غسان همداني – ليبانون تايمز
” يجب أن نضع نصب أعيننا بناء نظام سياسي حديث،
نظام برلماني ديمقراطي، نشارك جميعا في صنعه،
لايكون ديمقراطي المظهر وطائفي الجوهر”
الرئيس نبيه بري.
يعيش لبنان اليوم ذكرى مرور مائة عام على إعلان دولة ” لبنان الكبير”، الدولة التي ولدت بمقص وإبرة فرنسيين، وسلمت مقاليد السلطة الى طائفة معينة لأسباب عدة منها: ولاء هذه الطائفة المطلق لفرنسا وعدائها مع محيطها العربي، وقطع الطريق على التحاق المسلمين بالدولة العربية في سوريا.
بعد نيل الإستقلال، اتفق كل من بشارة الخوري ورياض الصلح على ما سمي ب “الميثاق الوطني”، والذي كرس الصلاحيات التي منحها الفرنسيون للمسيحيين، مقابل مشاركة شكلية من المسلمين (السنة) في السلطة التنفيذية، واقصاء طائفتي الشيعة والدروز وغيرهما.
في ستينات القرن المنصرم، وصل الى لبنان السيد موسى الصدر الذي سرعان ما اعلن رفضه للحرمان الذي تعانيه الطائفة الشيعية بشكل خاص، وباقي الطوائف والمناطق بشكل عام، وبعد الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، برزت حركة أمل، كقوة مقاومة كسرت هيبة الجيش الذي لا يقهر، وقوة سياسية فرضت نفسها لاعبا اساسيا على الساحة الداخلية، وصولا الى تسلما رئاسة المجلس النيابي، وتحول رئيسها الى قطب الرحى في الحياة السياسية.
بعد التحرير في العام 2000، وما بعد حرب تموز في العام 2006، وامتلاك المقاومة السلاح والقدرة على فرض معادلة الرعب مع العدو الإسرائيلي، والإتفاق والتنسيق الكامل بين حركة أمل وحزب الله ، تحولت الطائفة الشيعية الى رقم صعب، لا يكسر، ولا يحرق، ولا يمكن تجاوزه.
بعد انتهاء الحرب الأهلية ، وإعلان إتفاق الطائف، برعاية عربية وغربية، أعلن رئيس حركة أمل نبيه بري ان إتفاق “الطائف أسوأ إتفاق داخلي من حيث التطبيق وقد رضينا به لحفظ البيت الداخلي”.
هذا الإتفاق، قلص من صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مجلس الوزراء، وأبقى على حصر المفاصل الأساسية بيد المسيحيين (قيادة الجيش، مديرية المخابرات، حاكمية مصرف لبنان …)، على أساس مرحلة إنتقالية لحين إلغاء الطائفية السياسية، وإنتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وتشكيل مجلس الشيوخ، الأمر الذي لم يحصل.
في العام 1975 رفض الإمام السيد موسى الصدر عزل حزب الكتائب، حتى لا يؤدي الى عزل المسيحيين في البلد، وما لا نقبله على غيرنا لن نرضاه لأنفسنا، والذي يحاول العودة الى ما قبل إتفاق الطائف، نرد عليه بلسان الرئيس نبيه بري “أقول لمن يدعي ملكا له وحده في لبنان أن تاج 1943 رفسته اقدام المحرومين”.
ما زالت الطائفة الشيعية متمسكة بإتفاق الطائف، والمطلوب تطبيقه بدءا بإلغاء الطائفية السياسية ، وتنفيذ الإصلاحات، وإعلان الدولة المدنية، وصولا لدولة المواطنة، وتحقيق العدالة الإجتماعية، وإلا وبلسان الإمام السيد موسى الصدر” فليسقط هذا النظام غير مأسوف عليه”.
ما كان مقبولا في العام السابق، في ظل ضعف وإستضعاف الطائفة الشيعية، لم يعد مقبولا مع خروج المارد الشيعي من القمقم، وتنامي القوة السياسية والمالية لها، وعلى حد قول الرئيس نبيه بري” لن نقبل بعد الآن أن نكون السود في جنوب أفريقيا”، واي محاولة استضعاف ستكون عواقبها وخيمة على المستويات كافة، وستؤدي الى البحث بإعادة تشكيل النظام في لبنان، وهو ما طرحه الرئيس الفرنسي ماكرون أثناء زيارته الى لبنان، وعندها لن ترضى الطائفة الشيعية إلا بصلاحيات تناسب عددها، وقوتها السياسية.