خلود شحادة – ليبانون تايمز
يغفى المواطن كل يوم، والخوف لا يفارقه من غدٍ غير واضح المعالم، ومصير مجهول.
أمعاء خاوية تصارع الأزمة، خزائن البيوت فارغة، محلات مقفلة، طوابير أمام الأفران بانتظار ربطة خبز… ومحطات المحروقات أعلنت تقنين بيع المازوت، وأصحاب المولدات الكهربائية يعلنون شح كميات المازوت المتوفرة، فبات المواطن يعاني مرارة التقنين حتى في فاتورته الكهربائية الثانية. فهل هناك من أزمة محروقات تلوح في الأفق؟
في هذا السياق، اشار ممثل موزعي المحروقات ومستشار نقابة المحطات فادي ابو شقرا في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، الى أن اليوم هناك تقنين بتوزيع مادة المازوت، بسبب الشح بهذه المادة، موضحا أن الشح الحاصل مردّه الى التأخّر بفتح الاعتمادات للدولة اللبنانية والشركات المستوردة عبر المصارف وعبر مصرف لبنان، لافتاً إلى أن هذا الملف يواجه بعض التعقيدات، مما أدّى إلى تأخّر البواخر وظهور بوادر أزمة محروقات.
وكشف أبو شقرا أن اتصالات جرت مع رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء المعنيين لمعالجة هذا الموضوع، مشيراً الى أنه خلال هذا الأسبوع يبدأ الانفراج.
وعن تسلّم محطات الوقود مادة المازوت بزيادة 3500 ليرة لبنانية عن السعر الأساسي، أكد أبو شقرا متابعة هذا مع الموضوع مع وزيري الاقتصاد والطاقة، لأن 10% التي تدفعها المحطات بالدولار زادت قيمتها كثيراً بعد أن وصل سعر صرف الدولار الى 8000 ليرة لبنانية في السوق السوداء، مما زاد العبء على أصحاب المحطات، داعياً الدولة الى ممارسة مهامها، ومشدداً على أننا “نعيش في لبنان، فيجب أن نشتري ونبيع بالليرة اللبنانية”.
وعن اقتراح وزير الاقتصاد الذي يقضي برفع الدعم عن المحروقات، اعتبر أبو شقرا أن هذا الاقتراح خطير، مشدداً على ضرورة قيام الدولة بواجبها عن طريق تأمين الدولار على السعر الرسمي (1515).
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جزيني أن البنوك المراسلة التي تسلّم الأموال للشركات التي تصدّر المازوت للبنان، لم تعد تسلم لبنان المادة الا اذا توفّر المبلغ كاملاً، وهذا القرار جاء بعد تخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد اللبناني، شارحاً أن هذه الخطوات دفعت الدولة اللبنانية الى التواصل مع ناقلات النفط الموجودة في البحر التي تسمى “in call” لتأمين النفط، اضافة الى فتح الاعتمادات وفحص الجودة للنفط المستورد.
وعن عملية تأخير الدفع، أوضح الدكتور جزيني أن البعض يعتبر أن هذا الملف من مهام مصرف لبنان، وبدوره مصرف لبنان يحمّل المسؤولية لوزارة الطاقة بعدم تأمين المستندات المطلوبة.
واعتبر أن هذه كلها عوامل تؤخر عملية استيراد النفط، اضافة الى المرحلة الانتقالية الدقيقة جداً التي يمر فيها البلد، والتي تتضمن تغيير بالآليات التي كانت تعتمد سابقاً.
وأكد أن مصرف لبنان لا زال يمتلك “الدولار” ولا تنقطع المحروقات الا بحال انقطاع الدولار، أي أن المصرف لا زال لديه القدرة على تأمين الاحتياجات، داعياً الى عدم التهويل على الناس لتحقيق المكاسب وخلق الذعر حول أزمة محروقات غير موجودة.
في بلد يتخبّط بالأزمات، يعيش المواطن على حافة هاوية، صرخة تخبره بأن السقوط قريب، فيحاول التمسّك بأي حبل نجاة. ولأننا في بلد المحتكر فيه “حقو محفوظ”، يسارع تجار الأزمات للعب بمخاوف الناس كأن مشهد ذل المواطنين لتأمين حاجياتهم، يشبع جشعهم، وللأسف في كل مرة يكون المواطن ضحية مخاوف السقوط وشريكاً في اذلال نفسه.