زهراء شرف الدين – ليبانون تايمز
كما كان متوقعا، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان حازما مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، خلال قمة موسكو التي جمعتهما منذ أيام، وجدد التأكيد على موقف روسيا الداعم للحكومة في سوريا وحقها في الدفاع عن نفسها وعن اراضيها و مواصلة مكافحة الارهاب.
وبالرغم من حزم بوتين مع اردوغان، الا انه راعى المصالح التركية في شمال سوريا، وكان واضحا هدف موسكو من القمة، حيث تمثل في الحفاظ على الدولة السورية وإيجاد حل يحظى بموافقة دولية، وفي الوقت ذاته حماية مصالحها.
ومع ذلك لم تنجح قمة موسكو بالقدر المطلوب، فهي تختزن عوامل الانفجار المستقبلية اكثر مما تختزن عوامل ترشيح الاستقرار، حيث اوضح المتخصص في الشأن التركي الدكتور محمد نورالدين لموقع ليبانون تايمز ان “قمة موسكو فشلت في مقاربة عدد كبير من النقاط الحسّاسة التي غابت عن متن البيان الختامي، الا انها انتجت وقفا لاطلاق النار، لكن ركائزها الشكلية والضعيفة، ستفتح في المستقبل باب التوتر العسكري من جديد”.
واعتبر نور الدين ان “وقف النار هو اعطاء نفس للاتراك للتفكير بكيفية تجاوز هذه الازمة، ومنع حدوث انفجار جديد على الصعيد العسكري” مشيرا الى ان ” الامور قد تكون اكبر من قدرة الاطراف على الصبر و البقاء ملتزمين، خصوصا ان وقف اطلاق النار بين الجيش التركي ومعه المسلحين، وبين الجيش السوري ومعه روسيا، لم يواكبه الية لتطبيقه، ولمراقبة وقف اطلاق النار او ضبطها، وهذا ما يورد امكانية تجدد اطلاق النار وان لم يكن في الاسابيع المقبلة، كون الامور مبهمة”.
ومع تأكيد الرئيس السوري بشار الاسد بخطاباته ومواقفه السياسية ان للجيش السوري الحق في مكافحة الارهاب وبسط سيادته على كافة المناطق السورية، وان كل جهة او دولة تدخل سوريا من دون الاتفاق معها احتلال، على هذا الاساس يعتبر ومعه كل القيادات السورية ومحور المقاومة ان التدخل التركي هو احتلال يجب مواجهته، وهذا ما اراد ايصاله في خطابه الاخير حيث اكد نور الدين ان” الرئيس الاسد بكلمته الأخيرة والتي توجه بها الى الشعب التركي اراد ايصال رسالة مفادها ان لا مشكلة مع الشعب التركي بل المشكلة مع ما يقوم به اردوغان بحق سوريا، وهو ما يجبر سوريا على اتخاذ كافة الاجراءات لحماية اراضيها”، وهي كلمة كان وقعها قويا في ظل الخلاف التركي الداخلي المتمحور حول التدخل التركي في سوريا خاصة بعد الضربة الاخيرة التي تلقاها الجيش التركي في سوريا.
حاول اردوغان من خلال قصفه المركز الاستشاري الايراني ربما تسليف ورقة للأميركيين انه يواجه حزب الله في شمال سوريا، باعتقاده ان الاعلان عن وجود مقاتلين في حزب الله قد يثير حفيظة الاميركيين وغيرهم لدعمه الميداني، الا انه ارتكب خطأ، واعتبر نور الدين ان “هذه الخطوة ادت الى مواجهة عسكرية ومقتل جنود أتراك في منطقة إدلب في الآونة الأخيرة، مما اثار صدمة في تركيا نتج عنها انقساما داخليا كبيرا، وتحميل إردوغان مسؤولية رمي الجنود الأتراك إلى مهلكة غير وطنية”.
موقف اردوغان وضعف مواجهة السلاح الابتزازي، جعله يلجأ الى فتح الحدود التركية امام المهجرين، وهو سبق وهدد دول الاتحاد الاوروبي فيهم، وحصل خلالها على مليارات الدولارات لقاء ايقافه هذه الاجراءات. عندما فتح الحدود امام اللاجئين.
واليه افاد نور الدين أن “فتح الحدود التركية امام المهجرين انما كان يعكس ضعف موقف اردوغان تجاه الاوروبيين وانتقامه منهم كونه في مأزق في ادلب، ولم تحظ بالتأييد الكافي من حلف شمال الاطلسي ومن الاوروبيين والولايات المتحدة الاميركية، فكانت خطوة فتح البوابات امام تدفق اللاجئين الى اوروبا عبر اليونان وبلغاريا، وهذه الخطوة تعكس محاولات اردوغان استخدام هذه الورقة لتجاوز المأزق”، مشيرا الى انه “حتى الان لا يبدو ان اردوغان نجح، لان اعداد النازحين الى اليونان واوروبا وغيرها محدودة، وموقف الدول الاوروبية جاء موحدا، وهو التنديد بالخطوة التركية واعتبارها انتهاكا للاتفاقيات المتبادلة”.
واوضح نور الدين ان “اردوغان ان لم يحصل على ما يريد بالسياسة من اوروبا وتغيير موقفها ومساعدته بشكل او باخر بالقضايا السياسية، سيجبر الدول الاوروبية على الهرع اليه لتجميد المهاجرين في تركيا، مقابل حفنة من اليورو التي ستدفعها اوروبا، وبالتالي سيعتبر انه كسب المال في هذا المجال وهو افضل من البقاء دون شيء”.
اذا محاولات اردوغان كسب مساعدات دولية له في سوريا، عكس موقفا مضادا، وهو ما يشكل خطرا داخليا عليه، وتخوفا من انقلاب جديد، واستنفارا خارجيا ايضا، لذلك لا خيار امام اردوغان سوى تجاوز الخلافات بينه وبين اي دولة تلعب دور الوسيط، للتوصّل إلى اتفاق يحد من التوترات الأخيرة.