اعتبر الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أنه لا يجوز للسلطات الفرنسية أو غيرها أن تحمّل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد لدين هذا الشخص أو لأتباع هذا الدين، معبرا في نفس الوقت عن الإدانة الشديدة لحادثة مدينة نيس الفرنسية التي يرفضها الإسلام أيضا، ودعا السلطات الفرنسية لعدم السماح باستمرار هذا العدوان وهذا الانتهاك وهذه السخرية.
موقف جاء خلال كلمة متلفزة له في ذكرى ولادة رسول الله محمد (ص) وحفيده الامام الصادق (ع) وأسبوع الوحدة الإسلامية، حيث أشار إلى أن لرسول الله محمد (ص) معجزة حيّة إلى يوم القيامة تشهدها كل الأزمنة، وهي كتابه المقدّس الذي أنزله الله على قلبه وهو القرآن الكريم، معتبرا أن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظًا بهذا الشكل الدقيق فهو بحدّ ذاته معجزة بالرغم من وجود كل الدواعي لتزويره وتحريفه”.
ولفت سماحته إلى أن أعظم إنجاز للنبي محمد (ص) هو الإنجاز الإنساني الذي تحقق على يديه، وهو التحوّل العميق والهائل في مجتمع شبه الجزيرة العربية، مشيار إلى أن التحول الإنساني الهائل في شبه الجزيرة العربية أنجزه النبي محمد (ص) وشكل قاعدة للتغيير العالمي.
السيد نصر الله قال إن هذا النبي العظيم يحمل له جميع المسلمين من التقديس والاحترام والتقدير، ما لا يحملونه لبشري آخر مع محبتهم وتقديرهم لكل الأنبياء والأولياء والصالحين، لافتا إلى أن من أهم النقاط الاجماعية عند المسلمين هي إيمانهم بمكانة وعظمة النبي محمد (ص)، وأنهم ينظرون إليه أنه الانسان الأكمل والأعظم وأقرب المخلوقات الى الله تعالى.
الأمين العام لحزب الله لفت إلى أنه لا يمكن للمسلمين أن يتحملوا أي إساءة أو إهانة تتوجه إلى الرسول العظيم، وهم يعتبرون أن الدفاع عن كرامة نبيّهم في أعلى الأولويات التي تتقدم على كل المصالح والحسابات الأخرى، وقال “حادثة مدينة نيس الفرنسية ندينها بشدّة ويرفضها الاسلام الذي يحرم قتل الابرياء أو الأعتداء عليهم وكل حادثة مشابهة سبقت أو تأتي هي مرفوضة بالدرجة الأولى من موقع الاسلام”.
السيد نصر الله أضاف “لا يجوز للسلطات الفرنسية أو غيرها أن تحمّل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد لدين هذا الشخص أو لأتباع هذا الدين”.
و تساءل، لو قام رجل مسيحي بارتكاب جريمة من هذا النوع وهذا حصل في فرنسا، وأضاف، هل يصحّ أن يخرج أحد ويقول “أن الذي يحمل مسؤولية هذه الجريمة المسيحيون في العالم؟”.
وتابع في ذات السياق، أن أميركا اليوم ترتكب مجازر في كل أنحاء العالم، وهم يعترفون بقتل مئات الآلاف في هذه الحروب، فهل خرج أحد من المسلمين واتهم المسيحيين بهذه الجرائم لأن الرئيس الاميركي مسيحي؟
ورأى أن احترام الإسلام كديانة يتطلّب عدم استخدام مصطلحات الارهاب الاسلامي والفاشية الاسلامية، مشيرا إلى أنه إذا أساء بعض المسلمين إلى الاسلام فهذا لا يعطي الحق لأي جهة بالإساءة إليه.
السيد نصر الله أشار إلى الفكر التكفيري الإرهابي الذي تبنّى القتل لمجرد الاختلاف الفكري في منطقتنا حمته الدول الغربية، داعيا الغرب أن يبحث أولاً عن مسؤوليته بشأن الجماعات التكفيرية.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية دعمت ومولت الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق، مؤكدا أن لا علاقة للرسول والأمة الاسلامية بجرائم الجماعات التكفيرية، كما رأى أنه ينبغي على الأميركيين والأوروبيين أن يعيدوا النظر بسلوكهم باستخدام الارهابيين كأدوات في المشاريع السياسية والحروب.
ولفت إلى أن استخدام هذا النوع كأدوات يجب أن يتوقف، وإلاّ “سوف تشاركون في دفع أثمان هذه الأخطاء”، لافتا إلى أن الأزمة بدأت عندما نشرت المجلة الفرنسية المشؤومة الرسوم المسيئة للرسول.
كما أشار إلى أن السلطات الفرنسية بدل معالجتها الموضوع دخلت في حرب من هذا النوع وعاندت بالإكمال بالرسوم الساخرة.. وشدد على أنه بدلاً من معالجة التداعيات يجب على السلطات الفرنسية أن تعالج أسباب الأزمة.
وتحدث عن شواهد كثيرة بأن السلطات الفرنسية قمعت حرية التعبير في مسائل أقل حساسية من الإساءة للرسول، وضرب مثالا الفيلسوف روجيه غارودي، الذي طرح نقاشاً أكاديمياً حول استغلال الهولوكوست ورغم ذلك حكم عليه بالسجن.
السيد نصر الله اعتبر أن حرية التعبير في فرنسا وأوروبا ليست مطلقة بل مقيدة باعتبارات أمنية وسياسية، مضيفا “عندما يمسّ أي شيء باسرائيل تقف حرية التعبير في فرنسا والأمثلة كثيرة”، وسأل “لماذا تقف حرية التعبير عند معاداة السامية؟”.
وتمنى وطالب بإعادة النظر في مفهوم حرية التعبير خصوصاً عندما يهتك الكرامات، وتوجّه للسلطات الفرنسية بالقول “يجب أن تفكروا بمعالجة هذا الخطأ الكبير الذي تمّ ارتكابه ويجب أن تعودوا الى الأساس وهذا ليس خضوعاً للارهاب”، مضيفا “لا تسمحوا باستمرار هذا العدوان وهذا الانتهاك وهذه السخرية”، وتابع قائلا ” الاساءة لكرامات أنبيائنا أمر لا يقبل به أي مسلم في العالم”.
ولفت إلى أن الأنظمة العربية التي تطبّع لا تستطيع أن تسكت أو تغطي مسًّا بنبي هذه الشعوب المقدس عندهم، متوجها للسلطات الفرنسية بالقول إن هذه المعركة التي تصرّون على الذهاب بها ستخسرون فيها، فأين مصالح فرنسا في علاقاتها مع العالم الاسلامي اذا أرادت الاستمرار في هذا الوضع؟ ورأى أن مسؤولية معالجة ما جرى تتوقف اليوم على أداء السلطات الفرنسية.
السيد نصر الله توقّف عند الجماهير اليمنية التي اجتمعت للاحتفاء بمولد النبي والدفاع عنه، رغم الحصار والحرب، مؤكدا على ضرورة التوقف عند الدلالات القوية لحضور الشعب اليمني في ميادين الدفاع عن النبي (ص) رغم كل الصعوبات.
وأضاف “يجب أن يقرأ المسلمون والعالم بخلفية ايمانية ودينية هذا الذي شاهدناه في الأمس في اليمن”، وأنه يجب أن يتشكل تيار كبير في العالم العربي للضغط في سبيل إنهاء الحرب الظالمة على اليمن وهذا أقل الواجب.
ورأى أن أعظم ما يمكن أن يقدمه مسلم اليوم للنبي محمد (ص) هو الوقوف إلى جانب اليمنيين.
السيد نصر الله أعلن عن إطلالة له في 11/11 بذكرى يوم شهيد حزب الله، ليتحدث بموضوعات إضافية، متطرقا إلى الشأن الحكومي، وأنه لا يمكن الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال، قائلا “معطياتنا تقول إن أجواء تأليف الحكومة جيدة ومقبولة”، مؤكدا “سنتعاون وسنسهل تأليف الحكومة”، معتبرا أن “الوقت الآن ليس للمناكفات في الداخل اللبناني”.
وتطرق في نهاية كلمته إلى ارتفاع أرقام الإصابات بفيروس كورونا، مؤكدا “أعيد وأذكر أن التساهل في مواجهة كورونا هو غير أخلاقي وإنساني وشرعي”، معتبرا أن مسؤولية مواجهة كورونا ترتبط بالجميع حكومة وشعباً وليس بوزارة الصحة فقط.