أوضح وزير الزراعة الدكتور حسن اللقيس أنه “في ظلِّ ما يشهدُهُ العالمُ ومنطقةُ الشرقِ الأدنى على وجهِ الخصوص، من أزمةِ نزوحٍ حادة، مخلّفةً تداعياتٍ على المستوياتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والبشريةِ على دولِ النزوح، والدولِ المضيفةِ على حدٍّ سواء، ويُحَتِّمُ علينا اعتمادَ مقارباتٍ استثنائيةٍ لاستيعابِ التداعياتِ ومجابهةِ التحدياتِ الناتجةِ عن هذهِ الأزمة”.
وفي كلمة له خلال مؤتمر منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة “الفاو” المنعقد في روما عن الهجرة والزراعة والتنميةِ الريفية، قال اللقيس “إنَّ النزوحَ والهجرةَ واللجوء، بالرغمِ مِنْ كونها ظواهرَ ترتبطُ جميعُها بالحِراكِ السكاني، سواءً ضمنَ الوطنِ الواحدِ أو خارجَه، إلا أنَّهُ مِنَ الضروريِّ التمييزُ بينها، لاختلافِ تبعاتِها وسبلِ معالجتِها، لا سيما حينَ ترتبطُ بالأزماتِ والحروب”.
واعتبر اللقيس ان “ما يواجهُهُ لبنانُ يدخلُ في صلبِ هذهِ المسألة، وليسَ بعيداً عما تواجِهُهُ دولٌ أخرى في المنطقة، حيثُ يستمرّ، ومنذُ 7 سنوات، في استضافةِ حوالى مليونٍ ونصفِ مليونِ نازح، ما يُمَثِّلُ ربعَ عددِ سكانِه. ولا شكَّ أنَّ لبنان، كانَ ولا يزال، يعتمدُ على اليدِ العاملةِ الاجنبيةِ في قطاعَيِ الزراعةِ والبناءِ بشكلٍ خاص، إلّا أنَّ تدفقَ النازحينَ وتضاعفَ اعدادِهِم في فترةٍ وجيزة، أدّى إلى تفاقمِ هذهِ الازمةِ وزيادةِ المنافسةِ معَ اليدِ العاملةِ المحلية، وخاصةً عمالة الشبابِ ، وزيادةِ الهجرةِ الخارجيةِ اللبنانية”.
وأشار اللقيس بأن كلفةَ أزمةِ النزوحِ على الاقتصادِ اللبنانيِّ تجاوزت 18 مليارَ دولارٍ أميركي، فيما لم يتخطَّ معدّلُ النموِّ السنويِّ للسنواتِ السبعِ الاخيرةِ 1.5 %، وتجاوزتْ نسبة البطالة 35 %، مما انعكسَ زيادةً ملحوظةً في أعدادِ المهاجرينَ اللبنانيينَ مِنَ الريفِ والمدنِ الى دولٍ خارجية، بحيثُ قُدِّرَتْ اعدادُهم بحوالى 70 الفاً سنوياً.
وبسبب كلفةَ أزمةِ النزوحِ على الاقتصادِ اللبنانيّ، شدد اللقيس على مسؤولياتِ المجتمعِ الدوليِّ التي تكمنُ ليس فقط في الحؤولِ دونَ “شرعنةِ” النزوحِ و اللجوءِ بأشكالها كافة، وبخاصة تلك المرتبطة بالأزمات، لا بل وفي بذلِ الجهودِ لمساندةِ النازحينَ، والعمل على تسهيلِ عودتِهِم الآمنة الى بلدانِهم، واعتبره اللقيس حق انساني، يستدعي تقديمِ كلِّ الدعمِ اللازمِ لتوفيرِ مقوماتِ العيشِ الكريمِ لهم، في بلداِنهم، ومن جهةٍ ثانيةٍ دعمُ مسيرةِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ في الدولِ المضيفة في مراحلِ ما بعدَ الأزمة.
كما اعتبر اللقيس بأن لبنان يتطلع الى دور محوري لمنظمة الفاو في هذا المجال وعبر دعم الاستثمار في الزراعة والتنمية الريفية من اجل تحويل المناطق الريفية الى نقطة استقطاب للمستثمرين ولبرامج التنمية لا ان تكون سببا مباشرا للهجرة والنزوح.
كذلك ذكر اللقيس بايجاز أبرزَ الإنجازاتِ التي تحقَّقَتْ خلالَ السنتينِ الأخيرتينِ بفضلِ تضافرِ جهودِ العاملينَ في هذا القطاع، وتعاونِهِمُ الوثيقِ مع منظمةِ الفاو ومنظماتٍ إقليميةٍ ودُوَلِيَّةٍ ودولٍ مانحةٍ مشكورة.
واشار بأن الجهودُ تركزت على تعزيزِ وتطويرِ سلاسلِ الإنتاج الزراعي من مساعدةِ صغارِ المزارعين، لاعتمادِ الممارساتِ الزراعيةِ الجيدة، وتعزيزِ دورِ الإرشادِ الزراعيِّ والبحثِ العلمي، والإدارةِ الرشيدةِ للأسمدة، ونؤكدُ في هذا المجال على اهتمامِ لبنانَ بمدونةِ السلوكِ الدولية، بشأنِ استخدامِ الأسمدةِ وادارتِها بشكلٍ مستدام، والمعروضةِ على مؤتمرِنا لإقرارِها، كما تمكّنَ لبنانُ من السيطرةِ المبرمجةِ على أمراضٍ عديدةٍ في إطارِ استكمالِ خطتِه لمكافحةِ الأمراضِ الوبائية، واستمرار العملُ في تنفيذِ البرنامجِ الوطنيِّ للغاباتِ ومبادرةِ زراعةِ 40 مليونَ شجرةٍ حرجية، والتي اكتسبَتْ أهميةً كبرى تمثَّلَتْ بإدخالِ مقارباتٍ جديدةٍ في عمليةِ التحريجِ تتلاءمُ والنظمَ الايكولوجية، بالاضافة إلى العملُ على تطويرِ البنى التحتيةِ وزيادةِ انتاجيةِ مياهِ الريِّ ، والإدارةِ المستدامةِ لمصايدِ الأسماكِ.
وأكد اللقيس انه في الوقت الذي يعمل لبنان على تطويرِ النظامِ الوطنيِّ لسلامةِ الغذاء وإنشاءِ نموذجِ رصدِ تلوثِ الأغذيةِ على أساس المخاطر، على أهمية تلازم الغذاء السليم مع الغذاء الصحي وعلى تشجيعَ الأنماطِ الصحيةِ وتعزيزِ النظمِ الغذائيةِ المتوسطية، وحِمْيَةِ البحرِ الابيضِ المتوسط، التي تشكلُ إحدى أهمِّ الأنماطِ الغذائيةِ الصحيةِ في العالم.
وشدد أيضا على الاستمرار بالعمل على تعزيزِ عملِ الشبابِ والمرأةِ وزيادةِ مساهمتِهما في الاقتصادِ الريفي، وبتنفيذِ عددٍ مِنَ البرامجِ لدعمِ ِوتطويرِ القدراتِ الانتاجيةِ والتسويقية للتعاونياتِ الزراعيةِ والريفيةِ والنسائية.
وفي ختام كلمته قال اللقيس، “هذه المبادرات تؤكد الحاجة الى مزيد من الدعم وتضافر الجهود من أجل تحقيق نتائج ملموسة وتحوّل في قطاعاتِ الزراعةِ والأغذية، ولإحداث نقلة نوعية في تدخلاتنا التنموية وتطوير رؤية للقطاع الزراعي للعام 2030، ونتطلع بكل ثقة أن تقودنا هذ الرؤية نحو قطاع زراعي عالي الجودة وذات قدرة تنافسية، يحقق مداخيل مستدامة للمزارعين وتنمية لمجتمعاتنا المحلية والريفية.
وفي النهاية تقدم بالشكرُ والتقديرُ من المديرِ العامِّ الدكتور غرازيانو دا سيلفا على جهودِه المميزة طيلة فترة ولايته، وعلى الدّعمِ الذي تقدمُهُ المنظمةُ للبنان.