في إطار الحرب النفسيّة التي يشنها كيان الاحتلال الإسرائيليّ ضدّ حزب الله بهدف تأليب الرأي العام اللبناني والعربيّ ضدّه وشيطنته، زعم المستشرق الإسرائيليّ، تسفي بارئيل، في مقال نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة، زعم أنّه كلّما اشتدّت الأزمة الاقتصادية يزداد الغضب العام على حزب الله الذي يتولى حقيبة الصحة، والذي اعتبر المسؤول عن فقدان السيطرة على مكافحة كورونا، ، كما قال.
والأهم من ذلك، شدّدّ المستشرق، يظهر حزب الله كمن يضر بفرص لبنان في الحصول على المساعدات الاقتصادية والقروض التي يطلبها من صندوق النقد الدولي. يطمح لبنان بالحصول على قرض بمبلغ 20 مليار دولار وتحرير أموال التبرعات التي تبلغ 11 مليار دولار، التي وعد بها لبنان في مؤتمر الدول المانحة الذي انعقد في 2018، طبقًا لأقواله.
ولفت إلى أنّه خلال المفاوضات الأخيرة مع صندوق النقد الدولي فشلت وانتهت بالصراخ بعدما تبين أنّ الصندوق، بتأثير من أمريكا، وضع شروطًا قاسية لمنح القرض، وهذه الشروط لا تشمل فقط إصلاحات اقتصادية عميقة، بل تطالب بإبعاد حزب الله عن الحكومة، مُضيفًا أنّ مسألة المساعدة تتسبب في الحقيقة بخلافات في وجهات النظر بين دول أوروبا المستعدة لإيجاد طرق لمنع انهيار مطلق للبنان، وبين الإدارة الأمريكية التي يبدو وكأنها قررت تحييد حزب الله كجزء من سياسة كبح النفوذ الإيراني حتى لو بثمن دمار الدولة، كما أكّد في مقاله.
ولفت بارئيل، الذي يعمل مُحللاً للشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس)، لفت إلى أنّه في الشهر الماضي، دخل قانون العقوبات على سوريّة، الذي يمنع التعاون بكل أشكاله مع النظام السوري، إلى حيز التنفيذ، ولبنان الذي يشكل دولة عبور للبضائع إلى سوريّة ومنها، هو إحدى الدول التي يمكن أنْ تتضرر بصورة شديدة من هذه العقوبات، وقدم في السابق طلبًا لإعفائه من العقوبات، ولكن الإدارة الأمريكية أوضحت بأنه “لن تعفى أي دولة، ولو كانت صديقة”، وأنّها تفحص الآن طرقاً لمنع قوات اليونفيل من شراء سلع في مدن جنوب لبنان التي يسيطر فيها حزب الله، كي تغلق طريقًا أخرى للتمويل الذي يصل إلى حزب الله، طبقًا لأقواله.
وزعم أنّه في خطابه الأخير الأسبوع الماضي ظهر الضغط على نصر الله، وهو الآن لا يضع شروطاً، لكنه يقترح بدائل. حسب أقواله، تعدّ الصين قناة مساعدة إيجابية. “إذا أرادت الصين الاستثمار في لبنان، فهذا لا يعني أننا نريد تحويل لبنان إلى دولة شيوعية”. وهو يطالب بعدم استبعاد المساعدات الإيرانية، لأن ذلك لا يعني أننا نريد تطبيق النموذج الإيراني في لبنان… و”لا نستطيع تقليده لأنّ إيران دولة ذات قدرة على أنْ توفر لنفسها معظم احتياجاتها الزراعية والصناعية. لذلك، استطاعت الصمود أمام العقوبات والحروب خلال أربعين سنة”.
ولكن، استدرك المستشرق، لشراء النفط من إيران والسماح للناقلات الإيرانية بالوصول إلى موانئ لبنان، كما أن إيران تبيع نفطاً لفنزويلا، هذه احتمالية يجب فحصها، حسب رأي حزب الله، وأوضح نصر الله بأن منظمته تجري مفاوضات مع إيران في محاولة لترتيب بيع النفط مقابل الدفع بالليرة اللبنانية وليس بالدولار. ولتنفيذ الصفقة بدون اتهام لبنان بخرق العقوبات على إيران، سيكون على الناقلات الإيرانية الرسو في موانئ سوريّة وأن تفرغ الحمولة فيها، ومن هناك تنقل براً عبر إلى لبنان.
ولكن ثمة مشكلة أخرى، أشار المستشرق، وهي أنّ نقل النفط الإيراني عبر الحدود السورية إلى لبنان قد يعتبر خرقاً لقانون العقوبات على سوريّة، فيضع لبنان في مسار تصادم آخر مع الإدارة الأمريكية، ويبدو أن حزب الله يمكنه تجاوز هذه العقبة إذا قرر استيراد النفط السوري بنفسه، أي السيطرة على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريّة، وتجنيد صهاريج نفط والتحول إلى مستورد، لكن هذه تبقى احتمالية نظرية، لأنها تعني خرقًا صارخًا لسيادة الدولة وتحويل لبنان بشكل رسمي إلى دولة حزب الله.
وخلُص إلى القول أنّه إذا لم يتمكن لبنان من الحصول قريبًا على قرض بالدولارات، فقد تضطر الحكومة نفسها إلى خرق قانون العقوبات كي تستطيع توفير النفط المطلوب لها ولو كان ذلك من أجل الاحتياجات الأساسية، على حدّ تعبيره.