قبل أيام قليلة من انتهاء مهلة تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية، يتركّز النقاش حول القرارات النهائية لعدد كبير من القوى والشخصيات في الطائفة السنية. وقد برز أمس تطور كبير بإعلان مصادر قريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ميله إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات، التزاماً بالاتفاق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ما سينعكس سلباً على حجم المشاركة السنية في التصويت، وسط مساع واضحة من تيار المستقبل لكسر محاولة “المنشقّين”، بقيادة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، فرض أمر واقع برعاية سعودية.
وعلمت “الأخبار” أن ميقاتي أبلغ مقربين منه وشخصيات زارته أنه يتجه إلى العزوف، وأن القرار النهائي سيتبلور في اليومين المقبلين، وأن النقاش يجري حول ما إذا كان سيحصر قراره بعدم خوض الانتخابات به شخصياً ويدعم ترشيحات مقربين منه. علماً أن ميقاتي نفى أن يكون قد وافق على دعم أي مرشح خرج عن “طاعة” الحريري، في إشارة إلى مشروع اللوائح الشمالية التي يعمل عليها النائبان السابقان مصطفى علوش وأحمد فتفت بالتعاون مع كوادر من التيار تمردت على قرار الحريري الخروج من المعركة الانتخابية.
وفيما أشيع في بيروت أن لقاء السنيورة في باريس أخيراً بمسؤول أمني سعودي مهّد الطريق أمام خوضه الانتخابات، كرر رئيس الحكومة السابق تمام سلام أمام زواره أنه ليس في وارد الدخول في العملية الانتخابية. كما تبلّغ السنيورة بأن غالبية كوادر تيار المستقبل ملتزمة قرار الحريري، ما حصر جهوده في الحصول على دعم “مجموعة العشرين” التي انقسمت على نفسها أيضاً، فيما لم تقرر غالبية روابط العائلات البيروتية موقفها النهائي بعد. علماً أن مزاج المقاطعة تعزّز بعد التعثّر الذي واجه ماكينة بهاء الحريري إثر تراجع عملها في أكثر من منطقة. كما أعلنت قيادات من التيار التزامها قرار الحريري مثل محمد القرعاوي في البقاع الغربي ومحمد الحجار في إقليم الخروب.
مصادر على صلة بالحريري أشارت إلى أن قراره عدم خوض الانتخابات غير قابل للاجتزاء، ولو تطلب الأمر عدم المشاركة اقتراعاً وليس ترشيحاً فقط. وقالت إن الحريري يتواصل مباشرة أو من خلال مساعدين مع عدد غير قليل من الفعاليات لتأكيد رفض أي محاولة لكسر القرار، ما يهدد بتقليص نسبة الاقتراع السني في الانتخابات المقبلة. ويترافق ذلك مع تراجع عدد كبير من الشخصيات في بيروت وطرابلس عن استقبال مرشحين من أطراف عدة للتشاور في الانتخابات.
ميقاتي والسنيورة
بدورها، اشارت “الجمهورية” الى انه قبل ايام على إقفال باب الترشيحات الثلثاء المقبل، تقلّص هامش المناورة امام موجة الترشيحات. وفي الوقت الذي تردّد انّ رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة قرّر العزوف عن الترشح، ربطت المراجع المطلعة موقفه بخطوة مماثلة يمكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان يخطوها، لأنّه يريد إدارة العملية الانتخابية من موقع المستقل، ومعه أعضاء حكومته كاملة.
وقالت اوساط حكومية لـ”الجمهورية”، انّ مشهد الانتخابات النيابية في الشمال لم يتضح بعد، وانّ رئيس الحكومة ما زال يدرس الموقف، وإن كانت فكرة العزوف عن الترشح واردة لديه. ولفتت الى انّ ميقاتي كان من الأوائل الذين اعلنوا انّهم سيمتنعون عن الترشح للانتخابات، انطلاقاً من كونه رئيساً لحكومة من مسؤوليتها إجراء الانتخابات. فهو يرى انّ من حيث المبدأ لا يجوز له ولا لوزراء حكومته الترشح للانتخابات، لضمان اجرائها بعيداً من أي تدخّل فيها صرف للنفوذ.
وإلى ذلك، علمت “الجمهورية” من مصادر قريبة من السنيورة، انّه لم يتخذ بعد أي موقف نهائي، ترشيحاً او عزوفاً عن الترشيح، وانّ موقفه سيتبلور الثلثاء المقبل، قبل ساعات من انتهاء مهلة تقديم الترشيحات منتصف ليل الثلثاء ـ الاربعاء. وقالت هذه المصادر، انّ السنيورة سيشكّل لائحتين في بيروت وطرابلس، وسيكون له مرشحين في دوائر صيدا والشوف والبقاع.
وفي غضون ذلك، عزف النائبان رولا الطبش (بيروت) ومحمد الحجار (الشوف) عن الترشح للإنتخابات، التزاماً بقرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ويُنتظر ان يعزف آخرون من اليوم وحتى الثلثاء المقبل.