نورا علي اسماعيل – خاص ليبانون تايمز
ما من صغير أو كبير، إلا ويعرفه.. ما من بلد إلا وعاش معاناته معه.. ما من منزل إلا وخائف منه… إنه كورونا، كيف لا وهو وباء عالمي بامتياز، لم يسلم منه الكبير ولا الصغير، لا العجوز ولا الرضيع. الآف الإصابات يوميا في كافة بلدان العالم، بلا استثناء، لينتقل لبنان من المرحلة السفلى في عدد الاصابات والوفيات الى مرحلة مميزة، ومخيفة حيث أن الجميع يعيش بتوتر دائم، خصوصا وأنه قد أصاب الطاقم الطبي وفتك فيه.
كثيرة هي الفئة في المجتمع اللبناني التي مازالت حتى يومنا هذا غير مقتنعة بفيروس كورونا، رغم أنه لم يبدأ في بلدنا، بل انتقل من البلاد الاكثر تطورا وعظمة مهددا كل فرد منا. ابن الـ 24 عاما العامل كممرض في مستشفى لبناني، ع. ن، والذي كان منذ بداية الفيروس في لبنان، يعمل في المستشفى، عالما بدوره مدى خطورة هذا الوباء، وخصوصا بعد الاحتكاك بمرضى كورونا، متخذا كافة الاجراءات الوقائية التي أوصت بها وزارة الصحة من ارتداء كمامات، التباعد الاجتماعي الى التعقيم، لكنه لم يسلم، فاحتكاكه بمريضة كورونا، وتكون زميلته في العمل، والتي لم تعرف باصابتها الا قبل ايام من وفاتها، جعلته في بوتقة المشتبه باصابتهم بفيروس كورونا. وبعد أن اجرت المستشفى فحوصات الـ PCR للطاقم الطبي، تبينت النتيجة ايجابية… وبدأت رحلة الشاب مع كورونا.
وفي حديث مع موقع “ليبانون تايمز”، يروى الشاب قصته، ففي البداية ظهرت عوارض لدى الطاقم الطبي في المستشفى، وهم أصدقاء الشاب، وبعد الزكام الشديد، مع الحرارة العالية، أجريت فحوصات الـ PCR، وتبينت ايجابية النتيجة، ليُحجر بعدها كامل الطاقم، وبعد يومين ظهرت العوارض عند الشاب تتلخص بوجع الرأس، وانحطاط كامل الجسم، فتركه أهله في المنزل وخرجوا، ليبقى وحيدا في منزله، تؤانسه عوارض فيروس كورونا. يقول الشاب: ” بعدها ازدادت العوارض، وتعبت كثيرا، ليرافقني السعال القوي، ولكن بصفتي دارس لمهنة التمريض كنت على أتم الجهوزية بكافة أدوية الطوارئ في المنزل”، مضيفا بقيت بفترة الحجر أكثر من شهر، وحيدا في المنزل، وكان والدي وأصدقائي يحضرون لي ما احتاجه من طعام وشراب وأدوية. وبعد أربعة أيام بدأت العوارض بالانحسار، حتى اختفت كلها، الا فقدان حاستي الشم والتذوفق التي رافقتني لمدة شهر آخر، حتى ما عدت أذكر طعم اي من المأكولات.
وذكر أن تجربته كانت كثيرة المرورة عليه وعلى أهله وأصدقائه، ورغم أنه نجى بأعجوبة من فيروس كورونا، نادى كل فرد لا يتخذ اجراءات الوقاية أن يعي خطورة الامر، خاصة أنه وصل الى الكوادر الطبية، الامر الذي يعني أننا في كارثة عظمى، كارثة يمكنها أن تجعل كل بيت من بيوتنا يفقد عزيزا على قلبه، متأسفا على من لا يصدق حتى الآن وجود فيروس كورونا في لبنان، قائلا: “اني أضحي بنفسي، وبكل ما أملك من أجل كل مريض، وكل لبناني، فهل تضحيتي وتضحية زملائي ستذهب سدى؟ فاذا الجسم التمريضي تعرض لفيروس كورونا كما يحصل، فلن يبقى أحد بلا كورونا”.
كثيرة هي الأحزان التي ترافقنا في أيامنا هذه، ما من مواطن إلا والأذى والأوجاع ملازمة له. حتى لا نتمنى الرجوع الى الوراء للحظة، لننقذ مريض كورونا، علينا باتخاذ الاجراءات اللازمة، علينا ان نتذكر كل من هو غال على قلوبنا… لأن فيروس كورونا ليس مزحة، وليس صفقة سياسية تعقدها الحكومة… الكادر الطبي بخطر، فعلى الدنيا السلام… كورونا ليس لعبة.