غسان همداني – ليبانون تايمز
تعاني معظم بلدان العالم مأساة وباء الكورونا، بما فيها البلدان التي تشهد اضطرابات أمنية وحروب اهلية، لكنها لاتعاني من ارتفاع الاسعار بشكل جنوني وفقدان المواد الأولية من الأسواق، ولا يعيش مواطنوها ذل الوقوف طوابير أمام محطات الوقود او حتى محلات البيض وغيرها.
ينفرد لبنان، وهو متميز بفرادته، بهذه الميزة، والأنكى أن المواد المفقودة هي المواد المدعومة من الدولة، فالوقود يختفي من الأسواق بين ليلة وضحاها، بالرغم من تأكيد نقابتي الموزعين واصحاب المحطات أن لا أزمة!!! فترتفع خراطيم المحطات وتقفل مداخلها، وبعضها يمَن على المواطنين بليترات معدودة، ما يسمح لهذه المحطات التلاعب بعداد التعبئة، لتصبح صفيحة البنزين 17 ليترا أو أقل، وهذا المشهد مسلسل اسبوعي.
المواد الغذائية (المدعومة) تحتاج الى فانوس علاء الدين للعثور عليها، وطالما أن تاريخ صلاحيتها يمتد الى عام 2021 او أكثر، فلا بأس من تخزينها في المستودعات لبيعها في حال رفع الدعم بأسعار خيالية، أو إعادة تعبئتها بأسماء أصناف غير مدعومة وبيعها بسعر مرتفع.
الدواء طار عن رفوف الصيدليات بسحر ساحرقبل ثلاثة اشهر من ارتفاع الدعم، وما ينطبق على المواد الغذائية ينطبق على الدواء، فيحكى أن شركات الأدوية تمتنع عن تزويد الصيدليات بحجة عدم القدرة على فتح الاعتمادات، بينما تختنق مستودعاتها بالأدوية، بانتظار الآتي من رفع الدعم، ما يزيد من تضخم أرباحها المتضخمة أصلا.
حكاية المواطن مع الخضار والفواكه فيلم هندي، لبنان بلد الحمضيات يتراوح سعر كيلو الحامض فيه بين خمسة آلاف وسبعة آلاف ليرة لبنانية، كذلك التفاح الذي يفاخر به لبنان ، اما البقدونس والنعناع والخس فحدث ولا حرج، ويصبح الخيار والبندورة منية كل لبناني، وتكر السبحة من البطاطا الى البصل والثوم وغيرها.
اللحوم والدجاج، عصييان على الشراء، واصبح حالنا يشبه حال المصريين في الأفلام، فيقيمون الأفراح وتعلو الزغاريد إن دخل البيت لحمة أو دجاج، او ينتظرون الأفراح والأتراح حيث يوزع الميسورون اللحوم عن ارواح موتاهم أو ابتهاجا بزواج أو نجاح.
يضاف الى ممارسات التجار، تصدير هذه المواد أو إعادة تصديرها، وإقفال الحدود مع سوريا وعدم استيراد حاجات لبنان من الخارج، ما يساهم في فقدانها من السوق اللبناني وارتفاع اسعارها، علما ان في العام الفائت كان المزراعون يرمون منتجاتهم في الطرقات.
تطول اللائحة ولا تنتهي، وتطول معها رحلة المواطن مع المعاناة والذل، في ظل جشع التجار وغياب دور الدولة عن المراقبة والمحاسبة، في ظل الإكتفاء بإصدار بيانات، وتحديد اسعار، ويستمر استنزاف المال العام، المدفوع من المواطنين، في دعم مواد لا تصل الى مستحقيها.
المطلوب، إما ضبط الأسواق واعتقال المخالفين أو تغريمهم بمبالغ طائلة، وإقفال المؤسسات المخالفة، أو تخصيص أماكن بإدارة وزارة الإقتصاد بالتعاون مع البلديات لبيع المواد المدعومة مباشرة للمواطنين، ووقف تصدير السلع الاساسية وفتح باب استيرادها، او وقف الدعم بالرغم مما يشكله ذلك من عبء على المواطن، إلا أنه يبقى أخف وطأة من فقدان احتياجته اليومية، وبالتالي يقطع الطريق على التاجر حتى لا يأكل مال الفاجر.