ليبانون تايمز ـ عبير شمص
بعد إقفال لأكثر من شهرين بسبب فيروس كورونا المستجد، سمحت وزارة الداخلية والبلديات عبر مذكرتها التي تقتضي بدء تطبيق المرحلة الثانية من تخفيف إجراءات التعبئة العامة بعودة المطاعم والفنادق والمراكز السياحية إلى العمل، وفتح أبوابها للزبائن.
وبما أن الأزمة لا زالت تجر اذيالها فإن هذه العودة إلى العمل جاءت بحسب المذكرة لطيلة ايام الاسبوع ولكنها مشروطة بعدة نقاط :
التوقيت من الساعة الخامسة صباحا وحتى التاسعة مساء، ويسمح للمطاعم بفتح صالاتها على أن لا يتعدى عدد الزبائن نسبة ٣٠٪ من قدرتها الاستيعابية، بالإضافة إلى شرط عدم تقديم النرجيلة تحت طائلة إقفال المكان، واستثنيت المقاهي من قرار العودة إلى العمل.
يأتي هذا القرار في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل خيالي، يكاد المواطن البقاعي الذي ضاقت به سبل الحياة وأصبح عاجزا عن تأمين حاجاته من أدنى المتطلبات أن يأكل في منزله، فإنه من المستحيل أن يتمكن من ارتياد المطاعم في هذه الظروف.
كما أن هذا القرار لم يلقَ الترحيب الكافي والاصداء الايجابية لدى أصحاب المطاعم والفنادق السياحية ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى ضعف إمكانيات هذه المطاعم بعد هذا الوقت من الاقفال.
وعن هذا الموضوع يتحدث السيد محمد الحلاني صاحب مطعم قصر بعلبك في مدينة بعلبك لموقع ليبانون تايمز، معتبراً أن هناك العديد من الصعوبات التي تحول دون العودة إلى العمل أو بالأحرى دون عودة المياه إلى مجاريها في قطاع الفنادق والمطاعم، مؤكداً أن نسبة قليلة فقط من للمطاعم لا يتعدى ١٠٪ فتح أبوابه لاستقبال الزبائن، فيما لا يزال قسم كبير ولا يستهان به عاجزا عن مباشرة العمل من جديد في ظل الأوضاع الراهنة، ويعود ذلك إلى الخسائر البالغة لهذا القطاع بسبب الاقفال والتي تتمثل في تلف البضائع، ودفع الإيجارات للمباني لا سيما ان الدفع مسبق وعن سنة، ودفع الأجور للعاملين، وبالتالي فإن هذه المطاعم غير قادرة على شراء بضاعة مجدداً لاستئناف عملها، ومعظمها لا يزال قيد الاقفال ريثما يعيد تسوية أوضاعه ويتمكن من العودة إلى العمل.
منذ تاريخ ٤ أيار بدأت المطاعم تباشر عملها، وعن تجربته بالعودة يقول الحلاني أن الأمر صعب للغاية، والعمل في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة مستحيلا، ويعزو الأسباب إلى عدم توفر الأموال في أيدي الناس لا سيما انها توقفت لفترات عن عملها وبالتالي توقف مردودها، وتدني قيمة المدخول في ظل ارتفاع الدولار.
يكاد الإقبال على المطاعم والفنادق لا يذكر، فاليوم طيلة النهار نستقبل ما بين ٢٥ إلى ٣٠ زبوناً كرقم أقصى ، بينما كنا في السابق نستقبل ما بين ٣٠٠ إلى ٤٠٠ يوميا، فلم يعد يرتاد المطاعم سوى قلة قليلة من الناس، مؤكداً أن منع النرجيلة له أيضا أثره حيث أن أغلب الناس تقصد المطاعم لأجل تناولها، كما أن التوقيت يؤثر بشكل أو بآخر ففي السابق في شهر رمضان كنا نستمر في العمل حتى الرابعة صباحاً فترة الإمساك اليوم تضطر ان نقفل عند التاسعة، ويؤكد الحلاني أنه لا إقبال أبداً من خارج المدينة او المنطقة.
ومن جهة ثانية، والأمر هنا بالغ الأهمية، حيث يلفت الحلاني الى أننا في المطاعم بشكل عام نعاني من ارتفاع أسعار السلع الغذائية فعلى سبيل المثال الرز واللحوم والخضروات و…، والمشروبات كالبيبسي التي ارتفع سعرها بعدما أقفلت الكوكاكولا، هذا الارتفاع وضعنا أمام مشكلة أننا مضطرون لزيادة اسعارنا، ويشدد الحلاني أنه في السنوات السابقة في شهر رمضان المبارك كنا نقدم العديد من العروضات وكان الإقبال كثيفاً، كنا حينها نقدم ٢٠ صنفاً على وجبة الإفطار، اليوم نقدم ١٠ أصناف والسعر ذاته.
اذاً، لجهة الأسعار في المطعم، يؤكد الحلاني أنه لم يكن هناك مفرٌ من رفعها مع ارتفاع الأسعار، فبالنسبة للسندويشات والوجبات ارتفعت ما لا يذكر، اما وجبة المشاوي فقد ارتفعت 15 الف ليرة في ظل غلاء اللحوم ومع وصول كيلو اللحم إلى 50 الف ليرة، لافتاً أن هذه الأسعار مدروسة لتلائم الوضع الاقتصادي الراهن مع العلم ان الغلاء كان يفرض زيادة اكثر، مضيفًا ان عوامل مرافقة أثرت بشكل كبير في هذا المجال منها إقفال المعابر بين لبنان وسوريا، بالإضافة إلى نقص السيولة لدى المطاعم، فالاموال في المصارف مجهولة المصير فاضطررنا إلى الاستغناء عن شراء العديد من المنتوجات اللازمة للمطعم فبعد أن كنا في السابق نملأ المخازن والمستودعات، نحن اليوم نعمل يوماً بيوم خوفاً من المجهول القادم.
وأخيراً كثيرة هي التحديات أمام المطاعم والفنادق وكل المؤسسات وأمام المواطن أيضاً ، ومخطىء كثيراً من يظن أن الحياة ستعود إلى مجاريها سريعاً، فمعالم الازمة الاقتصادية لا زالت تلوح في الأفق وبقوة، والمواطن وحده من يدفع الثمن غالياً.