نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا اعتبر أنه في حال خسر الرئيس الأميركي دونالد ترامب محاولته لإعادة انتخابه، كما بدا مرجحا بشكل متزايد، فستكون هذه أول هزيمة لرئيس في منصبه منذ 28 عاما، معتبرة أن شيئا واحدا بدا مؤكدا: “الفوز أو الخسارة، لن يجعل ترامب يبتعد بهدوء”.
وأورد كاتبا المقال الصحفيان بيتر بيكر وماغي هابرمان، أن ترامب متأخر عن منافسه جو بايدن، أمضى اليوم في محاولة تشويه سمعة الانتخابات، بناء على مزاعم احتيال مختلقة، على أمل التمسك بالسلطة أو تفسير الخسارة.
وأضافا: “يمكن أن يجد طريقا ضيقا لإعادة انتخابه بين الولايات التي لم تنته بعدُ من عد الأصوات، لكنه أوضح أنه لن يختفي عن المشهد إذا خسر”.
وأوضح المقال أن “أمام ترامب على الأقل 76 يوما في المنصب لاستخدام سلطته كما يراه مناسبا، والسعي للانتقام من بعض خصومه”.
وأشار إلى أمثلة بهذا الخصوص: “قد يقوم بطرد أو تهميش مجموعة متنوعة من كبار المسؤولين الذين فشلوا في تنفيذ رغباته كما رآها، بما في ذلك كريستوفر ويري، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، والدكتور أنتوني فاوتشي، أخصائي الأمراض المعدية الأعلى في الحكومة، وسط الجائحة”.
وأضاف: “إذا أُجبر ترامب على إخلاء البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير، فمن المرجح أن يثبت بأنه أكثر مرونة مما كان متوقعا، وسيظل بالتأكيد قوة قوية ومثيرة للشغب في الحياة الأميركية”.
وحصل ترامب على 68 مليون صوت على الأقل، أو خمسة ملايين أكثر مما حصل عليه في عام 2016، وحصل على حوالي 48% من الأصوات الشعبية، ما يعني أنه احتفظ بدعم ما يقرب من نصف الجمهور، على الرغم من أربع سنوات من الفضيحة والنكسات ومساءلة الكونغرس له، إضافة إلى تفشي فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 233 ألف أمريكي.
ويمنح ذلك قاعدة نفوذ لأداء دور لم يؤده الرؤساء الآخرون الذين هزموا بعد ولاية واحدة، مثل جيمي كارتر وجورج بوش. ولطالما حاول ترامب إنشاء شبكته التلفزيونية الخاصة للتنافس مع فوكس نيوز، وفي الآونة الأخيرة طرح فكرة الترشح مرة أخرى في عام 2024، على الرغم من أنه سيكون 78 عاما بحلول ذلك الوقت.
وحتى لو انتهت أيامه كمرشح، فإن متابعيه على “تويتر” البالغ عددهم 88 مليونا يمنحونه صوتا مؤثرا على اليمين، ما يجعله صانع الملوك بين الجمهوريين الصاعدين.
وقال السيناتور السابق جيف فليك من ولاية أريزونا، أحد أصحاب المناصب الجمهوريين القليلين الذين انفصلوا عن ترامب خلال السنوات الأربع الماضية: “إذا كان هناك شيء واضح من نتائج الانتخابات، فهو أن الرئيس لديه عدد كبير من المتابعين، ولا ينوي الخروج من المشهد في أي وقت قريب”.
وحتى لو خرج ترامب من المنصب، يمكنه محاولة الضغط على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين حافظوا على أغلبيتهم لمقاومة بايدن في كل منعطف، وإجبارهم على الاختيار بين المصالحة أو إغضاب قاعدته السياسية.
وحتى يتقدم جيل جديد من الجمهوريين إلى الأمام، يمكن لترامب أن يطرح نفسه على أنه القائد الفعلي للحزب، مستخدما قاعدة بيانات غير عادية من المعلومات حول مؤيديه التي يرغب المرشحون المستقبليون في استئجارها أو الوصول إليها بطريقة أخرى. ويتخيل حلفاؤه أن يقوم الجمهوريون الآخرون بالحج إلى منتجع مارالاغو في فلوريدا طالبين مباركته.
وقال براد بارسكال، مدير حملة الرئيس الأول في هذه الدورة الانتخابية: “الأمر ليس وكأن حسابه على تويتر أو قدرته على التحكم في دورة الأخبار سوف تتوقف.. ويمتلك الرئيس ترامب أيضا أكبر كمية من البيانات التي تم جمعها من سياسي، وهو ما سوف يؤثر على المنافسات والسياسات لسنوات قادمة”.
وأظهرت استطلاعات الرأي أنه بغض النظر عن المنشقين الجمهوريين البارزين مثل السيناتور ميت رومني من ولاية يوتا، ومجموعة “Never Trumpers of the Lincoln Project”، فإن ترامب يتمتع بدعم قوي داخل حزبه، حيث فاز بنسبة 93 في المئة من الناخبين الجمهوريين.
كما كان أداؤه أفضل إلى حد ما مع الناخبين السود (12%) والناخبين من أصول لاتينية (32%) مما كان عليه قبل أربع سنوات، على الرغم من خطابه العنصري في كثير من الأحيان.
وبعد نشاطه المليء بالطاقة عبر الولايات المتأرجحة، حصل على كثير من أصوات الناخبين الذين لم يقرروا أين تذهب أصواتهم إلا متأخرا.
وكان لبعض حجج ترامب وزن كبير لدى أعضاء حزبه؛ فعلى الرغم من جائحة كورونا والخسائر الاقتصادية المرتبطة به، قال 41% من الناخبين إنهم أفضل حالا مما كانوا عليه عندما تولى منصبه، مقارنة بـ 20% فقط ممن وصفوا أنفسهم بأنهم أسوأ حالا.
واعتمادا على أولوياتهم، اعتبر 35% من الناخبين الاقتصاد أهم قضية، أي ضعف عدد الذين قالوا إن الوباء هو الأهم. وقال 49% في المائة؛ إن الاقتصاد كان جيدا أو ممتازا، ووافق 48 في المائة على تعامل حكومته مع الفيروس.
وقال سام نونبيرج، الذي عمل استراتيجيا في حملة ترامب عام 2016: “إذا هُزم سيحتفظ الرئيس بالولاء الدائم لناخبي الحزب والناخبين الجدد الذين جلبهم إلى الحزب. وسيبقى الرئيس ترامب بطلا بالنسبة لجمهور الناخبين الجمهوريين. سيكون الفائز في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الجمهورية لعام 2024 إما الرئيس ترامب أو المرشح الأكثر شبها به”.
وقال النائب السابق كارلوس كوربيلو من فلوريدا: “لن يكون هناك ترامب آخر.. المقلدون سوف يفشلون. سوف يتلاشى تدريجيا، لكن الندوب من هذه الفترة المضطربة في التاريخ الأمريكي لن تختفي أبدا”.
في الواقع، فشل ترامب في إعادة إنتاج نجاحه المصادف لعام 2016 عندما ضمن الفوز بالمجمع الانتخابي، حتى في الوقت الذي خسر فيه التصويت الشعبي أمام هيلاري كلينتون. وحتى مع توفر جميع أدوات المنصب، فشل في الفوز بولاية واحدة لم يفز بها في المرة الماضية، وحتى يوم الأربعاء، فقد ولايتين أو ثلاثة، مع وجود ولايتين أخريين على حافة الهاوية.
ومال الرؤساء الآخرون الذين تم إخراجهم بعد فترة ولاية واحدة أو أقل -مثل جيرالد فورد في عام 1976 ، وكارتر في عام 1980 وبوش في عام 1992- إلى التلاشي من الساحة السياسية.
وفكر فورد لفترة وجيزة في العودة، وانتقد كارتر من حين لآخر خلفاءه وقام بوش بحملة من أجل أبنائه، لكن لم يبق أي منهم يمثل نفوذا سياسيا داخل حزبهم لفترة طويلة.
وسياسيا، على الأقل، كان يُنظر إلى كل منهم بدرجات متفاوتة على أنه طاقة مستنفدة.
وكان هربرت هوفر آخر رئيس مهزوم يحاول أداء دور صانع القرار بعد تركه منصبه، الذي وضع نفسه للترشح مرة أخرى بعد خسارته في عام 1932 أمام فرانكلين روزفلت، وأصبح زعيما للجناح المحافظ للحزب الجمهوري. وبينما كان يتمتع بنفوذ كبير لسنوات، لم يحظ بالترشيح مرة ثانية.
وبالنسبة لترامب، الذي يهتم بـ”الفوز، الفوز، الفوز” أكثر من أي شيء تقريبا، فإن كونه معروفا بالخاسر سيكون أمرا لا يطاق. وفي يوم الانتخابات، خلال زيارة لمقر حملته، تحدث عن ذلك بصوت عال. وقال للصحفيين والموظفين: “الفوز سهل.. الخسارة ليست سهلة أبدا. ليس بالنسبة لي”.
ولتجنب مثل هذا المصير، سعى الرئيس يوم الأربعاء لإقناع أنصاره بأن الانتخابات كانت مسروقة لمجرد أن سلطات الولاية والسلطات المحلية كانت تعد الأصوات بشكل قانوني. من الواضح أن حقيقة عدم صحة ذلك لم تكن مهمة له كثيرا.