ليبانون تايمز ـ خلود شحادة
على غفلة يغادرون، تحت عجلات الموت السريع تُدهس الأحلام، فعدّاد الموت على طرقات لبنان يسجّل يومياً إصاباتٍ وضحايا، لتفجع كل يوم عائلة جديدة بفقد عزيز.
لم يمرّ يوم أمس مرور الكرام على عائلة الحسيني، فما إن هرولت لين ولحقتها ليا بانتظار بائع البوظة في بلدة مليخ الجنوبية، باغتهما على الطريق سارق أحلام يقود بتهورٍ سيارته، لتذبل ورود العمر قبل أوانها…!
ليا ولين، ضحيتان جديدتان لحوادث السير في بلد طرقاته غير مؤهلة، ومواطنوه بلا مسؤولية، ليسلب الموت طفلتين من حضن أمٍ ثكلى وأب مفجوع بالفراق.
ليست العائلة الأولى التي تفجع بسبب الموت المتنقّل على الطرقات وحتماً لن تكون الأخيرة، ففي حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أكد رئيس الأكاديمية الدولية للسلامة المرورية كامل ابراهيم أن المأساة مستمرة طالما أن الدولة لم تعمل على وضع استراتيجية محددة لمعالجة الأسباب التي تؤدي الى وقوع الحوادث، لافتاً الى أنه منذ سنين يتكرر السيناريو نفسه، من دون تشخيص السبب الذي أدّى الى وقوع هذا الحادث المعين لمعالجته والحؤول دون وقوع حوادث أخرى لنفس السبب.
وأوضح ابراهيم أن لا أرقام دقيقة بالنسبة لعدد الحوادث السنوية، مشيراً الى أن عامنا الحالي (2020) شهد تعبئة عامة وحظر تجوّل لأشهر، لذا لا يمكن مقارنة هذا العام مع الذي مضى، لافتاً الى أن احصاءات عام 2019 لم تكتمل بعد.
وأضاف: “تعتبر الأرقام التي تصدر عن قوى الأمن الداخلي أولية، أما بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية فتقول احصاءاتها بأن لبنان يسجّل 18 قتيلا بحوادث السير لكل مئة الف نسمة، بينما تسجل الدول المتقدمة بين 4 الى 6 قتلى لكل مئة الف نسمة”.
بدوره، ممثل منظمة السلامة العالمية لدى الأمم المتحدة الدكتور الياس شويري، اعتبر أن السبب الأساسي لارتفاع عدد ضحايا حوادث السير هو عدم تطبيق القانون الذي يعتبر في لبنان “حبر على ورق”، فالمواطن اللبناني بات يصرّ على المخالفة حتى أمام عناصر قوى الأمن الداخلي بعد أن فقدت الدولة هيبتها وقدرتها على تطبيق القوانين وكبح المخالفات، كما أن الطرقات التي تفتقر للإنارة والانماء تشكّل أيضاً عاملاً أساسياً لحوادث السير.
وانتقد شويري المتابعة الاستنسابية غير المدروسة لتطبيق القانون من قبل المعنيين عبر اقامة الحواجز لفترات في الأحياء والشوارع، وغيابها عن الطرقات السريعة “الاوتوستراد”.
وأكد شويري أن للرادع الشخصي دوره أيضاً، فعلى المواطن أن يتمتع بالمسؤولية الذاتية لحماية نفسه وأرواح الآخرين.
من له عمر لا تقتله شدّة، ولكن في لبنان يقتله التهوّر بالقيادة. فما يحصل من حوادث سير على الطرقات اللبنانية ليس بقضاء وقدر، انّه اهمال متعمّد من مواطن يضرب بالقانون عرض الحائط، ومن دولة نائمة لا تدرك مخاطر القيادة على طرقات متروكة لضمائر المتعهدين الميتة.