الدكتور سامر ماهر عبدالله – خاص ليبانون تايمز
أصبح واضحاً أن لبنان لم يعد يحتمل أي فراغ، وأنه أصبح على مفترق خطر وهو معرض للتشظي إن لم يتم إنقاذه سياسياً واقتصادياً.
ويبدو أن بعض العقبات الأساسية التي منعت سعد الحريري من العودة الى السلطة – قد ذللت – وعلى الأرجح بضمانة فرنسية، دون أن يعني ذلك أن علاقته مع السعودية قد عادت إلى سابق عهدها المزدهر.
ومن البديهي أن الإصلاح الاقتصادي والاداري في لبنان مرتبط بشكل وثيق بالإصلاح السياسي رغم مكابرة البعض وعنادهم ورفضهم لفكرة الدولة المدنية فاتضح انهم لا يريدون اتفاق الطائف من الأساس.
إن مخاض انتاج الحكومة الجديدة ليس بالأمر السهل في ظل الشكوك المتبادلة بين القوى المحلية والدولية، لذلك سيتم هذه المرة أيضاً الاتفاق على شكل ومضمون الحكومة مسبقا قبل السير بالاجراءات الدستورية.
ومن الأمور التي ستفرض نفسها على الحكومة الجديدة هو الاتفاق على اطار التفاوض غير المباشر برعاية الأمم المتحدة على ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وسيحاول الرئيس سعد الحريري الدخول على خط هذا الانجاز ومواكبته لأهمية الكبرى، وسيكون على الحكومة الجديدة تجنيب لبنان الاحتدام الاقليمي الذي بلغ ذروته، عسى تحصل تسويات بعد انتهاء الانتخابات الاميركية تعيد بعض الهدوء الى المنطقة.
ومن الأمور التي يتوجب على الحكومة الجديدة التصدي لها هو ملف الاصلاح السياسي وتطوير النظام الدستوري، وأعتقد أن الرئيس سعد الحريري يستطيع أن يكون شريكاً أساسياً في هذا الملف لكونه من الحريصين على استكمال اتفاق الطائف، ولأن حيثيته السياسية تؤمن التوازن المطلوب وطنياً للنهوض بلبنان نحو دولة مدنية كما ينادي مراراً وتكراراً بذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري.
العقد الاجتماعي الجديد أصبح ضرورياً لإنقاذ لبنان، وح ز ب الله مع هذا الطرح بشرط أن يحصل بالتوافق كما عبر عن ذلك أمينه العام السيد حسن ن ص رالله.
كما أن الرئيس الفرنسي ماكرون يتبنى من البدء فكرة مشروع عقد اجتماعي جديد للبنان وأعتقد أن هذا المشروع له تأييد مصري – سعودي طالما لا يخرج عن روحية اتفاق الطائف.
لذلك، أرى أن الدور الأساسي للحكومة التي قد يرأسها سعد الحريري يجب أن يبدأ من إنتاج لبنان سياسي جديد، والظروف مؤاتية، وهذا ما سيؤمن الغطاء الوطني لاضعاف الخط الفيدرالي التقسيمي وللشروع في الاصلاح الاقتصادي والاداري الجدي.
إلى جانب ذلك، فإن جميع القوى مدعوة أن تثبت تعاليها عن منطق المحاصصة، وأن يكون الاصلاح الاداري – الاقتصادي مشروع جدي ومتماسك طويل الأمد يؤسس لثقافة النزاهة والشفافية.