افتتاحية صحيفة الأخبار
حدثان أساسيّان يشهدهما هذا الأسبوع يثبتان أن الوصول إلى قعر الهاوية لم يعد سوى مسألة وقت. اليوم، يرفع الدعم عن البنزين جزئياً، والخميس تقرّ بطاقة تمويليّة بلا تمويل، تمهيداً لمزيد من القرارات القاسية المتعلّقة برفع الدعم. أمام هذا الواقع المأسوي، تزداد السلطة إصراراً على اعتماد الإنكار والكذب سبيلاً لمواجهة غضب الناس. وآخر فنونها اعتبار أن إقرار رفع الدعم سيزيد من فرص تأليف الحكومة!
مرحلة جديدة من مراحل الانهيار يدخلها لبنان اليوم. البنزين سيقفز إلى نحو 70 ألف ليرة للصفيحة، ربطاً بقرار مصرف لبنان دعم المحروقات على سعر 3900 ليرة للدولار بدلاً من 1500 ليرة، والذي حصل على تغطية قانونية تجيز له تغطية هذا الدعم من التوظيفات الإلزامية. ولأن سعر صفيحة البنزين سيرتفع نحو 25 ألف ليرة، فقد سعت المحطات إلى تقليص المبيعات في الأيام الماضية، وصولاً إلى إقفال معظمها أمس، تمهيداً لاستئناف المبيعات اليوم وفق السعر الجديد. الموزّعون بدورهم قاموا بالأمر نفسه، وكذلك فعل المستوردون، وسط توقعات بوجود آلاف الأطنان من البنزين في الأسواق. وبدلاً من أن تضرب وزارة الاقتصاد بيد من حديد، ملزمةً المحطات بفتح أبوابها، وبدلاً من رقابة جدية تفرض على القطاع، اكتفت مصلحة حماية المستهلك باستعراضات، أدّت إلى فتح بعض المحطات لفترات وجيزة، بعدما تبيّن وجود مخزون لديها.
ومع فتح المحطات أبوابها اليوم، فلا أحد يضمن انحسار الازدحام أمامها، بالنظر إلى كون القرار محدّداً بثلاثة أشهر فقط، على أن يليه رفع إضافي للدعم. لكن بالتوازي مع هذا القرار، الذي ينذر بزيادة الطلب على الدولار قريباً، كان سعر صرف الدولار يصل إلى عتبة 18 ألف ليرة للمرة الأولى في تاريخه. وكما جرت العادة، فإن الارتفاع الكبير تحقّق في نهاية الأسبوع، في الوقت الذي ينحسر فيه الطلب على الدولار. مصادر مصرفية كانت قد تساءلت عن سرّ هذا الارتفاع، طالما أن قرار تخفيض الدعم على البنزين سيقترن بتأمين مصرف لبنان للدولارات المطلوبة. لكن التوقعات تشير إلى أن الارتفاع لن يتوقف عند حد نظراً إلى كثافة المؤشرات السلبية، إن كانت سياسية أو اقتصادية أو نقدية. فالحكومة في خبر كان، بالرغم من بثّ بعض الإيجابيات، والدعم في خبر كان بالرغم من أنه قد يستمر لأشهر قليلة إضافية، فيما البطاقة التمويلية يتم التعامل معها كرشوة انتخابية.
وفيما يتوقع أن تعقد الهيئة العامة لمجلس النواب اجتماعاً الخميس، لإقرار قانون الشراء العام وقانون البطاقة التمويلية، علمت “الأخبار” أن المساعي التي بدأتها كتل “المستقبل” و”التيار الوطني الحر” و”القوات”، وجزء من “حركة أمل”، لتضمين القانون فقرة تتعلق بترشيد الدعم، قد تكثفت في الأيام الأخيرة. وهذا النقاش كان قد أخذ حيّزاً كبيراً في اللجان المشتركة، قبل أن يتم التوصل، بالتنسيق مع رئيس المجلس، إلى مخرج يقضي بإرفاق المشروع برسالة من الحكومة تعلم فيها مجلس النواب بنيّتها ترشيد الدعم وفق جدول سبق أن سلّم إلى اللجان (لم يُحوّل إلى مجلس النواب بعد، بانتظار الانتهاء من التعديلات عليه).
وكان لافتاً أن من يسوّق لإقرار صريح لرفع الدعم تحت عنوان “ترشيد الدعم”، يسوّق له على خلفية أن تحمّل مجلس النواب لهذه المسؤولية، يمكن أن يساهم في تسهيل تأليف الحكومة، انطلاقاً من أنّ هذه الكأس، وكما يرفض حسان دياب تجرّعها، كذلك يرفضها سعد الحريري، ويفضّل تأليف الحكومة بعد تجاوز مرحلة رفع الدعم، علماً بأن هذا النقاش يتغاضى عن أمر أساسي هو أن حاكم مصرف لبنان وحده المتحكّم بمصير الدعم. وهذا ما أكّده وزير الاقتصاد راوول نعمة في اللجان، حين أعلن أن الحكومة لا تستطيع أن تفرض على رياض سلامة رفع الدعم أو إبقاءه. وهو لطالما اتّخذ القرار الذي يريده بهذا الشأن، بحيث يدعم ما يريد من السلع ويرفض دعم ما يريد، وآخر قراراته في هذا السياق كان رفعه الدعم عن الخميرة المستخدمة في صناعة الخبز، من دون الرجوع إلى أحد. لذلك، بدا أنه حتى لو أقرّ المجلس النيابي ترشيد الدعم بالتوازي مع إقرار البطاقة التمويلية، فإن عقبة أساسية ستواجه التنفيذ تتعلق بعدم التنسيق مع سلامة.
لكن إلى حين الاتفاق على الإخراج الملائم لمسألة الدعم، فإن النواب يجتمعون الخميس لإقرار بطاقة تمويلية من دون تمويل. حتى اليوم، ليس واضحاً إن كانت ستموّل عبر قروض مجمّدة للبنك الدولي أو عبر مصرف لبنان، علماً بأن الصياغة القانونية تشير إلى فتح اعتماد استثنائي في الموازنة بقيمة 837 مليار ليرة (تعادل 556 مليون دولار، وفق السعر الرسمي)، يفترض أن يدفعها مصرف لبنان، على أن تُردّ له عند الحصول على قروض أو مساعدات لهذه الغاية. لكن كما بالنسبة إلى الدعم، فإن مسألة البطاقة لم تناقش مع سلامة ولم يعرف ما إذا كان سيوافق على تمويلها أو لا، علماً بأن مصرف لبنان صار يميل إلى دفع قيمة البطاقة بالليرة، وهو ما يمكن أن يطرح مجدداً في الجلسة العامة، إضافة إلى مسألة تعديل المبلغ.
وإذا كان ثمة من يسعى إلى ربط رفع الدعم بتأليف الحكومة، فقد كان لافتاً ما أوردته “المركزية” في السياق نفسه، إذ نقلت عن “مصادر مطلعة” التوصل إلى اتفاق على مخرج لصيغة حكومية جديدة “قد تكون عبارة عن اتفاق على تشكيلة من 24 وزيراً موزعة “4 ستّات”، بين الرؤساء: ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، والمجتمع المدني، على أن تشارك فرنسا والمنظّمات الدولية في التسمية لحقائب الخدمات والطاقة والاتصالات والأشغال والمالية والشؤون”.
لكن في المقابل، أشارت مصادر متابعة إلى أن لا شيء من ذلك قابل للتطبيق، مؤكدة أن الأمور لا تزال عالقة ظاهرياً على تسمية الوزيرين المسيحيين، وعملياً على رفض الحريري تأليف الحكومة بدون مباركة سعودية، ورفض جبران باسيل التراجع أمام الحريري. وعليه، فإن كل الأبواب لا تزال مغلقة، ومنها اعتذار الحريري. فبعدما كان يسعى إلى “اعتذار منظّم” اصطدم بعقبات عديدة، منها: رفض بري، انطلاقاً من أن خطوة من هذا النوع ستكون بمثابة انتخاب جديد لميشال عون. عدم وجود البديل الفعلي، وحتى لو وجد، فلا أحد يضمن أن يكرر جبران باسيل الشروط نفسها التي فرضها على الحريري.
وعلى وقع التفاؤل المزيّف الذي يسعى البعض إلى تسويقه في سعيه إلى إبعاد شبح التعطيل عنه، شهدت عطلة نهاية الأسبوع فقرة من الصدق، عبّر عنها نواب التيار الوطني الحر وحركة أمل، إضافة إلى جمهور الفريقين، إذ عبّر الطرفان عن عمق الأزمة بينهما، والتي يصعب على حزب الله معالجتها.
وكان الخلاف قد بدأ مع تغريدة للنائب سيزار أبي خليل توجّه فيها إلى الأميركيين بالقول: إذا كانت الولايات المتحدة جادة في محاربة الفساد في لبنان، فعليها قطع الروابط ووقف دعم أركان النظام الفاسد، أمثال سعد الحريري ونبيه بري ووليد جنبلاط. فردّ عليه النائب علي خريس، معتبراً أن “مكافحة الفساد تبدأ من الفاسد ميشال عون”. وعلى هذا المنوال، استمرت حرب المواقف بين نواب الطرفين، قبل أن يبادر التيار إلى إصدار بيان يدعو فيه مناصريه إلى وقف أيّ تراشق إعلامي مع حركة أمل، إفساحاً في المجال أمام السيد حسن نصر الله للنجاح في مسعاه الحكومي، ورغبة من التيار الوطني الحر بتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن”. وتلاه بيان من أمل بالمضمون نفسه، لينتهي مؤقتاً توتّر بين الطرفين، كلما خبا عاد أكثر قوة، بما يطرح السؤال عن إمكانية الوصول إلى تأليف الحكومة في ظلّ أزمة ثقة لا تقتصر على التيار الوطني الحر والمستقبل، بل تقف حركة أمل في وسطها بدعم مطلق للحريري.
افتتاحية صحيفة النهار
الفوضى الحارقة… في قلب الدار
كيف سيمر قطوع #المحروقات الحارقة و#الدولار الحارق هذا الأسبوع ولا يسقط لبنان في المحظور الذي بدأت معالمه الحارقة ترتسم على الأرض؟
كل شيء غدا حارقاً في اللحظة التي بلغها لبنان والتي تخوف الداخل والخارج ان يبلغها ما دامت حكومة انقاذية تمنع الانزلاق الى الانهيار الكبير منعت بقوة التعطيل القاهرة ولا تزال ممنوعة حتى اشعار أخر على رغم الثرثرة الجديدة التي تحدثت عن مشروع تحريك للشلل الذي يحكم الازمة. والى ان تتضح في الساعات المقبلة ملامح الاتجاهات لاحتواء تداعيات الازمة الاجتماعية المتصاعدة، فان لبنان بدا فعلاً في اليومين الأخيرين كأنه صار في النقطة الأقرب من خطر انفجار اجتماعي غير مسبوق وتفشي فوضى بالغة الخطورة امام التهاب أسعار معظم المواد الحيوية والأساسية التي ستزداد اشتعالاً مع ترقب قفزة كبيرة في أسعار المحروقات بدءاً برفع سعر صفيحة البنزين الى نحو تسعين الف ليرة ! ومع سعر ناري سيقفز دفعة واحدة الى هذا السقف والتهاب مماثل في ما بلغه سعر الدولار في #السوق السوداء ناهز سقف 18000 ليرة فان ما شهدته البلاد من الجمعة الى ليل امس الاحد من تقطيع اوصال عبر اقفال الطرق الرئيسية بكثافة في كل المناطق قد لا يقاس بالتطورات التي ستقبل عليها في اتساع #التحركات الاحتجاجية بل انفجارها بما يخشى ان يتجاوز قطع الطرق وشل الوضع العام، على ما كان الكثير من المعنيين يرددون في الساعات الأخيرة. ومع ان هذه اللحظة كانت محسوبة ومتوقعة من اللحظة التي اتخذ فيها قرار المضي في دعم استيراد المحروقات من خلال الية استثنائية تقترض عبرها الدولة من مصرف لبنان المبالغ اللازمة للاستيراد على أساس اعتماد سعر رسمي جديد للدولار هو 3900 ليرة، فان اشتعال الشارع بدا انعكاساً اولياً لتفلت مخيف في سعر السوق الدولار ذكر انه كان نتيجة أساسية لإقبال المصارف على شراء كميات كبيرة من الدولار تحسباً لبدء تنفيذ تعميم مصرف لبنان المتعلق بدفع مبلغ 400 دولار وما يوازيه بالليرة للمودعين ابتداء من اول تموز. وتزامن الامر مع اشتداد ازمة المحروقات في ظل ترقب رفع الأسعار مطلع هذا الأسبوع مع وضع جدول أسعار جديد ذكرت معلومات انه سيسعر صفيحة البنزين ما بين 70 الف ليرة و90 الفا.
تسريبات.. للحشر
وعشية أسبوع يبدو انه يحمل كل عوامل التفجير الاجتماعي بدا لافتاً ان يتسارع تسريب طروحات تجريبية تتصل ب#الازمة الحكومية حملت “شبهة” حشر الرئيس المكلف سعد الحريري. هذه الطروحات سربتها مصادر متصلة بـ”التيار الوطني الحر” فتحدثت عن أن “الاتصالات الحاصلة تنطلق من الأفكار التي طرحها رئيس التيار النائب جبران #باسيل في اطلالته الأخيرة، والتي تجاوب معها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وعلى اثرها حصل لقاء بين باسيل والحزب كما اعلن السيد، وبين الحزب وكل حركة امل وتيار المستقبل”.
وزعمت ان “الافكار التي طرحها باسيل والتي استفسر الحزب ملياً عنها، تحمل في طياتها مشروع حل حكومي واضح المعالم، ويبقى أن يكون الرئيس المكلف سعد الحريري قد أصبح جاهزاً للتأليف، وأن يشجعه رئيس مجلس النواب نبيه بري على المضي في التشكيل”. وقالت ان التهدئة الاعلامية التي حصلت ناجمة من مجمل هذه المعطيات. ولكن سرعان ما تبين ليلاً ان أحداً من المعنيين الكبار ولا سيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن على علم اطلاقا بهذه الطروحات وقيل أيضا ان الرئيس ميشال عون نفسه لم يكن على بينة منها.
وبدورها أفادت “وكالة الانباء المركزية” ان الرئيس الحريري سيعود الى بيروت خلال الساعات المقبلة وتحدثت عن “اتفاق على مخرج لصيغة الحكومة وخطوة جدية الاربعاء قد تكون عبارة عن اتفاق على تشكيلة من 24 وزيرا موزعة 4 ستات، فيما يبقى عالقا موضوع الثقة ويتردد ان المخرج يقضي باعطاء الحرية لنواب تكتل لبنان القوي”. (في اشارة الى 6 وزراء لقوى المجتمع المدني)
كما ذهبت تسريبات أخرى الى الحديث عن ترشيحات لاسماء جديدة في وزارات الخدمات الرئيسية كالطاقة محسوبة على فرنسا، كما عن مشاريع مدوارة في الحقائب وتوقعات تتصل بلقاء بين الحريري وباسيل …
سجالات وهدنة
ولعل المفارقة الهزلية انه في حين كان لبنان يشهد صعوداً مخيفا للتوترات الاجتماعية تحت وطأة اشتعال سعر الدولار في السوق السوداء واشتداد ازمة المحروقات وعودة الاحتجاجات الشعبية الى الاحتدام الواسع مع قطع الطرق في معظم مناطق لبنان، كاد انفجار احدى أسوأ الموجات من السجالات العنيفة بين “التيار الوطني الحر” وحركة “امل” في توقيت شديد الاحتقان والالتباس وبمضمون سياسي بالغ الحدة والانفعال ينذر بانحراف العلاقة المتفجرة بين هذين الفريقين الى منحى طائفي الامر الذي ربما حدا بهما الى وقفها مساء السبت بعدما تطاير تبادل السجالات على وقع اعنف التغريدات والتصريحات المتبادلة بين نواب الفريقين وأنصارهما على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما على الأرض فبدا الوضع اشبه ما يكون باقتراب العد العكسي من نهايته لانفجار في الشارع لا احد يدري هذه المرة كيف ستكون عليه صورة لبنان في ظله مع تواصل قطع الطرق في معظم المناطق في اليومين الأخيرين وحصول صدامات عنيفة بين مجموعات من المحتجين والجيش في طرابلس وصيدا. كما يخشى ان تتطور الأمور اكثر نحو العنف مع مزيد من تفلت كبير لاسعار السلع الغذائية والحيوية يواكب الارتفاع الذي سيحصل في أسعار المحروقات بدءا من مطلع الأسبوع.
هنية في بيروت
هذه الأجواء الداخلية الحارة لم تحجب دلالات و صول رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” #إسماعيل هنية مع وفد من قيادة الحركة إلى بيروت، في زيارة “رسمية” ضمن سلسلة الزيارات التي شرعت بها قيادة الحركة في بداية الشهر الحالي. وكانت معطيات سبقت الزيارة لفتت الى ان توقيتها بعد حرب غزة الأخيرة يواكب مسعى لعودة الحركة الى سوريا ولبنان في ظل قيود عليها.
واكد هنية ان “زيارة لبنان تكتسب دائما أهمية خاصة، لكونها فرصة للقاء المسؤولين في الدولة، بدءا برئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، عدا عن قادة الفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة والأحزاب والفاعليات اللبنانية، وأبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات الصمود والعودة”. وشدد على أن “اللقاءات ستتضمن البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك، بدءاً بملف العلاقات الثنائية، وكيفية العمل على تنسيقها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وكذلك البحث في التطورات السياسية التي ترتبت على هذا الانتصار، الذي صنعه الشعب الفلسطيني من رحاب المسجد الأقصى والقدس، امتدادا إلى كل نقطة جغرافية داخل فلسطين التاريخية، وكل أبناء الشعب الفلسطيني في كل مواقع الشتات وأحرار العالم”. وأضاف: “سيكون بحث أيضا في الإجراءات الإسرائيلية التي ما زالت متواصلة في القدس والأراضي المحتلة والتأكيد على ثوابت الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص حق العودة، رفض التوطين ورفض الوطن البديل”، موضحا أن “هذه الثوابت السياسية راسخة في أدبيات الحركة والشعب الفلسطيني والمقاومة، ومتقاطعة بالشكل الكامل مع أدبيات لبنان رسميا وشعبيا”.
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
“حزب الله” يضبط إيقاع الحلفاء… فهل تولد حكومة الـ”4 ستّات”؟
“همّ كلّ اللبنانيين” إلى الفاتيكان: جماعة “حرامية” تحكمنا!
لم يعد يهزّ سلطة “التماسيح” أي فجيعة أو مصيبة تلمّ بالناس، فهي تأقلمت مع حالة الانحطاط التي أوصلت إليها البلد وتريد من المواطنين أن يتأقلموا معها، ويعضّوا على جرح كرامتهم النازف على مختلف جبهات الذل من دون أن يؤتوا بأي حركة تعكّر صفو “الاستقرار العام”. فلبنان أضحى محكوماً من “جماعة سياسية” امتهنت “إفقار شعبه، وضرب نظامه، وتشويه ميثاقه، وتزوير هويته، وهدر كرامة أبنائه” كما وصفها البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، تتعمّد “عزل لبنان عن أصدقائه، وها هي اليوم تمدّ يدها لتسرق أموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان”.
باختصار، البلد تحكمه جماعة “حرامية” نهبت المال العام والخاص وأثبتت الوقائع والتجارب أنه ليس ثمة رادع إنساني أو أخلاقي يردعها عن الإمعان أكثر فأكثر في سياسة السلب والنهب حتى آخر فلس في الخزينة… وبهذا المعنى ندد الراعي بسياسات هذه الجماعة التي “تحلل لنفسها مد اليد إلى أموال الشعب، وتحرّم على نفسها تأليف حكومة للشعب تقوم بالإصلاحات”، مؤكداً أنّ هذا الهمّ الذي يعني “جميع اللبنانيين وليس المسيحيين وحدهم” سيحمله معه إلى الفاتيكان للمشاركة في “لقاء التفكير والصلاة من أجل لبنان” الذي دعا إليه البابا فرنسيس في الأول من تموز.
وأوضح البطريرك الماروني في قداس الديمان، أن القضية التي سيصار إلى طرحها خلال لقاء الفاتيكان هي “قضية لبنان بما هي قضية الحرية والحوار والعيش المشترك المسيحي – الإسلامي بالمساواة والتضامن والتعاون في هذا الشرق”، وأضاف: “نذهب لنؤكد لقداسته حرص اللبنانيين على الحياة معاً رغم جميع الخيبات والحروب التي مروا فيها بسبب تعدد الولاءات، أو بسبب أخطائهم أو خصوصاً بسبب التدخل الخارجي المقيت في شؤونهم، فنؤكد أن إنقاذ الحياة المشتركة بين اللبنانيين واستقراره السياسي وازدهاره الإقتصادي تحتم اعتماد حياده مع التنفيذ الدقيق لدستوره وللقرارات الدولية، ولو تطلب الأمر انعقاد مؤتمر دولي خاص بلبنان، طالما أن الحوار السياسي والتسوية الداخلية متعثران”.
وتزامناً، يواصل فتيل الانفجار الاجتماعي اشتعاله على أرض الحراك المطلبي والمعيشي في بيروت والمناطق، فسادت خلال عطلة نهاية الأسبوع عمليات كرّ وفرّ بين المتظاهرين والقوى العسكرية والأمنية لا سيما في طرابس وصيدا، حيث أسفرت المواجهات والاحتكاكات الميدانية عن إصابات في صفوف عسكريين ومدنيين.
وعلى وقع غليان الشارع، سارع “حزب الله” إلى تبريد “الرؤوس الحامية” على ضفّة حلفائه، فبادر خلال الساعات الأخيرة إلى إخماد مرابض النيران بين “عين التينة” و”البياضة” إثر قصف مركّز متبادل بين الجبهتين طيلة نهار السبت. ونقلت مصادر قيادية في 8 آذار أنّ “جهوداً بُذلت على أعلى المستويات في اليومين الماضيين للجم التصعيد المتبادل بين “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل”، وتم التوصل في ضوئها إلى عقد هدنة سياسية وإعلامية تضبط الإيقاع بين الحلفاء تمهيداً للبحث في السبل الآيلة إلى تدوير الزوايا الحكومية”.
وبينما تواترت معلومات متقاطعة مساءً تفيد بوجود “حراك جدّي” بين أكثر من جهة معنية بالملف الحكومي لتعبيد الطريق أمام بلورة “أفكار جديدة” قابلة للتأسيس عليها في سبيل ولادة الحكومة، أكدت المصادر صحة هذه المعلومات لكنها فضلت عدم الغوص في تفاصيلها “بانتظار اكتمال مروحة المشاورات الجارية”، مكتفيةً بالإشارة إلى أنّ “كل الأفرقاء يستشعرون خطر الاستمرار في دوامة المراوحة القائمة وما قد ينتج عنها من فوضى اجتماعية وأمنية، ولذلك فإنّ الأمور متجهة نحو إعادة صياغة الحلول الحكومية المطروحة تحت سقف مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري”.
وإذ أعربت عن اعتقادها بأنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون “مفصلية” لتحديد مسار الأوضاع، تناقلت أوساط سياسية وإعلامية ليلاً معطيات حول بعض الأفكار المتداولة لإيجاد أرضية مشتركة يتم التأسيس عليها حكومياً، ومن بينها فكرة استبدال صيغة “3 ثمانيات” بصيغة “4 ستات” لتوزيع الحصص الوزارية بين أفرقاء الحكومة في تشكيلة الـ24 وزيراً، مع العمل على التوصل إلى مخرج مناسب لمسألة منح تكتل “لبنان القوي” الثقة للحكومة نظير نيله حصة من ضمن حصة رئيس الجمهورية، وقد يكون هذا المخرج على قاعدة “ترك حرية التصويت” في جلسة الثقة لنواب التكتل، بما يتيح منح بعضهم الثقة للحكومة مقابل حجبها من قبل البعض الآخر.
افتتاحية صحيفة الجمهورية
“الجمهورية”: الإستحقاق الحكومي أسير الإنكار القاتل… والحريري عائد ويلتقي بري تواً
أسبوع بعد أسبوع وأزمة التأليف الحكومي تراوح مكانها منذ اكثر من ثمانية أشهر، فما أن يلوح في الأفق بريق أمل بانفراج ما، سرعان ما تبرز مواقف لتنسفه، ما جعل كثيرين، من معنيين وغير معنيين، يردّدون دوماً في معرض الحديث عن تأليف الحكومة بالقول: «تخبزوا بالافراح».
ولم تشهد عطلة نهاية الاسبوع اي تطور ايجابي، تأسيساً على مواقف الافرقاء السياسيين الذين يواصلون الاشتباك في ما بينهم، في عملية تبادل ادوار تُظهرهم وكأنّهم جميعاً متآمرون على البلد ومصالح الناس، الذين يكتوون بأزمة معيشية خانقة تتصاعد يوماً بعد يوم، ويُتوقع لها ان يشهد هذا الاسبوع فصلاً جديداً، مع بدء اعتماد تسعيرة جديدة للمحروقات على أساس سعر الـ3900 ليرة للدولار الاميركي. علماً أنّ ما شهدته طرابلس وصيدا خلال اليومين المنصرمين، من احتجاجات واعمال شغب وتخريب، طاولت ممتلكات عامة وخاصة، قد يكون مقدمة لتحركات اكبر واعظم في بيروت والمناطق، خصوصاً مع استمرار ارتفاع الاسعار المضطرد والمتفلّت من اي رقابة على كل السلع الاستهلاكية، في الوقت الذي تسود ازمة دواء تهدّد البلاد بكارثة صحية، وكأنّه لم تكفها أزمة كورونا.
لم يُعلن أمس او يرشح اي موعد يتصل بالاستحقاق الحكومي هذا الاسبوع، على رغم استمرار التعويل على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي لا تزال تحظى بدعم الأفرقاء المعنيين في الداخل، وكذلك دعم الجانب الفرنسي. فيما سُجّل في هذا الصدد توقف السجالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين المعنيين، خصوصاً بين حركة «أمل» و»التيار الوطني الحر» اللذين اصدرا بيانين يدعوان محازبيهما الى التوقف عن نشر اي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، يشيع اجواء الخلاف او يسيء الى المساعي الجارية علناً وبعيداً من الأضواء، لتأمين التوافق على الحكومة العتيدة تأسيساً على مبادرة بري.
الى ذلك، استبعدت مصادر مطلعة ما روّج له البعض خلال الساعات الماضية، حول احتمال التوافق على تشكيلة حكومية في الأيام القليلة المقبلة، بعد زيارة يقوم بها الرئيس سعد الحريري الى القصر الجمهوري الأربعاء المقبل عقب عودته من الخارج.
وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «إنّ نوعاً من الإنكار القاتل لا يزال يسود المعنيين بتشكيل الحكومة. والخطورة انّ هذا الإنكار للواقع ليس قاتلاً لأصحابه فقط بل للبلد أيضاً». واستغربت كيف انّ الهمّ الاساسي لطرفي النزاع الحكومي هو كسر الآخر، فيما الانهيار يتمدّد ويكاد يكسر ظهر الوطن.
وفي هذه الأجواء، وتزامناً مع غياب اي نشاط علني يتصل بعملية تأليف الحكومة، كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الحريري سيكون في بيروت خلال الساعات المقبلة، عائداً من باريس أو انقرة لا فارق. فهو يستعد للعودة تأكيداً لمعلومات تحدثت عن حصيلة ما يجري من بحث في الكواليس عن مخارج للتأليف الحكومي يمكن التوصل اليها في الساعات الـ 72 المقبلة، على قاعدة تؤكّد مجدّداً ان لا ثلث معطلاً لأحد في الحكومة الموعودة.
ولفتت المصادر عبر «الجمهورية»، الى انّ الحريري لن يقوم بأي نشاط قبل لقاء يعقده فور عودته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، في رسالة واضحة يؤكّد فيها انّ المبادرة ما زالت في عهدة رئيس المجلس، وهو ما أراده «حزب الله» وأطراف آخرون، يعارضون كل ما قام به رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وصولاً الى ما نُقل عن مرجع يتعاطى بملف التأليف من انّه «لن يكون هناك مخرج ما لم يولد من عين التينة»، وانّ مثل هذه الخطوة تعزز «الحلف الذي سيحكم المرحلة المقبلة».
وفي انتظار معرفة الصيغة الجديدة التي يمكن التوصل إليها، أجمعت مصادر متعددة عبر «الجمهورية»، على انّ الحديث عن تشكيلة الـ (6+6+6+6) هو مجرد مزحة وتلاعب على الارقام، لاستبعاد الصيغة التي قالت بالـ (8+8+8)، والتي وصفها باسيل بأنّها «مثالثة»، وهو ما التقت عليه مصادر في قصر بعبدا و«بيت الوسط» وعين التينة والضاحية الجنوبية.
الانتخابات المبكرة
من جهة اخرى، توقعت اوساط سياسية ضمن فريق ما كان يُعرف بالأكثرية، ان يزداد الضغط لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بعد نتائج انتخابات نقابة المهندسين، التي ادّت الى خسارة واسعة للائحة السلطة، مشيرة الى انّ البعض سيفترض بعد تلك النتائج أَنّه يمكن أن تنسحب على الانتخابات النيابية اذا جرت قريباً.
وقد حقّقت لوائح «النقابة تنتفض» فوزاً كاسحاً في انتخابات نقابة المهندسين التي جرت أمس في مركز النقابة في بئر حسن، وبيّنت النتائج فوزها بـ 6 فروع مقابل فرع واحد هو الفرع السادس الذي يمثّل موظفي القطاع العام في الدولة اللبنانية، والتابع لتحالف مختلف أحزاب السلطة.
وفي الانتخابات التي جرت أمس لانتخاب رؤساء الفروع وانتخابات المندوبين، كان هناك 20 مرشحاً في الفروع، وتمكنت «النقابة تنتفض» من تحصيل 15 مقعداً، فيما نال تحالف «المستقبل» وحركة «أمل» المقاعد الخمسة المتبقة. أما بالنسبة الى المندوبين فحققت «النقابة تنتفض» فوزاً كاسحاً بفوز 221 مرشحاً من أصل 232 مندوباً.
البابا والبطاركة
من جهة ثانية، استبق البابا فرنسيس لقاءه المقرّر اول الشهر المقبل مع البطاركة ورؤساء الكنائس في لبنان، برسالة وجّهها إلى بطاركة الشرق الكاثوليك، تطرق فيها إلى تكريس المنطقة للعائلة المقدسة. لافتاً إلى أنّ «هذا الحدث يدعو الجميع إلى إعادة اكتشاف دعوتهم، أي أن يكونوا مسيحيين في الشرق الأوسط، وليس فقط أن يطالبوا بالاعتراف العادل لحقوقكم كمواطنين أصليين في تلك الأراضي الحبيبة، بل أيضا بأن يعيشوا رسالتهم، رسالة حراس وشهود للأصول الرسولية الأولى».
أضاف: «منذ بداية حبريتي، حاولت أن أكون قريباً منكم في آلامكم ومعاناتكم، أولاً لما ذهبت حاجاً إلى الأرض المقدسة، ثم إلى مصر، والإمارات العربية المتحدة، وأخيراً قبل بضعة أشهر إلى العراق. ثم لما دعوت الكنيسة كلها للصلاة والتضامن الفعلي من أجل سوريا ولبنان، اللذين امتحنتهما الحرب وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي».
الراعي
وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس في قداس «يوم السلام للشرق وتكريس الشرق للعائلة المقدسة» في الديمان، عن تلبية دعوة البابا فرنسيس الى لقاء الأوّل من تموز: «سيكون هذا اليوم محطة مهمة في مسار جهود قداسته لمساعدة لبنان على بقائه وطن الشراكة المسيحية ـ الإسلامية، ودولة الممارسة الديموقراطية، ومجتمع السلام والرقي والحضارة. لا نذهب إلى الفاتيكان حاملين همّ المسيحيين وحدهم، بل همّ جميع اللبنانيين، «فكلنا في الـهمّ لبنان».
وأضاف: «إننا نحمل معنا حقيقة الوضع اللبناني من النواحي الكنسية والوطنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، خصوصاً في ظل جماعة سياسية تتعمد عزل لبنان عن أصدقائه، وإفقار شعبه، وضرب نظامه، وتشويه ميثاقه، وتزوير هويته، وهدر كرامة أبنائه، وهي أغلى ما لديهم. وها هي الجماعة السياسية إيّاها تمدّ يدها اليوم لتسرق أموال المودعين من خلال السحب من الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، وكأنّها تريد تمويل حملاتها الانتخابية من أموال المودعين. وهذه جريمة موصوفة. فأي قرار حكومي أو تشريع نيابي يقرّ هذا السحب، إنما يستوجب الطعن فيه لدى المرجع القضائي المختص».
واستغرب الراعي «أمر هذه الجماعة السياسية التي تحلّل لنفسها مدّ اليد إلى أموال الشعب، وتحرم على نفسها تأليف حكومة للشعب. هل صار كل شيء ممكناً ما عدا تأليف حكومة؟ إنّ جميع التدابير البديلة التي تلجأ إليها السلطة هي نتيجة الامتناع عن تشكيل حكومة إنقاذ تقوم بالإصلاحات الضرورية فتأتيها المساعدات من الدول الشقيقة والصديقة ومن المؤسسات الدولية. ألّفوا، أيها المسؤولون، حكومة ودعوا أموال الناس للناس».
عودة
بدوره، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قال خلال قداس إلهي في مطرانية بيروت، إنّ «في بلدنا يموت البشر بحثاً عن رغيف خبز أو صفيحة بنزين، وقد هزّنا، كما كل الرأي العام، خبر مأساة العائلة التي قضت بسبب البحث عن وقود للوصول إلى المطار، لاستقبال رب العائلة الذي هاجر بحثاً عن لقمة عيش لم يؤمّنها له بلده. مع هذا، لم يتحرك ضمير المسؤولين، بل أبقوا على نهجهم السياسي التدميري في إطلاق البيانات والبيانات المضادة، متجاهلين مآسي شعب هلك رجاؤه». ولفت عودة، إلى أنّ «القطيعة وحدها تجوز عندنا، والخلافات على المكاسب والحصص تؤدي إلى التعطيل، فيما الطبيعي أن يجتمع المسؤولون، كل المسؤولين، عند المصائب والأزمات، ويتكاتفوا لإيجاد المخارج، متناسين أنفسهم ومصالحهم. إنّ خطورة الأوضاع الإقتصادية والمالية والإجتماعية والإنسانية تستوجب عملاً إنقاذياً سريعاً، لكن المؤسف أن لا أحد يبالي».
واعتبر أنّ «الخارج لا يريد للبنان أن ينهار، ومسؤولوه لا يعملون شيئاً لمنع الإنهيار، فالإتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية متضامنة مع لبنان وشعبه، تتحسس معاناته وتريد مساعدته، شرط أن يسرع المسؤولون في تشكيل حكومة تقوم بخطوات إصلاحية، ولا أحد يبالي. ماذا سيفعلون إذا خرج الوضع عن السيطرة؟ وإذا شحّت المحروقات أو أُغلقت المستشفيات أو انقطع الدواء، فجميعنا نعاني. لذلك، على الحكماء في هذا البلد، والمسؤولين الحقيقيين الذين يهتمون لمصيره، أن يسارعوا إلى الإجتماع والبحث عن مخارج للأزمة تنقذ الجميع، مهما كانت التضحيات. والممر الإلزامي هو تشكيل حكومة تتولّى زمام الأمور».
قبلان
وإعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أنّ «لبنان الآن أمام كارثة كبرى، والعدّ العكسي للإنهيار الكبير من الممكن جداً قد بدأ، وإمكان التأقلم معدومة، والبلد يتجّه نحو فوضى شاملة ومؤكّدة». وأشار في بيان، الى أنّ «المطلوب بكل جدّية وضرورة قادة وطن مضحّين، لا قادة حرائق وطوابير وتجويع وترويع وحرب أهلية وفوضى وجنون، فالحل بأيديكم الآن أيها الساسة، بحكومة بلا قنابل طائفية. وإلّا، فتحضّروا للإنفجار الكبير».
هنية في بعبدا اليوم
على صعيد آخر، وصل الى بيروت أمس رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية على رأس وفد من الحركة، في زيارة رسمية تبدأ قبل ظهر اليوم بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل ان يجول على بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، وذلك في إطار سلسلة من الزيارات التي بدأها عقب «حرب غزة» الاخيرة.
وفي برنامج هنية مجموعة من اللقاءات مع القيادات الحزبية، وابرزها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، ومجموعة من رؤساء الأحزاب في حلف الممانعة. وعلمت «الجمهورية»، انّ الوفد المرافق الذي يجول على القيادات الرسمية والحزبية، سيكون خالياً من أي ديبلوماسي فلسطيني معتمد في سفارة فلسطين في بيروت، ما يوحي بما لا يزال عليه حجم القطيعة الشاملة بين الحركة وحلفائها في السلطة الفلسطينية.
وقال هنية فور وصوله: «زيارة لبنان تكتسب دائماً أهمية خاصة، لكونها فرصة للقاء المسؤولين في الدولة، بدءاً برئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، عدا عن قادة الفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة والأحزاب والفاعليات اللبنانية، وأبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات الصمود والعودة». وشدّد على أنّ «اللقاءات ستتضمن البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك».
الاسعار والاحتجاجات
اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، علمت «الجمهورية» انّ جدولاً جديداً لاسعار المحروقات سيصدر على اساس سعر 3900 للدولار الاميركي، وذلك بعدما طلبت وزارة الطاقة من المستوردين السبت الفائت، ان يوقفوا تسليم المحروقات للمحطات، بعد عملية التكييل التي اجرتها ادارة الجمارك، وأوقفت الكمية المتبقية، الى حين اصدار الجدول الجديد، ليتمّ تسليمها على اساس سعر 3900 ليرة للدولار الواحد.
وكان قد حصل كباش في هذا الشأن خلال اليومين المنصرمين. اذ ارادت كل المحطات بيع المخزون المتبقي لديها، لكن حصلت مشكلات تأخير حالت دون ذلك. ولذا، ستُصدر وزارة الطاقة جدول الاسعار الجديد للمحروقات، وهو القرار الاستثنائي الذي كانت الحكومة اتخذته الاسبوع الماضي.
الى ذلك، تتواصل الإحتجاجات وقطع الطرقات بسبب غلاء المعيشة والارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار. ونفّذ أمس عدد من الناشطين في الحراك الشعبي وأهالي مدينة طرابلس، وقفة تضامنية مع الجيش وسائر القوى الأمنية، في ساحة النور في المدينة، تحت شعار «نرفض الاعتداء على الكرامات، والمتاجرة بلقمة العيش واستغلال فقر وقهر الناس، والاعتداء على الجيش»، وذلك بعد ليلة عاصفة (أمس الأول)، تخلّلتها احتجاجات ومسيرات شعبية وأعمال شغب وإطلاق أعيرة نارية وإلقاء قنابل يدوية، ما أدّى الى سقوط عدد من جرحى.
ونفّذ الجيش انتشاراً واسعاً في شوارع المدينة وأمام السرايا الحكومية والمؤسسات الرسمية، واستقدم تعزيزات عسكرية، وتمكّن من إعادة السيطرة على الوضع الميداني وفتح الطرق أمام حركة السير صباحاً، قبل أن تعود الإحتجاجات الى الشارع مساء أمس.
وفي عكّار، تمكّن عناصر من قوى الأمن الداخلي وعدد من الشبان، من إحباط محاولة أحد الاشخاص، الذي رمى البنزين على سيارته بهدف إحراقها أمام إحدى محطات الوقود على طريق عام حلبا – خريبة الجندي، إثر فورة غضب انتابته، بعد يأسه من محاولات متكرّرة وساعات انتظار طويلة لتأمين مادة البنزين.
أمّا جنوباً، فقد تجمّع عدد من المحتجين عند ساحة النجمة في صيدا، وتوجّهوا بعدها الى مدخل مبنى البلدية وحاولوا اقتحام البوابة الحديد، الّا انّ الجيش منعهم وأبعدهم.
في حين أقدم مواطنون غاضبون على قطع الطريق عند ساحة الشهداء في صيدا بالعوائق الحديد، وأبقوا على مسرب لمرور سيارة واحدة، وذلك احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية. ومساء قطع عدد من المحتجين ساحتي النجمة ورياض الصلح في المدينة بالاطارات المشتعلة.
وتشهد المدينة تحرّكات يومية، تتمثل بقطع طرقاتها الداخلية والرئيسية، وسط دعوات للنزول الى الشارع من اجل الضغط لإيجاد حلول للأزمات.
ومساء أيضاً، أفيد عن قطع أوتوستراد الدكوانة – سن الفيل في ساحل المتن الشمالي، بالإضافة الى قطع المسلك الشرقي لأوتوستراد جبيل بالإطارات المشتعلة وتحويل السير إلى الطريق البحرية.
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا، تسجيل 163 إصابة جديدة (137 محلية و26 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 544454 اصابة. كذلك سُجّلت حالتا وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 7843 حالة.
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى الفوضى وتدهور الأمن المجتمعي أكثر
تصاعد مخاوف اللبنانيين مع تفاقم عمليات السطو والسلب
بيروت: بولا أسطيح
بات الهاجس الأمني أبرز ما يؤرق اللبنانيين الغارقين أصلاً في مشكلاتهم المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ فبعدما ظل الوضع ممسوكاً إلى حد كبير في الأشهر الماضية، تسارعت التطورات والمستجدات في الأيام الماضية التي توحي باتجاه البلد إلى الفوضى مع تفاقم عمليات السطو والسلب؛ مما جعل كثيراً من المواطنين يعتمدون تدابير جديدة، كالامتناع عن الخروج ليلاً إلا في حالات طارئة، والامتناع عن زيارة مناطق بعيدة ونائية، وتفادي التوقف عند الصرافات الآلية في المصارف ليلاً، وتفادي وضع الحلي والساعات الثمينة.
وشهدت أكثر من منطقة؛ سواء شمالاً وفي البقاع شرقاً، في الأيام الماضية عمليات سطو وسلب؛ بحيث كان يجري توقيف صهاريج المحروقات بالقوة والاستيلاء عليها، والاعتداء على سائقين ينقلون حليباً للأطفال ومستلزمات طبية. وأفيد بإقدام مجهولين على استدراج أحد اللبنانيين إلى مدخل بلدة الخضر عند الطريق الدولية شرق البلاد حيث سلبوه حمولة زيت قُدرت قيمتها بـ20 مليون ليرة (نحو 13 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي).
كذلك جرى تداول إقدام عدد من الأشخاص على سلب مواطنين الأكياس التي كانت معهم عند خروجهم من سوبر ماركت كبير قبل فرارهم بعيداً.
وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، إنه كان قد نبه منذ مارس (آذار) الماضي إلى تدهور الوضع الأمني المجتمعي، «وتعرضنا حينها لهجمات وحملات، وتبين أنني كنت محقاً… اليوم هناك خوف من الأسوأ ومن تدهور الأمن المجتمعي أكثر؛ لأن هناك الكثير من الناس الجائعة وهم يستطيعون أن يتحملوا كل شيء إلا جوع أولادهم؛ لذلك ما دام الوضع على ما هو عليه؛ فستزداد الفوضى، لكنها لن تتحول إلى فوضى تامة». وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «سنعمل بكل ما أوتينا من قوة للمحافظة على القوانين والنظم المعتمدة، وسنحمي المواطنين والممتلكات العامة والخاصة».
وكان فهمي أعلن في مارس الماضي أن الوضع الأمني في لبنان «تلاشى» وأن البلد بات «مكشوفاً على كافة الاحتمالات وليس فقط اغتيالات»، لافتاً إلى أنه لم يعد بمقدور القوى الأمنية تنفيذ 90 في المائة من مهامها.
وبحسب «الشركة الدولية للمعلومات»؛ ازدادت عمليات القتل والسرقة منذ مطلع عام 2021، فارتفعت جرائم القتل بنسبة 45.5 في المائة، أما جرائم السرقة فارتفعت بنسبة 144 في المائة، في حين استقر عدد السيارات المسروقة على 115 سيارة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).
وعدّ رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – أنيجما»، رياض قهوجي، أن «الوضع يتجه لمزيد من الفوضى مع غياب أي أفق لحل سياسي للأزمة الحكومية والاقتصادية في البلد»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مع استمرار ارتفاع الأسعار وانهيار الليرة تزداد الأمور صعوبة على معظم المواطنين في تأمين متطلبات العيش. فالأمن الإنساني بمكوناته السبعة (الأمن الاقتصادي والغذائي والتربوي والبيئي والصحي والسياسي والاجتماعي) مفقود في لبنان، وهذه مسؤولية الدولة؛ مما يثبت أن لبنان بات دولة فاشلة».
وأضاف قهوجي: «من الطبيعي أن نشهد ارتفاعاً في معدل السرقات والجرائم؛ لكن لا يمكننا أن نتوقع الكثير من أجهزة أمنية عناصرها لا تستطيع تأمين قوت يوم عائلاتها وبعضهم يبحث عن وسيلة لترك البلد، علماً بأن هناك تقارير بأن أعداداً منهم تمتنع عن الخدمة وربما هاجرت». وختم: «لبنان في حالة سقوط حر، ولا أحد يعلم كيف ستنتهي هذه المأساة ومتى».
وتحسباً لتطور الأوضاع دراماتيكياً، أقدم كثير من المواطنين على زيادة إجراءات الحماية حول منازلهم، فاشتروا بوابات جديدة، أو استقدموا كلاباً لتأمين الحراسة.
وتقول رندا الهبر (44 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرة الأولى منذ سنوات التي لم أعد أشعر فيها بالأمان؛ لا في المنزل ولا على الطرقات. أشعر بأنني وعائلتي مهددون في أي لحظة بالسرقة أو القتل بهدف السرقة، وأعتقد للأسف أن الهجرة باتت الحل الوحيد».
افتتاحية صحيفة اللواء
يوم مفصلي مالي وحكومي.. وعقوبات أوروبية تسابق التأليف!
هزيمة مدوّية لأحزاب السلطة في نقابة المهندسين.. ومشاورات لترشيد الحراك في الشارع
احتدم النزال على نحو خطير في الساعات الماضية بين الارتفاع الغامض، والهستيري، لسعر صرف الدولار، بحيث التهم الأخضر واليابس، وصار حديث الصغار والكبار على مشارف الـ20 ألف ليرة لكل دولار، والحراك، الذي خرج عن المألوف، في الشارع، وتوجه إلى المؤسسات، تكسيراً وتحطيماً، مما أدى إلى اشتباكات مع القوى الأمنية، لا سيما في طرابلس، حيث اصيب عسكريون من الجيش اللبناني، لوقف الإشكالات، التي كادت ان تتحوّل أهلية، ودامية، وسط تأزم سياسي، وهو الأول من نوعه خلال السنوات الـ14 الماضية، وضمن انقسام أهلي، طائفي، بين المعنيين بالمبادرات أو تأليف الحكومة.
ad
وعلمت «اللواء» ان مشاورات جرت بين مجموعات الحراك والقوى الأمنية لمنع الاحتكاك في الشارع، وترشيد التحركات في الإطار السلمي.
المخاض الخطير
وفي غمرة هذا المخاض الخطير، تتجه الأنظار إلى كيفية تمويل المصرف المركزي القرض الذي تطلبه الإدارة السياسية (الرئيسان عون ودياب والوزراء المعنيون) لإعادة ضخ الدولار لدى التجار والمستوردين، والمحتكرين لتأمين المال المطلوب للنفط وربما بعده للدواء، والقمح، وهو تطوّر مفصلي مالي له تأثيراته.
وفي وقت تشتد المطالبة بوقف الدعم كلياً، وتحرير سعر صرف الدولار في سوق القطع، من غير المستبعد ان يتخذ المجلس المركزي قراراً، بالتجاوب مع طلب «الادارة السياسية».
وكان سلامة أصر خلال اللقاء مع عون في بعبدا على ان يوقع الرسوم الاستثنائي رئيس الحكومة المستقيلة.
وفي اليوم السياسي المعطل حكومياً، ما يتوضح تماماً ما يمكن فعله لجهة عودة الرئيس الحريري، والسير في خطة لمشروع صيغة جديدة.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء «أن أي ملامح حول تحرك حكومي فعال لم يتظهر وما ينقل من أفكار لا تزال في طور النقاش وبالتالي لم يطرأ ما هو جديد أو يمكن البناء عليه لأن اي مقترح يفترض أن ينقل إلى رئيس الحكومة المكلف أيضا.
وأوضحت المصادر أن هناك استفسارا ما إذا كان تبدلا طرأ في المقاربة التي يتمسك بها رئيس الجمهورية بشأن التوازن والمعايير المطلوبة لافتة إلى أن هناك اتصالات ولقاءات لكنها قد تصب في إطار تهيئة الأجواء وتهدئة النفوس مع العلم أن حركة الوسطاء في الملف الحكومي ليست متقدمة لكنها حاصلة بأنتظار التفاعل وما قد تحمله من تطورات جديدة.
(محمود يوسف)صفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ما يتم ترويجه من سيناريوهات التشكيل بانها غير صحيحة وهدفها تقطيع مزيد من الوقت سدى ورمي مسؤولية التعطيل باتجاهات مغايرة وقالت: لو ان جزءا يسيرا من التقدم قد تحقق لامكن البناء عليه والانطلاق منه بسرعة باتجاه حلحلة الامور، ولكن معظم المواقف على حالها، وما يحكى عن افكار وطروحات تقدم بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى ممثل حزب الله، لا تتعدى الدعاية الاعلامية الكاذبة والهروب إلى الامام، وهي في مجملها مجموعة متجددة من المواقف والشروط التعجيزية المغلفة بقالب تجميلي، هدفها الاساس الالتفاف على مبادرة الرئيس نبيه بري وتعطيل مفاعيلها والحصول على الثلث المعطل بطريقة ملتوية، ما ادى الى رفضها وابقاء حدة الخلاف بين رئيس المجلس والرئيس المكلف من جهة والفريق الرئاسي من جهة ثانية على حالها برغم كل محاولات حزب الله لوضع حد له، في حين لم يسجل اي تحرك بارز من الحزب باتجاه رئيس التيار الوطني الحر للبناء على ما ورد في الاطلالة الاعلامية الأخيرة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بخصوص تذليل العقد والصعوبات التي تعترض التشكيل، مايعني عمليا ان ولادة الحكومة الجديدة مؤجلة حاليا، بانتظار تبيان مصير الصفقة الاميركية- الايرانية.
ad
وأشارت مصادر إلى ان السيّد نصر الله سيطل مجدداً في 5 تموز المقبل.
وقال ممثّل الاتحاد الأوروبي في لبنان السفير رالف طراف، ان مجيء دوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، كان بهدف تأليف حكومة، قادرة على اتخاذ القرارات الضرورية، مشيرا إلى ان الأمل ممكن بتغيير الوضع، وتساءل مَنْ يضمن ان تتمكن الحكومة من اتخاذ القرارات؟
وقال: نحن نناقش مسألة العقوبات في بروكسل، بانتظار جهوز الإطار القانوني، أكّد هدفنا: ليس فرض عقوبات، بل التشديد على وعي اهتمامنا بالوضع في لبنان، وإيجاد حل.
وطالب بتأليف حكومة قادرة، بصرف النظر عن العدد، والاختصاص أو وحدة وطنية، مؤكدا ان الدعم الذي يقدمه المصرف المركزي يجب ان يكون مناطقياً وهدفه دعم من هم بحاجة إليه، لا دعم من ليسوا بحاجة إليه.
نقابة المهندسين
وفي تطوّر له دلالات، على عزلة أحزاب السلطة هزمت لائحة «النقابة تنتفض» لائحة أحزاب السلطة، وسط حماس، قلّ نظيره، سواء لجهة فعالية الترشيح والاقتراع، في انتخابات، حسمت أمس، وكان بدأت عند التاسعة صباحا وفازت بـ216 من أصل 227 مرشحا على لائحتها في حين كان عدد المرشحين 283 أي ما نسبته 70٪ على ان تستكمل الانتخابات في 18 تموز المقبل، على ان يكون الانتخاب مخصصاً للنقيب، الذي يرجح ان يكون بول نجار الذي كان له الدور الكبير في تحقيق الإنجاز.
وقال نجار: ما حدث خطوة على طريق طويلة.. وهي معركة تخاض من أجل كل الشهداء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت.
وكشف عن كثافة في عدد المهندسين الذين صوتوا وترشحوا.. وقال: أكبر عدد من الأصوات.
وهاب: حملة على برّي والحريري
واعتبر الوزير السابق وئام وهّاب ان الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري سيكونان خارج المعادلة الداخلية.. فالرئيس الحريري على طريق الخروج من الحياة السياسية، وان القرار الدولي الكبير غير متحمس لبقاء برّي في رئاسة مجلس النواب.
ودعا الحريري ضمناً إلى الاعتذار منتقداً دعم برّي له.
ad
وكان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، قال في حفل تأبيني لضحايا حادث الاصطدام في السعديات في بلدة الشرقية، أكد ان حزب الله هو احرص طرف في البلد على تشكيل الحكومة، مشيرا إلى ان «البعض لا يريد تشكيل حكومة اليوم بل يريد فتح معركة الانتخابات النيابية باكرا، حتى لو غرق البلد في الأزمات.
بالانتظار
وبانتظار نتائج المساعي التي وعد الامين العام لحزب الله ببذلها مجدداً، وانتظار نتائج لقاء وزيري خارجية فرنسا واميركا جان ايف لودريان وانتوني بلينكن، والخطوات التي يمكن ان ينفذها الجانبان حيال الوضع اللبناني لا سيما لجهة الدفع بإتجاه تشكيل الحكومة بالتوازي مع التلويح بعصا العقوبات على معرقلي الحلول، ظهر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري يوم السبت في تركيا حيث استقبله الرئيس رجب طيب اردوغان وجرى بحث الاوضاع اللبنانية والاقليمية.
ونفت مصادر تيار المستقبل خبراً نشره احد المواقع مفاده أن الحريري يسعى الى تأمين هبة تركية عبارة عن بواخر توليد طاقة كهربائية وفيول لمدة ٦ اشهر. وقالت: أن الواضح جيداً من هذه الاخبار تحميل الرئيس الحريري تبعات امر لم يتم البحث فيه.
وفي المواقف، دعت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد إجتماعها الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل «رئيس الحكومة المكلف الى التجاوب مع المساعي المبذولة والإقدام فور عودته إلى لبنان على تشكيل حكومة قادرة أن تضع حدّاً للتدهور الخطير المتواصل مالياً وإقتصادياً».
الى ذلك وبعد اشتداد التراشق الاعلامي وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بين نواب ومحازبي التيار الوطني الحر وحركة «امل»، صدر عن اللجنة المركزية للإعلام في التيار بيان جاء فيه: «افساحاً في المجال امام السيد حسن نصرالله للنجاح في مسعاه الحكومي، ورغبةً من التيار الوطني الحر بتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، يطلب التيار من مناصريه وقف أي تراشق اعلامي مع حركة «أمل».
ولاقى المكتب الاعلامي المركزي لحركة «أمل» الخطوة بمثلها واصدر بياناً قال فيه: «لما كنا دوماً من الحريصين على عدم الدخول في سجالٍ مع أي طرف داخلي، وكنا في موقع الرد على تصريحات وتغريدات تستهدف الرموز والقيادات، وبعد بيان التيار الوطني الحر الأخير، نطلب من جميع المناصرين وقف كل أشكال السجالات الإعلامية مع التيار الوطني الحر».
لقاء خلدة
وفي تطور سياسي مهم، انعقد اللقاء الدرزي الثلاثي في دارة النائب طلال إرسلان في خلدة، وحضره رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، والوزير الاسبق غازي العريضي ومستشار ارسلان فرحان ابو حسن.
وتلا وهاب بيان المجتمعين فقال: ناقش المجتمعون القضايا الوطنية العامة من كافة جوانبها وشؤون طائفة الموحدين الدروز واصدروا البيان التالي: «ان الهم المعيشي الذي يعانيه اللبنانيون كافة وابناء الجبل خاصة يتطلب اعلى مستويات الجهوزية والتحرك الفوري لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بضبط الوضع وتجنبا للكوارث والمآسي، والمدخل الى ذلك ان نتحمل المسؤولية الوطنية عبر تشكيل حكومة جديدة».
وناشد البيان المغتربين «دعم المؤسسات التي لعبت دورا جبارا في المرحلة الماضية ومستشفى عين وزين نموذجاً».
واكد المجتمعون «على انهاء ذيول الاحداث الاليمة التي وقعت انطلاقا من القوانين والاعراف المعمول بها في طائفة الموحدين الدروز ورفع الغطاء عن كل من يخل بأمن الجبل واستقراره. كما اتفقوا على مرجعية الجيش اللبناني والقوى الامنية في حفظ السلم الاهلي. وتم التأكيد على العمل المشترك للوصول الى تفاهمات حول كل القضايا التي تتعلق بتنظيم شؤون الطائفة الدرزية انطلاقا من مشيخة العقل».
وردا على سؤال اشار وهاب الى ان البحث تطرق الى ضرورة تشكيل الحكومة في اسرع وقت وان كل الاطراف يجب ان تتحرك لتشكيلها.
الارتفاع الجنوني والتحركات
ارتفع الغليان الشعبي بالتوازي مع الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الذي لامس عتبة الثمانية عشر الفا مقابل الليرة، وفقدان الدواء والسلع الاساسية وارتفاع اسعار ما توافر منها، بالتوازي مع عدم تمكن الشركات من تأمين معاشات الموظفين جراء بعض الاجراءات المصرفية التي حالت دون قبض معاشات التوطين، بإنتظار ما ستسفر عنه تدابير المصرف المركزي لدفع مستحقات شركات المحروقات لإستيراد المادة على سعر 3900 ليرة. عدا عن اقفال جميع المحطات او اغلبيتها العظمى ابوابها خلال اليومين الماضيين بسبب اجراءات الكشف على مخزونها لبيعه على السعر القديم قبل البدء بالسعر الجديد، وجرت مداهمات امنية للعديد من المحطات للتأكد من عدم تخزينها المحروقات وبيعها للمواطنين.
وتردد أن اجتماعاً سيُعقد اليوم في وزارة الطاقة بين الوزير ريمون غجر والمعنيين بملف المحروقات، وانه سيُصار الى رفعٍ طفيف لنسبة ربح اصحاب المحطات، مع ترجيح صدور جدول الاسعار الجديد رسميا الأربعاء على ان يستمر التسعير على الـ3900 حتى نهاية ايلول المقبل.
وعلى هذا شهدت عطلة نهاية الاسبوع قطع طرقات في بيروت والضاحية الجنوبية ومناطق عدة واقفال الاسواق والمؤسسات والمحلات التجارية في الجنوب والشمال واقتحام مؤسسات رسمية ومنها فرعي المصرف المركزي في طرابلس وصيدا، وتخلل ذلك حوادث اطلاق نار وسقوط جرحى، لا سيما خلال اعتصام المحتجين امام منازل النواب في طرابلس.
ad
واعلنت قيادة الجيش مساء السبت عن إصابة عشرة عسكريين بجروح بعدما أقدم شبّان يستقلون دراجات نارية على رمي قنابل صوتية وحجارة باتجاه قوة من الجيش، كانت تعمل على حفظ الأمن أثناء احتجاجات شهدتها طرابلس.
وكانت ذروة الشكوى والاعتراض في الاجتماع الذي عقد امس الاول في دارة رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي لقيادات طرابلس، واعلن حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية في المدينة.
في المقابل، انطلقت مسيرات سيارة في طرابلس تدعو المواطنين للنزول إلى الشارع والانتفاض بوجه السلطة الحاكمة.
ومع صبيحة أمس (الأحد)، عاد الهدوء الحذر إلى عروس الفيحاء مدينة طرابلس، بعد ليلة عاصفة تخللتها احتجاجات ومسيرات شعبية وأعمال شغب ومسيرات شعبية وإطلاق الاعيرة النارية وإلقاء القنابل اليدوية وسقوط جرحى، حيث نفذ الجيش انتشارا واسعا في شوارع المدينة واستقدم تعزيزات عسكرية.
وفي خطوات من شأنها، ان تفاقم الأزمة، حاول محتجون اقتحام مبنى بلدية صيدا، لكن عناصر من الجيش اللبناني، حالت دون ذلك..
وفي بيروت، قطع محتجون الطريق بالاطارات المشتعلة عند السفارة الكويتية ببيروت وقرب المدينة الرياضية.
وليلاً، تناقل ناشطون معلومات تفيد بحصول توتر أمني في ساحة الشهداء، وسط بيروت، إذ تعرض هؤلاء لاطلاق نار من مجهولين.
544454 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 163 إصابة جديدة بفايروس كورونا خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، توازياً مع تسجيل حالتي وفاة جرّاء الإصابة بالوباء.
ولفتت إلى ان إجمالي عدد المصابين بـ «كوفيد 19» في لبنان ارتفع إلى 544454 اصابة، منهم 538.548 إصابة محلية و5.906 حالات وافدة. في وقت بلغ مجموع عدد ضحايا الفيروس 7.843 شخصاً.
افتتاحية صحيفة الديار
أكثر من 11 مليار دولار حجم تهريب البنزين خلال عشرة أعوام والتداعيات كارثية
الدولار تجاوز الـ 18 ألف ليرة.. وأكثر من 100 مليون دولار أميركي أرباح التجار
غاز لبنان على مشرحة المفاوضات الدولية.. والسلطة السياسية «تفرّط به» على طبق من ذهب
جاسم عجاقة
يستمرّ مُسلسل إنهيار الدولة والذلّ اليومي للمواطن على أبواب الصيدليات، والمُستشفيات، ومحطات الوقود وغيرها من الخدمات العامة. والسلطة المنشغلة بتغذية خلافاتها على توزيع المصالح والسلطة، ستصبح حتماً عاجزة عن القيام بأبسط الإجراءات التي تُخفّف من وطأة الأزمة على المواطن. كل هذه المؤشرات، تُشير إلى أن النظام القائم يتجه إلى الزوال نزولا عند رغبة ثوار 17 تشرين والذين هُوجِموا من قبل السلطة أنذاك على إستخدام شعار «الشعب يُريد إسقاط النظام»، فإذا بالقوى السياسية تقلب مطلب الثوار وتُسقط الشعب حفاظأً على ما يمكن من سلطة النظام.
تشكيل حكومة جديدة «قادرة على القيام بإصلاحات وعزل لبنان عن الصراعات الإقليمية» كما طالب الإتحاد الأوروبي، أصبح حلمًا لا يُمكن أن يتحقّق إلا بتغيير النظام الحالي، ولكن من سيغير هذا النظام؟ وما هي هذه الآلية؟ ومن يمكن أن ينفذ هذه الآلية؟ والظاهر من تسلسل الأحداث أن المحفز لهذا التغيير سيأتي من الباب الاقتصادي الذي يتردّى دراماتيكيًا كل يوم بفضل الضغوطات الخارجية، والعصابات الداخلية واللامبالاة الحكومية، بدءًا من وزارة الاقتصاد المعني الأول في هذه الأحوال الاستثنائية مروراً بكل ما من شأنه السهر على الحقوق المحمية في الدستور.
تهريب البنزين
أصبحت طوابير السيارات على محطات الوقود من المشاهد اليومية التي يواجهها اللبناني وكل ذلك بحجة عدم فتح الإعتمادات من قبل مصرف لبنان. إلا أن هذا السبب الذي تُعطيه الجهات النفطية في وسائل الإعلام هو أثر الحقيقة المرّة التي باتت مكشوفة للعامة ألا وهي تشريع «التهريب» السلطوي.
المعلومات المتوافرة على موقع الجمارك اللبنانية والتي تمتدّ من العام 2011 إلى العام 2020، تُشير إلى أن كمية إستيراد البنزين (بفرضية أن التبويب صحيح) تراوحت بين 1,615,220 طن في العام 2011 و2,102,817 طن في العام 2019. هذه الكمّية إنخفضت إلى 1,664,810 طن في العام 2020 نتيجة الإقفال الناتج عن جائحة كورونا.
هذه الأرقام قد لا تعني شيئًا للقارئ العادي، إلا أن تحــويلها إلى صفائح بنزين وقسمتها بعدد السيارات تُوصل إلى نتيـــجة صادمـــة وهي أن إستهلاك السيارة في لبنان من العام 2011 والعام 2019، فاقت الثلاث صفائح بنزين في الأســبوع الواحد! هذا الأمر غير المنطقي يقترح أن كل الكميات المُستوردة لم تكن للسوق اللبناني فقط بل كان التجّار يستفيدون من عمليات تهريب مُمنهجة.
وبإعتبار أن مُعدّل إستهلاك السيارة الأسبوعي يتراوح بين نصف وثلاثة أرباع الصفيحة في الأسبوع، فإن حجم البنزين المُهرّب (الفائض) خلال عشر سنوات بين العام 2011 والعام 2020 يتراوح بين 10 و11 مليار دولار أميركي وهي ممولة من الدولارات الموجودة في مصرف لبنان! بالطبع هذه الأرباح كانت تذهب لجيوب التجار والمهرّبين وأصحاب النفوذ الذين غطّوا عمليات التهريب هذه.
وبالتالي وبالسؤال عن الودائع بالدولار الموجودة في المصارف، يُمكن الإستنتاج أن 10 مليار دولار أميركي من هذه الودائع ذهبت إلى تمويل إستيراد بنزين الى أسواق غير الأسواق اللبنانية. هذا حال البنزين، فكيف هو الحال إذا ما إحتسبنا المازوت، والسيارات، وغيرها من السلع والبضائع!
القرار الإستثنائي الذي أخذه رئيس الحكومة حسان دياب ينصّ على إقتراض مبلغ من الدولارات من مصرف لبنان (عملا بالمادة 91 من قانون النقد والتسليف) وبالتحديد من أموال المودعين الموجودة في الإحتياط الإلزامي لكي يتمّ تمويل إستيراد البنزين على الأشهر الثلاث المقبلة. هذه العملية تُسمّى «دعم» بحكم أنها آتية من الخزينة العامة في حين أن ما كان يحصل سابقًا هو عبارة عن عمليات بين المصرف المركزي والمصارف لحساب الشركات التي تستورد البنزين.
إذا الدولة إقترضت المال من أموال المودعين وتتوقّع أن تُعيد هذه الأموال من عائدات الموسم السياحي الذي قدّرته ما بين 1 و2 مليار دولار أميركي وهو، بحسب الحكومة، كافٍ لتغطية كلفة الإستيراد التي قدّرناها بحدود الـ 600 مليون دولار أميركي على الأشهر الثلاث المقبلة. بالطبع إحتساب الدولار على الـ 3900 ليرة لبنانية بدل السعر الرسمي – أي 1515 ليرة لبنانية – تُخفّض الكلفة على الليرة اللبنانية من ناحية أنها ستسمح بتفادي طبع 1.3 تريليون ليرة لبنانية وهو ما يدّعم الليرة اللبنانية التي تنهار يومًا بعد يوم أمام جشع التجّار والحسابات السياسية.
هذا النموذج من التهريب كان يعمل بشكلٍ جيد قبل العام 2019، أي العام الذي فرضت فيه الولايات المُتحدة الأميركية ومعها العديد من الدول الأخرى تضييقًا شديدًا على قدوم الدولار إلى لبنان، لكنه لم يعد يستطيع الإستمرار اليوم نظرًا إلى أن إحتياطي مصرف لبنان أستنزف بالكامل.
في ظل هذا المشهد المؤسف، إصطفت طوابير السيارات أمام محطات المحروقات للتزود بالبنزين قبل إرتفاع سعر الصفيحة إبتداءً من اليوم الإثنين. هذه الطوابير الضخمة هي إثبات إضافي للذل الذي أصبح يواكب اللبناني في حياته اليومية.
الدولار والتجار
عملية رفع سعر صفيحة البنزين يعني رفع أسعار كل السلع والخدمات. هذا أقلّه ما يتوقعه التجار الذين بدأوا بإقفال محالهم التجارية بإنتظار التسعيرة الجديدة لصفيحة البنزين وهذا ما سيسمح لهم بتحقيق أرباح عن غير وجه حق (عملا بالمرسوم الإشتراعي 73/83) قدّرناها بأكثر من 100 مليون دولار أميركي نظرًا إلى حجم السوق ووجود سلع لدى التجار تمّ شراؤها أصلا على أسعار دولار أدنى. ولكي يتمّ تعظيم هذه الأرباح غير القانونية، تعمد العصابات من خلال التطبيقات إلى رفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء خلال عطلة نهاية الأسبوع لكي تزيد الأرباح.
وككل الإستراتيجيات المُستخدمة لضخّ الفوضى في بعض الدول، تلعب السياسة دورًا محوريًا في رفع سعر الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء من خلال أدواتها التي تتواجد بين الصرافين والتجّار الوهميين وغيرهم.
بالطبع لا يُمكن تبرئة بعض المصرفيين من جريمة شراء الدولارات في السوق السوداء لإعطائها للمودعين عملا بدقائق التعميم 158. وهنا نُشدّد على عبارة «مصرفيين» نظرًا إلى أن قرار تدخل مصرف في السوق السوداء لا يُمكن أن يكون على صعيد الإدارة والذي يؤدّي إلى شطب المصرف عن لائحة المصرف.
وفي خِضمّ كل هذه الفوضى، يبرز إلى العلن طلب على الدولار الأميركي من قبل المواطنين الذين يخشون على أموالهم بالليرة اللبنانية، لذا نرى أن العديد من المواطنين قاموا بتحويل كميات من الليرة إلى الدولار في الأيام الماضية.
كل هذا يدفع إلى ترجيح إستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار خصوصًا أن السلطة التنفيذية ما زالت مصرّة على عدم الرقابة وملاحقة المُخالفين.
الإحتجاجات الشعبية
العديد من المناطق اللبنانية شهدت قطعاً للطرقات إحتجاجًا على الأوضاع المعيشية والذلّ الذي يتعرّض له المواطن. وبغض النظرعن حجم هذه الإحتجاجات، إلا أن الأكيد أن الرقابة التي يقوم بها فريقا حماية المُستهلك وأمن الدولة على محطات الوقود، لن تستطيع وقف جشع التجار وإحتكارهم الملعون أخلاقيًا ودينيًا وقانونيًا.
للأسف السلطة التنفيذية التي من المفروض أنها مكوّنة من النخبة لحماية مصالح المواطنين وتحسين حياتهم، فشلت في مهمتها وستواجه غضب الناس خصوصًا عندما يتمّ رفع الدعم بالكامل عن سعر صفيحة البنزين. حينها لن يكون بمقدور المواطن الذهاب إلى عمله لأن كلفة التنقل من وإلى العمل ستكون أكثر من أجره الشهري. عندها سيكون المشهد اللبناني مُختلفاً عما نعرفه مع ظهور العصابات المُسلّحة والأمن الذاتي. ويبقى السؤال: هل يفرض الجيش عندها حالة الطوارئ؟
بالطبع الجيش، المؤسسة الوحيدة الصامدة في وجه العاصفة حتى الساعة، بدأت تتأثر بالوضع الاقتصادي والمالي والنقدي. وبالتالي وفي غياب ترجمة فعلية لمؤتمر الدعم الدولي الذي نظمته فرنسا منذ أسبوعين، ستكون السيطرة على الفوضى على الأرض أصعب. ويأتي وجود النازحين السوريين في لبنان ليُعقّد الأمور أكثر خصوصًا إذا ما إنخرط هؤلاء في عمليات شغب على الأرض.
الغاز على المشرحة
عدم القدرة على تشكيل الحكومة هو ترجمة للتخبّط السياسي بين القوى السياسية والذي شهدنا أخر فصوله حربًا بالمدفعية الثقيلة على مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين مع إتهامات متبادلة بالفساد والسرقة دون أن يُحرّك القضاء ساكنًا.
لكن من السطحية الظنّ أن الخلافات الداخلية هي العائق الوحيد أمام تشكيل الحكومة، فغاز لبنان القابع في البحر والذي قدّرناه في العام 2011 (خلال مؤتمر الجيش الأول) بعدّة مئات المليارات من الدولارات مع إحتمال 95% وحتى أكثر من 1 تريليون دولار أميركي مع إحتمال 5%، هو عامل أساسي في الوضع الذي يعيش فيه لبنان. بالطبع الخلافات السياسية الداخلية والإرتهان الخارجي والفساد المُستشري وغياب الإصلاحات كلها عوامل سهّلت لا بل قدّمت على طبق من فضّة لبنان على مشرحة المفاوضات الدولية.
الإجتماعات الدولية بين الدول الكبرى والتي تهتم بالشأن اللبناني من الباب الإنساني والعلاقات الوطيدة، تمتد أيضًا لتأمين مصالح هذه الدول. وهذا الأمر ليس بخفي على أحدّ أن لا شيء يعلو فوق مصالح الدول وهو ما يُعرف في اللغة السياسية بعبارة «في السياسة لا يوجد عدو إلى الأبد».
عمليًا الصراع القائم حاليًا هو صراع روسي – أميركي على تقاسم غاز الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بحكم أن الوجود العسكري في هذه المنطقة هو بالدرجة الأولى روسي وأميركي. المُشاركة الأوروبية – من الباب الفرنسي – ظاهرها العلاقات التاريخية، ولكن باطنها الاهتمام بالثروة الغازية وهي التي تعتمد على الغاز بشكل أساسي في التدفئة والإستهلاك المنزلي.
التصريحات الدولية تقول إن المُشكلة لبنانية – لبنانية وبالتالي على المسؤولين أن يتفقوا على تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات وعزل لبنان عن الصراعات الإقليمية. هذا الأمر تعرف الدول الكبرى أنه غير مُمكن في ظل الترابط العضوي بين القوى السياسية المحلية والخارجية وبالتالي هناك مثل غضّ نظر عن التردّي الحاصل في لبنان نظرًا إلى أن وضع إقتصادي ومالي ونقدي وإجتماعي سيىء، يجعل لبنان أكثر طوعًا في المفاوضات على الغاز. والأصعب في الأمر أن كلما مر الوقت، كانت الخسائر أعظم وبالتالي الفاتورة أكبر ولن يكون بمقدور لبنان على المدى المتوسط أو البعيد النهوض وحيدًا وهو ما سيُجبره على رهن غازه.
افتتاحية صحيفة الشرق
الدولار من دون سقف والناس بحالة جنون
صدّقوا أو لا تصدقوا..حكومة من 4 ستات؟
لم يعد الرهان قائما الا على توقيت لحظة الانفجار. وما اذا كانت مسألة ساعات ام ايام لا اكثر. كل المعطيات المتجمعة في الافق اللبناني والغليان الشعبي جراء الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الذي لامس عتبة الثمانية عشر الفا مقابل الليرة وفقدان الدواء والمحروقات وانقطاع الكهرباء وتحليق اسعار السلع والمواد الغذائية الى درجة حملت اصحاب المحال التجارية على اقفالها، معطوفة على الانباء المتواترة عن عدم تمكن الشركات من تأمين معاشات الموظفين جراء بعض الاجراءات المصرفية، وهي اساسا بعد الموافقة الاستثنائية على الاستدانة من احتياطي المصرف المركزي اي من اموال المودعين، لدعم المحروقات على اساس سعر 3900 ليرة، لن تكفي لوصول هؤلاء الى مراكز عملهم بعد اليوم، هذا ان بقي منها في السوق اللبناني ما يملأون به خزانات سياراتهم، في ظل استمرار حلقات مسلسل تهريبها الى سوريا من دون رادع.
الدولار يحلّق
في الشارع لا صوت يعلو فوق الاحتجاجات بفعل مواصلة الدولار ارتفاعه بسرعة قياسية، ما دفع بالمحتجين الى قطع الطرقات في مناطق عدة والاسواق الى إلاقفال لاسيما شمالا وجنوبا، وسط ترقب لاشتداد أزمة البنزين التي تكرر امام ما تبقى من محطات تزود المواطنين بالمادة بالقطارة مشهد طوابير الذل اليومي، اضافة الى المازوت الذي بدأ ينفد من العديد من المستشفيات والمصانع ولدى اصحاب المولدات في ظل عدم إصدار جدول جديد لتركيب الاسعار وفق الآلية التي أقرت على 3900 ليرة، ما جمّد تسليم المشتقات، لاسيما بعد القرار الصادر بإقفال جميع المستودعات البحرية منعا للاحتكار، ولحصر الكميات الموجودة قبل بدء البيع وفق التسعيرة الجديدة.
وكانت معلومات صحافية لفتت الى ان الاتصالات بوشرت بين وزير المال في حكومة تصريف الأعمال والمعنيين في الوزارة وبين حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، لترتيب آلية دفع الاموال من المصرف لمستوردي المحروقات ليتمكنوا من الاستيراد على السعر الجديد اعتباراً من الاسبوع المقبل، وبما يؤدي حسب المتوقع إلى بدء توزيع المحروقات المخزّنة لدى الشركات في المستودعات وبيعها بالسعر القديم، ومن ثم توفير المادة على الاسعار الجديدة بعد إتمام عملية الاستيراد الجديدة.
وفي هذا الاطار علم أن اجتماعا مرتقبا سيعقد اليوم في وزارة الطاقة بين الوزير ريمون غجر والمعنيين بملف المحروقات، وتوقُّع رفعٍ طفيف لنسبة ربح اصحاب المحطات، مع ترجيح صدور جدول الاسعار الجديد رسميا الأربعاء على ان يستمر التسعير على الـ3900 حتى نهاية ايلول المقبل.
أزمة غاز
وكما البنزين والمازوت كذلك الغاز، اذ أقدم عدد من الشركات في منطقة سينيق في مدينة صيدا على اقفال أبوابه من دون سابق انذار أمام المواطنين والتجار الذين حضر بعضهم من أماكن بعيدة لتعبئة القوارير، في ظل أزمة البنزين. وعزا أصحاب الشركات السبب الى «عدم تسليم الشركات الأم في منطقة الدورة في بيروت مادة الغاز ليومي السبت والأحد ما أجبرهم على اقفال محطاتهم».وتوقع مراقبون ان تشهد محطات وشركات الغاز عند فتح ابوابها تهافتاً على شراء المادة ومشاهد لطوابير المواطنين كما يحصل على محطات البنزين.
احتجاجات وجرحى
وتسبب تحليق الدولار بالاضافة الى استمرار الازمات المختلفة بحركة احتجاجات واسعة شملت المناطق كافة فقطعت الطرقات واقميت الاعتصامات، وشهرت مدية صيدا اشتباكات بين الجيش ومحتجين عندما حاول فتح طرقات مقطوعة، اما طرابلس فشهدت المواجهت الاعنف فخلع محتجّون بوابة فرع مصرف لبنان في المدينة ودخلوا إلى باحة المبنى بعد اجتياز العوائق، برغم محاولة قوى الأمن التصدّي لهم، بالتوازي مع وصول تعزيزات عسكرية تابعة للجيش اللبناني إلى المكان لضبط الوضع.إلى مبنى السراي المجاور لمبنى فرع مصرف لبنان في المدينة، حيث قام محتجون بتحطيم بوابتها الخارجية، بعد رشق المبنى بالحجارة وإلقاء قنابل مولوتوف، وسط أجواء فوضى تسود المكان.
كما حاول محتجون اقتحام مبنى يقيم فيه النائب محمد كبارة في محلة المعرض، فحصل تبادل لإطلاق النار سقط خلاله جريحان أحدهما من مرافقي كبارة وآخر من المحتجين، وسط انتشار للجيش والقوى الأمنية في المكان. كما حاول محتجون أن يقتحموا مبنى يقيم فيه النائب فيصل كرامي، لكن الجيش تصدى لهم. وأفيد عن تكسير سيارات قرب منزل الوزير السابق أشرف ريفي.
وسقط جريح آخر في إشكال وقع أمام مطعم أبو صبحي على طريق الميناء، خلال محاولة محتجين إجبار المطعم ومحال أخرى جواره على إغلاق أبوابهم. كما قام عدد من المحتجين بتكسير إشارات السير في شوارع المدينة والاعتداء على محال تجارية وسيارات.
نفط إيراني؟
وليس بعيدا من المأساة، دخلت السفارة الايرانية في بيروت على الخط النفطي بتغريدة احدثت بلبلة في السوق، اذ اعتبرها البعض اعلانا عن وصول بواخر النفط الايراني الى بيروت، ما اضطر المديرية العامة للنفط الى اصدار بيان يؤكد، أنها «لم تتسلم أي طلب إجازة من أية جهة رسمية كانت ام خاصة، لاستيراد النفط من إيران». واعتبرت السفارة في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بان «وصول ناقلات النفط الايرانية الى بيروت بغنى عن تفاهات السفيرة الأميركية دوروثي شيا». ولفتت الى ان «لا ينبغي للسفيرة الاميركية أن تتدخل في العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الايراني واللبناني».
وتأتي التغريدة ردا على موقف للسفيرة شيا قبل يومين اعتبرت فيه ان «الولايات المتحدة كانت وستظل إلى جانب الشعب اللبناني، لكن إيران تنظر إلى لبنان كدولة تمكنها من تنفيذ أجندتها، معتبرة ان تفريغ شحنات نفط إيرانيّة في مرفأ بيروت ليس حلاً بالفعل وإن تخلّصتم من الفساد المستشري في قطاعي الطاقة والكهرباء فستُحلّ نصف المشكلة على الفور».
حكومة من ٤ ستات؟؟
افادت مصادر مطلعة لوكالة الانباء المركزية ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيعود الى بيروت خلال الساعات الاربع والعشرين المقبلة. وتحدثت عن اتفاق على مخرج لصيغة الحكومة وخطوة جدية الاربعاء قد تكون عبارة عن اتفاق على تشكيلة من ٢٤ وزيراً موزعة ٤ ستات، فيما يبقى عالقاً موضوع الثقة، ويتردد ان المخرج يقضي بإعطاء الحرية لنواب تكتل لبنان القوي.
ولفتت المصادر الى ان الحصص موزعة بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري والحريري والمجتمع المدني على ان تشارك فرنسا والمنظمات الدولية في التسمية لحقائب الخدمات، الطاقة، الاتصالات، الاشغال، المالية والشؤون.