بقلم زياد الزين* – خاص ليبانون تايمز
يجب ان يتخطى المحللون السياسيون في أقلامهم اي ايعاز او املاءات سياسية على قاعدة “للحفظ غيبا ” في التعامل مع المؤتمر الصحفي الذي اطلقه دولة الرئيس سعد الحريري بالأمس. فهو ليس حدثا عابرا في الحياة السياسية اللبنانية وليس لعبة بلياردو للترفيه السياسي، بل يمكن ان اذهب الى الأبعد مع التمسك الكامل بقناعاتي السياسية وانتمائي السياسي وقفزا فوق كل الآداء المؤسساتي للشيخ سعد قبولا حينا او مساكنة او تسجيل ملاحظات او حتى الرفض بشقيه الجزئي والكلي احيان كثيرة ؛ لذلك فإننا نشخص واقعة الأمس بالجرح التاريخي الذي يحفر آثارا مباشرة ليس في الحياة السياسية ولا في التقليد السياسي الذي نتنكر له، بل في الحياة الوطنية التي سيشوبها تشوهات خلقية في ممارسة التواصل بين عدة جسور لطالما شكلت شبكة الأمان في البلد. لا سيما مع حقبة تعاظم الفتنة السنية الشيعية على مستوى العالم وخاصة الهلال العربي والقمر الخليجي حيث لم يتهرب الرجل من مطالبات دولة الرئيس نبيه بري واصراره على ابتداع طاولة حوار مستطيلة وليست مستديرة بالمعنى البروتوكولي ولاقاه الأقوياء غير المترددين مصرين على اسقاط مشروع الفتنة في لبنان وعدم تعرضه لشظايا المحيط بل تقديم هدايا في نماذج الحوار الراقي العقلاني الهادئ الذي جعل لبنان يتجاوز اخطر مرحلة في تاريخ الحروب المستعرة على طول الجبهات.
ان الرجل وبغض النظر ان كان موفقا أم لا في اختيار مصطلحاته في التعبير او ما تضمره من رسائل في المضمون ؛ ومحاولته حرف اسباب التنحي عن الحقائق الدامغة ؛ ورمي الكرة في غير هدف؛ قد اعلن برأينا عن افلاس في حالة الاعتدال التي كنا نراهن كثيرا على تراكم تجاربها وفتح الباب وبالتأكيد عن غير قصد لوراثة التطرف المذهبي الخطير الذي سيعكس نفسه في موقعين وازنين: الحياة السياسية وشبكاتها ثم الحياة البرلمانية وتوازناتها. ان سقوط اي حالة اعتدال بالنسبة الينا تسجيل هدف في مرمى بناء الهيكل الوطني السليم القائم على أعمدة العدالة والمساواة والانفتاح. ان خلق بدائل لا تشبه لبنان هي عملية معقدة في الأسباب والنتائج ؛ والسؤال المطروح هل هذا هروب ام تهرب بل ابعد من ذلك هل هو جنوح ام غرق.
حاول الشيخ سعد بالأمس صياغة اسطورة جديدة؛ ومن عمل طويلا في السياسة اللبنانية كان يجب ان يستنتج ان لا عمالقة في لبنان الا من يغلّبون لغة الوطن على لغة المصالح المباشرة. هناك صديق صدوق قدم لبن العصفور في اكثر من مرة حفاظا على لغة التعايش وليس تمسكا بالأشخاص فيا ليتك سمعت من رجل الامانة والضمانة ان الوحدة باتت في ارباك وخطر وان لبنان الاعتدال حزين.
*مدير منشآت النفط في الزهراني