسية من عين التينة بعد اللقاء الاخير الذي جمعهما؟ يجيب: ان اي لقاء او اتفاق مع سليمان فرنجية هو بالتأكيد في سبيل مصلحة لبنان.
وعندما يقال لبري: هل بإمكانك تجاوز الحيثية المسيحية للرئيس المقبل؟ يجيب بصيغة السؤال: منذ رئاستي للمجلس عام 1992 هل من مسألة تتجاوز الحيثية المسيحية او الإسلامية مَرّرتها؟ ان اي امر يسبّب ولو شِبه شرخ أوقفته.
ويضيف: ان لبنان متعدد الألوان بطوائفه التي هي نعمة ولكننا حوّلناها لطائفية وهنا النقمة، ومع ذلك لبنان أصغر من ان يُقسّم، تماماً مثل الذرة التي اذا قُسّمت تنفجر.
وعما اذا كان يتوقع الذهاب نحو تغيير اتفاق الطائف، يلفت بري الى ان القانون لا يُنفذ في لبنان فكيف بتعديل الطائف؟
وحول رأيه في تداعيات خروج الرئيس سعد الحريري من المعترك السياسي، يشير بري الى انه لم يكن مع قرار الحريري بالابتعاد «وقد أبلغته بذلك عندما زارني ليطلعني على قراره»، لافتاً الى ان المجلس النيابي الحالي الذي غاب عنه تيار المستقبل يشبه مجلس 1992 حين قاطعَ المسيحيون الانتخابات النيابية فصار لبنان آنذاك أعرجاً.
ويتابع: هذه المرة ومع احترامي للنواب السنة، أثبتت الانتخابات النيابية من عكار الى الناقورة ان تيار المستقبل يملك حيّزاً واسعاً، وقد سمعت ان سماحة مفتي الجمهورية يريد أن يجمعهم حتى تكون هناك مقاربة واحدة للتحديات والاستحقاقات، وانا اشجّع ذلك.
سيلاحقونني إذا
ومع اقتراب ذكرى انفجار المرفأ، يؤكد الرئيس بري انه يحتكم الى الدستور في مقاربة التحقيق المتعلق بهذه القضية، نافياً ان يكون التمسّك بمرجعية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هروب من المحاسبة والحقيقة. ويضيف: لا مانع لدي في الاحتكام الى القضاء العادي ولكن الغوا أولاً المواد الدستورية المتصلة بدور المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وإلا فأنا أُلاحَق اذا لم أطبّق الدستور الذي دُفعت فيه دماء.
ثم لا يلبث بري ان يستدرك قائلاً: لو كنت مقتنعاً انّ علي حسن خليل وغازي زعيتر فجّرا مرفأ بيروت «ما كِنت بخَلّيهن ينامو ببيوتن».
وحول اتهامه من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بإفشال عهد الرئيس ميشال عون، يرد رئيس المجلس باقتضاب: إذا أتتهم علّة من الله يقولون نبيه بري. ويتابع: دَخلكن، جبران متّفِق مع الجميع إلا أنا؟
وعن قضية المطران موسى الحاج، يكتفي بري بكلمتين: «طبّقوا القانون».
وفي ملف أزمة الكهرباء، يكشف بري انه تبلّغ من ممثل البنك الدولي ان سبب عدم استجرار الطاقة الكهربائية الى لبنان من الأردن هو بسبب تخلّف الدولة اللبنانية حتى الآن عن تعيين الهيئة الناظمة، علماً ان قانوناً في هذا الشأن صدر منذ 14 سنة، موضحاً ان البنك الدولي ربطَ تمويل المشروع بتشكيل الهيئة الناظمة.
التحرش الجنسي
وتعليقاً على ما تخلل الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي من سجالات وشتائم، يلفت بري الى انه تم تضخيم الأمر وأُعطي حجماً اكبر مما يستحق «علماً انه يحصل اكثر من ذلك في مجالس العالم، وفي كل الأحوال، النواب جميعاً هم زملاء وموضع احترام».
ويشير في هذا السياق الى انه سبق للمجلس النيابي ان أقرّ قوانين ضد العنف الأسرى والتحرش الجنسي ولحماية المرأة من العنف.
ويستغرب بري دخول منظمة العفو الدولية على الخط وإصدارها بياناً من دون أن تراجعنا وتستمع الى رأينا «الا اذا كان هؤلاء من ngos لبنان أيضاً».
ويشدد بري على ضرورة عودة النازحين السوريين لأنّ ذلك اساسي للاقتصاد والوضع اللبناني عموما، لافتاً الى ان أغلبهم أتوا من مناطق أصبحت محررة وآمنة وبالتالي لا مبرر لعدم عودتهم اليها.
ويشير الى ان «اخواننا السوريين يستهلكون نحو 450 الف ربطة خبز يومياً، وطالما هم موجودون هنا علينا أن نرعاهم كما نرعى أنفسنا. ولكن لماذا لا يرجعون الى الأماكن التي أصبحت تحت سيطرة الدولة؟».
وعن البهدلة التي يتعرض لها اللبنانيون جرّاء أزمة الخبز، يقول بري بإيجاز: البهدلة الحقيقية هي للمسؤولين.
عماد مرمل- الجمهورية